عاجل

العقل قبل القلب.. داعية: العاقل من تدبر في العواقب ونظر في مآلات الأفعال

  • 31
الفتح - تعبيرية

قال وائل رمضان الكاتب والداعية الإسلامي، إن النظر في مآلات الأفعال معتبَرٌ ومقصود شرعًا، وهو أصل من أصول الفقه لا بد لنا من العِلْم به؛ لنعرف: متى نُقدِم ومتى نُحجِم؟ ومتى نصرِّح ومتى نلمَّح؟ ومتى نواجِه ومتى نتقي، مضيفًا أنه مِن الشواهد الشهيرة في السيرة النبوية التي تدل على هذا الأصل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في قصة بناء الكعبة وهدمها، والحكمة مِن ترك إعادة بنائها، فقد ترك صلى الله عليه وسلم شيئًا من المصالح الشرعية خشية ما قد يؤول إليه الأمر من مفاسد أعظم، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا عائِشَةُ، لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، فألْزَقْتُها بالأرْضِ، وجَعَلْتُ لها بابَيْنِ: بابًا شَرْقِيًّا، وبابًا غَرْبِيًّا، وزِدْتُ فيها سِتَّةَ أذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ، فإنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْها حَيْثُ بَنَتِ الكَعْبَةَ) (رواه مسلم).

وأشار الكاتب في مقال له نشرته الفتح، إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه"، فالعاقل إذا أراد أن يقول الكلمة في أي مجال، فإنه يتدبَّر الأمر، أي: أنه يستشير عقله قبل أن يقول كلمته، ليدرس العقلُ الكلمة في كل نتائجها، وفي كل سلبياتها وإيجابياتها، أما الأحمق فقلبه وراء لسانه، فإذا خطرت الكلمة في ذهنه قالها دون أن يدرس عواقبها ومآلاتها، وقال أيضًا رضي الله عنه: "مَن نظر في العواقب، أَمِن مِن النوائب".

وتابع: "وقال الشافعي رحمه الله: "صِحَة النظر في الأمور نجاة من الغرور؛ ففكر قبل أن تعزم، وتدبر قبل أن تهجم، وشاور قبل أن تُقدِم"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مررتُ أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر فأنكر عليهم مَن كان معي فأنكرت عليه وقلتُ له: إنما حرَّم الله الخمر؛ لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال؛ فدعهم" (إعلام الموقعين لابن القيم)، يعلمنا ابن تيمية رحمه الله مراعاة مآلات الأفعال؛ فإن كانت تؤدي إلى مطلوب فهي مطلوبة، وإن كانت لا تؤدي إلا إلى شر فهي منهي عنها، ويعلمنا أيضًا: أن الغاية من إنكار المنكر هي حدوث المعروف، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه فإنه لا يسوغ إنكاره.

واستطرد: "وسُئِلَ أحد الحكماء عن الفرق بين العاقل والسفيه؟ فقال: كثير، ومنه: أن العاقل اللبيب يستفرغ فكره، ويتبصر الأمر قبل أن يباشره، والجاهل السفيه يستخف فكره ويتبصر الأمر بعد أن ينتهي منه"، وقال الحسن رحمه الله: "الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل".