مأجورة

ا هبه سعيد

  • 39

بدأ ماراثون العام الدراسي الجديد، بما فيه من التزامات، وواجبات، وأعباء كثيرة تقع على عاتق الأمهات في الغالب؛ فإن الأم هي الجندي المجهول القائم بتسيير أمور أبنائها لأن الآباء -كما هو معروف- لديهم من المشاغل الكثير.

يوم الأم يبدأ من بعد صلاة الفجر، لا ترى معنًى للراحة، عليها أن تمر بمعركة إيقاظ الأبناء، فهذا لا يَردُّ، والآخر يريد أن يظل نائمًا لبضع دقائق، والثالث يريد أن يدخل الحمام ويغير ملابسه فهو صغير لا يعتمد على نفسه بعد، أما الأكبر فهو يريد الفطور، وإعداد صندوق الطعام الخاص به، وعليها أن تنجز هذه الأعمال سريعًا فهناك حافلة المدرسة التي لا تنتظر المتأخرين. 

تعود الأم إلى المنزل لترتيبه وإعداد وجبة الغداء التي عليها احتساب الأجر فيها لإطعام أبنائها وزوجها.

يعود الأبناء من مدارسهم، وبعد تناول طعام الغداء عليهم أن ينجزوا الكثير من المهام تحت إشراف الأم الكامل خاصة، وإن كان الأبناء في سن صغيرة فهذا عليه أن يكتب الكلمة على السطر، وعليه استخراج اللام الشمسية والأخرى القمرية من الدرس، ويحفظ وِردَه من القرآن، أما الآخر فعليه حلّ هذه العملية الحسابية من القسمة، ويراجع جدول الضرب الذي لم يزل يعاني بعد أن حفظه من نسيانه، والآخر يريد عمل بحث في مادة العلوم، والأم مسكينة ترد: حاضر.. طيب.. نعم.. أبشر.

وبعد الانتهاء من كل المهام عليها الإشراف على جدول حصصهم وتحضيره حتى لا ينسى أحدُهم شيئًا منه، بعد أن ينام الجميع فهي لا تنام فعليها أن ترتب المطبخ بعد وجبة العشاء حتى تستأنف حياتها ليوم جديد من التعب مع احتساب الأجر.

عزيزتى الأم: ابشري بالأجر على جميع الأعمال التي تقومين بها، فالمرأة مأجورة إذا حافظت على رعيتها لأن هذا من فطرة الله التي خلق الناس عليها، فهىي إن استقامت على فطرتها، وابتعدت عمّا يدنس تلك الفطرة من أهواء وأغراض فبالتالي هي مأجورة رغم موافقة فعلها للفطرة من قبول للخير الذي بداخلها يدعوها لرعاية أبنائها والمحافظة عليهم.

فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت إنها أتتها مسكينة تحمل ابنتين لها فأعطتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني  شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار.

فلو نظرنا إلى هذا المجهود الضخم الذي تقوم به الأم بفطرتها تطعم الأبناء وتقوم برعايتهم وحمايتهم وتوجيههم وتربيتهم ليكونوا صالحين، نرى أنه إذا حدث عكس ذلك من الإهمال والتخلي عن هذا الدور العظيم يدخلها في محاسبة الله لها، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها.

وإذا حافظت على رعيتها بالطبع لها أجر عظيم.. فاللهم أعنّا على القيام بمسئولياتنا خير قيام، ووفقنا إلى ما تحب وترضى.