هل شارك حزب النور في عزل الرئيس؟

  • 146

برهامي: والله لم نعقد صفقات أو مواءمات سياسية لعزل مرسي
النور: شاركنا في خارطة الطريق لإيجاد ضغط إسلامي على السلطة لمواجهة العلمانيين
وترسيخ الفصل الإعلامي بين التيار الإسلامي والجماعة حتى لا ندفع فاتورة أخطاءهم


تباينت ردود أفعال الكثيرين اتجاه ظهور الأمين العام لحزب النور، المهندس جلال مرة، في بيان عزل الرئيس محمد مرسي، فهناك من رأى أنها مشاركة واضحة في العزل، بينما يعلن الكثيرون موافقتهم السياسية لرأي حزب النور، لكنه لا يقبل بظهور المهندس جلال مرة.


وبين هذا وذاك يرى الحزب أنه لم يشارك في عزل الرئيس، وإنما شارك في خارطة الطريق، تقليلا للمفاسد، وتحقيقًا لعدة مصالح مرجوة، كإيجاد ضغط إسلامي مقابل للضغط العالماني على السلطات، خاصة وأن الجيش لا يهمه علمانية أو إسلامية، وإنما هو أقرب إلى المدرسة القومية التي هي أقرب المدارس إلى الإسلاميين، فكافة ما يعنيه هو الحفاظ على الأمن القومي، وإدارة شئون البلاد، فلو أن الضغوط التي كانت في المشهد تأتي من التيارات غير الإسلامية فقط، لكانت الدولة انجرفت أكثر إلى الاتجاه العلماني، وإلا فالإعلان الدستوري الحالي لم تكن لتوجد فيه المادة الثانية والمفسرة إلا بضغوط حزب النور (أما التعديلات القادمة فهي جولة مازالت مستمرة رحاها).


وبعض من لا يحسن النظر السياسي لا يدرك فائدة وجود تيار إسلامي ضاغط يوازن ضغوط التيارات العلمانية أمام من بالسلطة.


كما يرى الحزب أن مشاركته جاءت لمنع إسقاط التيار الإسلامي جملة من حسابات التأثير في الدولة والإعلام والمؤسسات، فلو أن الذي ظهر في الصورة يوم 3 - 7 هو البرادعي فقط، سيقول الناس: لقد هُزم التيار الإسلامي كله! أما بظهور فصيل إسلامي بشكل قوي، فهذا يمثّل عامل ضغط أثر في اختيارات عديدة على السلطة، وكمثال على ذلك منع البرادعي من تولي الرئاسة (تولى فقط منصب وزير خارجية بمسمى أعلى - نائب رئيس لشئون الخارجية، ولا علاقة له بالأمور الداخلية).

هذا بالإضافة إلى ترسيخ الفصل الإعلامي بين الدعوة السلفية والإخوان المسلمين؛ وقد حرص الحزب والدعوة على ذلك منذ الإعلان الدستوري الأول الذي صدر بدون علم نائب رئيس الجمهورية أو وزير العدل، وحتى مستشار الرئيس للشئون القانونية) - وهي سياسة كارثية في إدارة الدولة - وحتى لا يتحملان أخطاء الإخوان، ويوضع التيار الإسلامي كله في سلة واحدة، وقد أثمر ترسيخ الفصل في فتح نوافذ التواصل مع فئات متنوعة من المجتمع، وخفتت موجة استهداف أصحاب السمت الإسلامي الظاهر عما كانت عليه قبل 30-6، وكل ذي عينين يعرف كيف يفرّق (عامة الناس) بين الإخوان وحزب النور الآن، وكيف صار هناك مدخل دعوي إليهم بدلا من القطيعة الكاملة مع المجتمع.


ويعبر الحزب عن أسفه للحملات المضادة التي يشنها بعض الإسلاميين ضده، خاصة وأنه يقاوم داخل لجنة الخمسين الضغوط الشديدة والمتنوعة من الجانب العلماني لتغيير مواد الهوية الإسلامية في الدستور، بالإضافة إلى الحملات الإعلامية التي يقودها الجناح الإعلامي للتيار العلماني، ومع ذلك لم يدرك الإسلاميين حجم القضية ويشارك العلمانيين في هجومهم على الحزب بما يصب في مصلحتهم، سواء درى أو لم يدر.


ويؤكد الحزب على عدم مشاركته في العزل؛ خاصة وأن الدكتور محمد مرسي وضع تحت الإقامة الجبرية نهائيا قبل ظهور الحزب تماما في المشهد، وهذا ما أكده الرئيس المعزول في آخر بيان له، والذي أكد فيه أنه وضع تحت الإقامة الجبرية يوم 2/7.


كما أن الجيش نفذ العزل أولا، ثم دعا الأحزاب كلها للمشاركة في المرحلة الجديدة.


قال الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن مشاركتهم في 3 يوليو من أجل مصلحة المشروع الإسلامي، ولكي تحمي الدعوة أبناءها من الفاتورة التي كانوا سيدفعونها".


