التربية والمعادلة المنشودة

إيمان عبداللطيف

  • 66

أصبح الخوف والقلق حيال الأبناء هو سمة الوالدين في هذا العصر، فلقد باتت التحديات التي تواجههما خلال رحلة التربية كبيرة جدا، يجد الأب -أو الأم- نفسه مضطرًا لأن يكون حائط صد أمام ما يمكن أن يضر أبناءه، لكنه مع ذلك قد يبالغ حتى يضر بولده من حيث أراد أن ينفعه

فتأخذ طريقته التربوية شكل التدليل ويتعود الولد أن أبويه موجودان دائما لتذليل ما يعترضه من عقبات ومع الوقت يبدأ العجز يتمكن منه حتى يصير في هيئة الكبار لكنه من الناحية السلوكية لا يزال طفلًا.

وعندما يَفرض عليه الواقع أن يُعالج أموره بنفسه تجده يبحث عمن يقوم بدور والديه في تدليله، وبنظرة عابرة لا تخطئ عيناك إحباطه وتردده وتجده يتعامل مع الحياة على أنها مشكلة كبيرة غير قابلة للحل من قِبَله على الأقل، فأنى لصاحب هذه النفسية أن ينفع نفسه فضلا عن أن ينفع أسرته ومجتمعه؟!

ومن المفارقات أن الابن الذي حظي بقدر وافر من التدليل ينقم على والديه سواء لأنانيته، أو عجزه عن إدارة شئون نفسه الذي يحملهما إياه، فكان التدليل والحماية الزائدة سببين في تعاسته وتعاسة والديه فلا أسعداه ولا سعدا به.

إنه من المفترض أن نربي أبناءنا ليكونوا قادرين على التعامل مع مشكلات الحياة وليصبحوا شخصيات فاعلة قادرة على أن تكمل المسيرة وتنشئ بدورها جيلًا جديدًا يكون فاعلًا بنفس الطريقة، لا أن نربي كائنات مدللة نطعمها ونسقيها كحيوانات الزينة!

وهنا يأتي دور التربية المتوازنة التي يتدرب من خلالها ويكتسب الخبرة بالتدريج إلى أن يصل إلى الفاعلية المطلوبة، وإليك بعض الإرشادات التي تساعده على ذلك:

 أولًا: علمه الاستعانة بالله في شأنه كله وألّا يعجز عن الأخذ بالأسباب.

ثانيًا: حدد معه المسئوليات التي يقع عليه القيام بها بشكل شخصي وعوّده أن يحاول مرارًا قبل أن يفكر في طلب المساعدة.

ثالثًا: لا تستجب لمخاوفك الزائدة حول كل تجربة جديدة يريد خوضها ولكن يمكن أن تتابعه عن قرب مع إعطائه المساحة ليكتسب خبرة جديدة.

رابعا: امنحه فرصة الاختيار في بعض الأمور التي تخصه بحسب مرحلته العمرية واتركه يتحمل نتيجة اختياره وعلمه كيف يقيم التجربة ويستفد منها.

خامسًا: الحياة ليست وردية ومن الطبيعي أن يتعرض لبعض المضايقات في مدرسته وغيرها فاترك له مساحة كافية للدفاع عن نفسه قبل أن تتدخل لحمايته في كل صغيرة وكبيرة.

وأخيرا فإن أبناءنا أمانة وهبهم الله إلينا لنؤهلهم لخوض معترك الحياة من دوننا، لا لأن نجعلهم مجرد تابعين خاضعين لنا، وإنا مسئولون عن تلك الأمانة غدا أحفظنا أم ضيعنا.