يواصل النظام الإيراني وميليشياته مخطط البقاء في مدن وقرى سوريا والتحكم فيها واستغلال ثرواتها والسعى لتغير ديموغرافيا وعقيدة أهل السنة في بلاد الشام وتحويلها لعراق ولبنان جديدة إن لم يكن أسوأ، حيث تعمل على إعادة تموضع ميليشياتها بالمدن الحدودية بين العراق ولبنان في الشرق والغرب، ليسهل توصيل الدعم لأعوانها في تلك المدن.
وتؤكد صحيفة المونيتور الأمريكية أن المنظمات الإنسانية الإيرانية ضخت مبالغ طائلة لترميم وإعمار مدينة البوكمال السورية كما رممت عشرات المدارس في قريتي الصويعية والحاري على الحدود السورية العراقية، وتشكل المنطقتان أهمية قصوى لإيران لقربهما من معبر القائم الحدودي، الذي تسيطر عليه ميليشيا الحشد الشيعي العراقية الموالية لطهران، كما تستوطن عائلات عناصر الميليشيات الإيرانية القريتين إضافة إلى البوكمال، وذكرت الصحيفة أن إيران استعانت بمؤسسات وشخصيات سورية وعربية لتغطية نشاطها الاقتصادي، واستثماراتها في مدينة دير الزور السورية، التي تمولها منظمات دولية تُعرف بالجمعيات الإنسانية التي تساعد السوريين المتضررين من الحرب، ووقَّعت عقوداً لترميم المدارس والطرق والجسور بموافقة من المسؤولين بدير الزور.
وأكدت الصحيفة أن إيران تسعى للبقاء دائمًا في سوريا وتوجه تركيزها اليوم نحو المدن الحدودية لقربها من الحدود العراقية واللبنانية ما يسهل تقديم الدعم لها، وأن طهران لديها أكثر من 38 منظمة عاملة في حلب وحمص ودمشق ودرعا ودير الزور واللاذقية وحماة والقنيطرة، وهو تمهيد الطريق لوجود إيراني طويل الأمد في سوريا، ومحاولة لإلزام المؤسسات الدولية والأمم المتحدة بالعمل معها وتمويلها.
وفي ذلك السياق، يقول عبدالرحمن ربوع الكاتب والمعارض السوري، إن القوات الإيرانية وميليشياتها المرتزقة العراقية واللبنانية التابعة لها تتركز في مناطق وسط وشرق سوريا بشكل رئيسي، رسخت له إيران خلال السنوات الماضية، مضيفًا أن الوجود الإيراني في سوريا عسكري واقتصادي وديني واجتماعي في معظم المناطق التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد وتستفيد من العراق كمعبر بري سمح بنقل كل ما تحتاج إيران من عناصر بشرية ولوجستية لتثبيت وجودها وفاعليتها في سوريا بالإضافة للحدود اللبنانية في الغرب.
وأكد المعارض السوري في تصريحات لـ "الفتح" أن ما تقوم به إيران في سوريا وبالتركيز على محافظة دير الزور خاصةً في الجزأين الجنوبي والغربي اللذين تسيطر عليهما هو تجسيد للمعنى الحرفي للاحتلال الاستيطاني والتغيير الديمغرافي، حيث تم تهجير معظم السكان وإحلال سكان جدد من إيران بعد الاستيلاء على بيوت المواطنين المهجّرين وتحييد أي معارضة أو اعتراض على التواجد الإيراني، بالإضافة إلى بناء قواعد عسكرية ضخمة وإعداد مخابئ وحفر أنفاق.
وأوضح ربوع أن هذا ينطبق أيضا على مناطق أخرى في دمشق ودرعا وحلب وحماة، مع تركيزهم على النقاط الحدودية الشرقية مع العراق، والغربية مع لبنان لضمان طريق الإمداد لحزب الله اللبناني الذي يعتبر الحليف العربي الأهم والأبرز للإيرانيين كونه ورقة مساومة وضغط على الدول العربية.
وأشار إلى أهداف إيران بداية من التغير الديموغرافي وتغير الهوية والاستيلاء على ممتلكات أهل السنَّة وتشكيل منطقة معزولة من الشيعة كبعد أمني ديموغرافي استراتيجي لإيران داخل سوريا.
وقال الدكتور أحمد فؤاد، الكاتب والمعارض السوري، إن سوريا فيها عشرات الفصائل الشيعية مدججة بالسلاح وتنفذ مخططات طهران، مضيفًا أن أكبر الدعم يأتي من الشرق عبر المنافذ العراقية ومن الجنوب الغربي عبر الحدود اللبنانية.
وأكد في تصريحات لـ "الفتح" أن إيران تتعامل مع سوريا على أنها هدف استراتيجي بالغ الأهمية في المنطقة العربية والشرق الأوسط وأهم من العراق ولبنان، مشيرًا إلى التغيير الديموغرافي وتغيير الهوية والاستيلاء على ممتلكات أهل السنَّة، واستبدال الشعائر بغيرها شيعية وتطويق وتشكيل منطقة معزولة من الشيعة تستطيع من خلالها تشكيل بعد أمني ديموغرافي استراتيجي على الأرض، وأن ما يحدث اليوم في سوريا هو سيناريو مكرر بشكل أكبر وأكثر تفصيلًا مما حدث بالعراق.