"العربي" يدعو إلى تفعيل معاهدة الدفاع المشترك والتدخل العسكري في الأزمات العربية

  • 83
مجلس الجامعة العربية اليوم الأحد على المستوى الوزاري


أكد الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية، أن ميثاق الجامعة ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي، ومجلس الجامعة العربية بآلياته وأجهزته ولجانه الوزارية المختلفة، يوفرون للجامعة العربية إطارًا قانونيًا وسياسيًا يسمح للجامعة بالقيام بكل المهام اللازمة لمساعدة أي دولة عربية على مواجهة التهديدات الموجهة لأمنها وسلامتها ووحدة أراضيها، بما في ذلك الوساطة، ونشر المراقبين، وإنشاء بعثات حفظ السلام وبناء السلام، بل والتدخل العسكري المسلح إن لزم الأمر.


وعاتب خلال كلمته أمـام مجلس جامعة الدول العربية اليوم الأحد على المستوى الوزاري الدورة العادية 142 قائلا: حين تتحرج بعض الدول من السماح للجامعة بالتدخل في أزماتها الداخلية، يُفتح الباب على مصراعيه لتدخل القوى الأجنبية فيها، بما في ذلك من خلال استخدام القوة المسلحة. وكان من أبرز الحضور سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ورياض المالكي وزير خارجية فلسطين، وناصر جودة وزير خارجية الأردن، ووزير خارجية ليبيا محمد عبد العزيز، وأنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات.


ترأس وفد السلطنة مصر بالاجتماع وزير الخارجية سامح شكري الذي تغيب عن الجلسة الافتتاحية لحضوره لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الفلسطيتي محمود عباس، بقصر الاتحادية، حيث أتى بعد ذلك بمرافقة الرئيس أبو مازن.


وقال العربي، أن تطورات الواقع العربي قد سبقتنا بمراحل، مشيرًا إلى أن التهديدات التي تواجه الدول العربية أضحت من الجسامة والخطورة بمكان لم يعد يحتمل انتظار الآليات التقليدية للعمل العربي المشترك.


ووصف العربي التحديات التي تواجهها الدول العربية اليوم بـ "غير المسبوقة" والتي تتعلق بالوجود ذاته، ابتداء من الضغوط الداخلية الناجمة عن أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، وتقلص قدرة مؤسسات الدولة على القيام بمهامها، بما يترتب عليه من أزمات حكم وثورات شعبية وتدخلات أجنبية، مرورًا بانتشار التنظيمات المسلحة ذات الأفكار الممعنة في التطرف، وانتهاء بالتهديدات لوحدة الدولة أو حتى لوجودها ككيان سياسي واقتصادي واجتماعي.


ولفت إلى أنه هذه التهديدات تستدعي تحركا عربيا شاملاً، يتضمن تدابير أمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وثقافية، تهدف إلى تقوية قدرة الدول العربية على صيانة وحدتها وسلامتها وأمن مواطنيها، موضحًا أنه أمر لا يعتقد أن الدول العربية قادرة عليه فرادى، بل يستدعي تعاونًا عربيًا وثيقًا، لا يزال وبكل أسف بعيد المنال.


وتطرق إلى ما يحدث في العراق، و"داعش"، مشيرًا إلى أن قيام تنظيم إرهابي مسلح لا يتحدى سلطة الدولة فحسب، بل يهدد وجودها ووجود دول أخرى، مشيرًا إلى أن هذا التنظيم الأرهابي يمارس كافة أنواع الإجرام والقهر والإرهاب، من تقتيل وتهجير قسري على أساس ديني أو عرقي، ويعمل على إثارة الفتنة الطائفية بين مكونات نسيج المجتمع الواحد، وهو مثال أخر على التحديات التي تهز العالم العربي بعنف، والتي لا تُمَكنُ الجامعة – بكل أسف - من مواجهته.


وأعرب عن أمله أن تكون الجامعة العربية ملاذًا لاحتواء الخلافات بين أعضائها ولتجاوز هذه الخلافات مع احترام التباين في مصالحها.


ودعا الأمين العام، إلى الاتفاق على ضرورة تدخل الجامعة لحماية البلاد العربية من الأخطار التي تهددها، استنادًا إلى معاهدة الدفاع المشترك التي تنص مادتها الثانية على "أن تبادر ـ الدول المتعاقدة ـ إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة برد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما.


كما طالب بالاتفاق على خلق وتفعيل آلية لحفظ وبناء السلام مزودة بما يلزمها للقيام بعمليات حفظ السلام المختلفة، بما في ذلك القدرة على نشر القوات المراقبة والفصل وبناء السلام عند الضرورة وبموافقة المجلس وممثلي الدولة المعنية، بحسب ما هو مقترح في المشروع المعدل للنظام الأساسي لمجلس السلم والأمن العربي، الذي لم تُفعل آليات عمله رغم مرور أكثر من ثمانٍ سنوات على إقراره في قمة الخرطوم عام 2006.


ودعا إلى اتفاق الدول الأعضاء على احتواء خلافاتها المتعلقة بمواجهة الأزمات التي تشكل تهديدا لأمن وسلامة ووحدة أي دولة عضو بالجامعة، حتى لا تؤدي تلك الخلافات إلى شل قدرة الجامعة على التدخل الفعال، وتقديم العون والمساعدة لهذه الدولة أو تلك في أوقات الأزمات والمحن.


وشدد على ضرورة الاتفاق على دعم عملية حماية أمن وسلامة ووحدة الدول العربية على المدى البعيد بتعاون استثنائي في مجال إرساء المؤسسات الدستورية، وترسيخ قواعد حكم القانون، وكذلك في مختلف المجالات الاقتصادية الاستراتيجية كالطاقة المتجددة والتشغيل والأمن المائي والغذائي، وغيرها من المجالات الحيوية التي من شأنها أن تحقق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة لدول المنطقة العربية وشعوبها.


من جهته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن إقامة الدولة الفلسطينية هي الضمانة الأكيدة للحيلولة دون تكرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وعدم استمرار تردي الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية.


وقال في كلمته اليوم أمام الجلسة الخاصة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن – أن مصر لن تتوانى، عن بذل كل جهد ممكن لدعم الشعب الفلسطيني وفقا للمبادئ التي أرستها القرارات الدولية ذات الصلة وفي إطار المبادرة العربية للسلام.


وأضاف في كلمته " لقد سعت مصر منذ بداية اندلاع أزمة غزة الأخيرة إلى العمل على وقف إطلاق النار ووقف نزيف الدم وإهدار مُقدرات الشعب الفلسطيني، وهي تعمل اليوم على ضمان تحقيق المطالب الفلسطينية.


وأشار إلى أن مصر سوف تستضيف قريبًا، بالاشتراك مع دولة النرويج الصديقة، مؤتمرًا دوليًا حول فلسطين لإعادة إعمار غزة، مؤكدًا استمرار إرسال قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية عبر الأراضي المصرية إلى قطاع غزة، موضحًا في الوقت ذاته أن كل من يستطيع بلوغ معبر رفح من الجرحى والمصابين يتم نقله فورًا إلى المستشفيات المصرية مع مرافقيه.


ونوه بالمرحلة الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية والتي تمتدُ منذُ استئناف المفاوضات في يوليو من العام الماضي، مروراً بتوقِفها نتيجة تعنت إسرائيل فيالوفاءِ بما تعهدت به، وانتهاءً بالعدوان الذي رض له الشعبُ الفلسطيني في قطاع غزة، وما نجَمَ عنه من خسائرَ في لأرواح وفي لممتلكات ونزوح لما يقربُ من ربع سكان القطاع.


وأضاف قائلا: " لقد شهد العامُ المنصرم تصاعدَ الآمال فيإمكانية أن يرى الشعب الفلسطيني ضوءًا فينهاية نفق المعاناة الطويل الذي مضي يه دون كلل.. لكن تلك الآمال التي ما لبثت أن تراجعت لن تخفت أبدًا ما دام الفلسطينيون والعرب ومن ورائهم عازمين على أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، فى أقرب الآجال ودون تلكؤ أو مساومة.


وشدد على أن الحق الفلسطيني الذي روته دماء الشهداء على مر العقود، مدعوم بالشرعية وقائم على أسس القانون، ولا يمكن أن يستمر العالم في التغاضي عن واجبه في إنفاذ الشرعية ورعاية التزام أعضائه بالقانون.


من جانبه، دعا صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون للمغرب، إلى تدشين مرحلة جديدة في العلاقات العربية العربية، واستنباط استراتيجيات جديدة لمواجهة الأزمات التعي تهدد الأمة، خاصة الإرهاب، وإنجاز تغييرات على سياسات التعاون والجوار من أجل تقوية الصف وتصليب المناعة.


وقال رئيس الدورة المنصرمة لمجلس الجامعة العربية خلال أعمال الدورة 142، برئاسة موريتانيا، أن هناك مداخل استعجالية لتدارك الوضع الذي تمر به المنطقة العربية، وذلك من خلال مرجعة الأولويات لا بالنسبة للجامعة ولا بالنسبة لكل بلد عربي على حدة، وفي مقدمتها استرجاع القدرة على التحكم في الوضع والتأثير على الأحداث في أفق توجيهها.


وهاجم ما يسمى بثورات الربيع العربي، ملمحًا إلى أنه في ظرف 3 سنوات فقط، انتقلنا من وضع كانت تبدو فيه الأمور مستقرة إلى وضع انهيار متسارع، ثم إلى بوادر تشكل نظام إقليمي جديد قوامه فوضى شاملة.


وأضاف: استعصت الرؤية في ما يخص المستقبل، والأمور توشك على الانفلات، متسائلا: كيف لا والإرهاب أصبح يتمتع بمؤهلات كبرى (التنظيم؛ الشبكات، التجنيد؛ التمويل؛ التسليح...)؟..وكيف لا نتخوف من الانفلات والحال أن الطائفية والمذهبية بدأت تتحول إلى ثقافة تخترق بنيات مجتمعاتنا؟ أي أن مجتمعاتنا استبطنت واستوعبت الطائفية إلى حد كبير وأصبحت أكثر قابلية للفتنة؛ فيما أضحت المنطقة ساحة لعراك دولي متنام لا نملك استشراف آفاقه.


واقترح مزوار إعادة توجيه سياسة الجوار العربي نحو خدمة المصير المشترك للشعوب العربية التي أضحت مهددة بالتفكك، وتسخير القدرات المتاحة، خاصة منها الإعلام الجماهيري للعب دوره التاريخي في خدمة شعوب المنطقة ومواجهة ثقافة الفتنة والتطرف وترويج الجهل.
ضرورة تمكين المرحلة الجديدة في العلاقات العربية العربية من أدوات مناسبة في مجالات الأمن والسياسة الخارجية وتبادل المعلومات.


كما دعا إلى الانتقال للسرعة القصوى في تطوير جامعة الدول العربية، دون تناسي ما تحتاج إليه من عمل عميق ودؤوب على الواجهة الفكرية أو العلمية والثقافية، لا فقط من أجل إرشاد الناس لصحيح دينهم وتعرية التطرف الذي يتخفى وراء قراءات غائية، ولكن أيضًا من أجل تغيير الصورة النمطية التي ألصقت بالإسلام جراء فظاعة الجرائم التي ارتكبت ولا زالت ترتكب باسم الدفاع عنه، والمنافية كليًا للقيم الإنسانية والأخلاقية والكونية، وكذا من أجل ترسيخ قيم التسامح والوسطية والاعتدال وتعزيز قنوات الحوار والتسامح بين الحضارات والثقافات والأديان على أساس من التكافؤ والاحترام المتبادل والاعتراف بمشروعية الاختلاف.


ونبه من أن الأزمات السياسية تؤدي أن يتراجع الجانب الاقتصادي تراجعًا مخيفًا في مناطق التوتر، والتراجع الاقتصادي، وهذا يعمل بشكل آلي على تهييء الأرضية الخصبة لإنتاج جيوش إضافية من المهمشين والناقمين الذين يجدون ضالتهم في الإرهاب والفتنة، مع قدرته على عرقلة كل سياسة لتدارك الوضع العام.


وبدوره حذر وزير الخارجية الموريتاني رئيس الدورة الجديدة من استمرار حالة الاضطرابات والفوضي العارمة في المنطقة العربية خاصة في العراق وليبيا واليمن وسوريا مطالبا بضرورة التوصل إلى تفاهمات بين القوى المختلفة في ليبيا لإعادة الاستقرار والأمن في ربوعها.


ورحب تكدي، بتشكيل الحكومة الجديدة في العراق وعبر عن أمله في أن تضم كافة الأطياف السياسية ودعا إلى استكمال المرحلة الانتقالية في اليمن على نحو يقود للتطبيق الفعال لمخرجات الحوار الوطني ويعيد الاستقرار.


وطالب الوزير الموريتاني بأجهاض أنشطة الجماعات المسلحة في المنطقة التي أصبحت تهدد الأمن الاستقرار الوطني والقومي والإقليمي, وذلك لتجنيب الشعوب العربية المزيد من الكوارث والمآسي ومعالجة المشكلات الداخلية داخل البلدان العربية, وتعزيز التعاون مع التجمعات الإقليمية وتفعيل العمل الشعبي جنبًا الى جنب العمل الرسمي في النظام الإقليمي العربي.