وأضاف، في رد له على سؤال: "لماذا شاركنا في الخطاب المسمى بالانقلابي الذي أدى إلى قول إننا شاركنا في الانقلاب وإننا عملاء؟"،قال: "إن الدعوة السلفية كانت ستدفع فاتورة أخطاء غيرها، لكنها فضلت مصلحة أبنائها وشعب مصر"، مشيرًا إلى أن 90% من جثث رابعة ملتحون".
ولفت إلى أن "الدعوة" قامت بعمل وقائي لمنع الاقتتال بين أبنائها والطرف الآخر، مضيفًا: أن الإعلام يضع الإسلاميين في سلة واحدة.
وأكد أن ظهور القيادي بحزب النور المهندس جلال مرة، في اجتماع 3 يوليو، صنع فارقًا كبيرًا لدى الشعب، مشددًا على أن تواجدهم في المشهد من أجل الحفاظ على الدعوة السلفية.


ولفت إلى أن مرة عرض في الاجتماع تشكيل وفد لمقابلة الرئيس محمد مرسي؛ لإقناعه بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لكن المجتمعين كانوا قد اتخذوا قرارهم بعزله.


وأشار إلى أن أبناء القوات المسلحة والشعب المصري لا يحاربون الإسلام، وكانوا معترضين على إدارة الدولة في عهد مرسي وعدائه للمؤسسات والخوف من حرب أهلية.


وكشف برهامي أنه أبلغ أحد قيادات الإخوان قبل فض اعتصام رابعة العدوية أن عودة مرسي مستحيلة، وأن عزله كان اجتهادًا، ونصحه بالكف عن السب والغيبة والنميمة للطرف الآخر على منصة رابعة، وأن القيادي ردّ عليه بأن أنصار الرئيس مرسى غير مهيئين لقبول هذا، وأن يأتي لرابعة ليقول لهم ذلك الكلام.


وأوضح أن الدعوة طرحت في 24 رمضان الماضي على النظام الحالي مبادرة تنص على عودة مرسي، على أن يفوض صلاحياته لرئيس الوزراء، ثم يستقيل، وأن قيادة القوات المسلحة طالبت بطرحها على القوى السياسية للتوافق حولها، لكنهم في الوقت نفسه رفضوا 3 أشياء وهي "عودة مرسي أو الدستور أو مجلس الشورى"، مضيفًا: "ذهبت لقيادات الإخوان، وقالوا لي إن المتظاهرين مصممون على عودة مرسي والشورى والدستور، وإنهم متأكدون من سقوط الانقلاب".

وتابع: "ووالله لم نعقد صفقات، ولا تواطأنا على عزل الرئيس، وإنما وقع الأمر وتمتْ السيطرة على مقاليد البلاد، ووضع الرئيس تحت الإقامة الجبرية، ثم طُلب منا الحضور مع الحرية والعدالة وسائر القوى التي حضرتْ، ولم يكن أمامنا إلا إما أن ننزل إلى الميادين وندخل المعركة المحسومة - فيما أظن- والتي هي صدام غير جائز شرعًا وواقعًا لما ذكرتُ ، أو أن نظل متواجدين لتقليل الشر والفساد، ومحاولة الحفاظ على هوية الأمة، ومنع سفك الدماء".


وقال الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية: "أما الظهور في المشهد، فلعله يتأثر برؤية كل طرف، متى تمت السيطرة التامة من الجيش على السلطة قبل خارطة الطريق؟ والناس في ذلك مذاهب: فمنهم مَن يرى أن الرئيس "مرسي" لم يتسلم سلطة حقيقة أصلا، ومن هؤلاء المستشار "أحمد مكي" الذي قال في حوار "للجزيرة": "إن تسليم السلطة الذي تم في "30-6-2012م" كان صوريًّا، وإن الجيش والشرطة رفضا طوال عام من حكم الرئيس "مرسي" أن يعطوا الدولة القدر المطلوب من القوة المنضبطة بالقانون، والتي لا تقوم دولة بدونها".


وأضاف: "بينما يرى الكثيرون أن عزل الرئيس "مرسي" تم يوم "3-7-2013م"، ومِن ثَمَّ ينتقد ظهور ممثل لـ"حزب لنور" في هذا المشهد، بينما الأمر قد يكون قريبًا مما ذكر المستشار "أحمد مكي"؛ إلا أن العزل التام قد حدث قبل يوم "3-7-2013م" بعشرة أيام -على الأقل-، ومع مهلة الأسبوع التي أطلقها "وزير الدفاع" لرئيس الجمهورية، وقد اعترف الدكتور "غزلان" بذلك ضمنًا في بيانه الأخير في مقالته في الرد على الفريق "السيسي" والمنشورة على موقع "إخوان أون لاين" بتاريخ: "18-8-2013م" جاء فيها: "هل من صلاحياته أن يوجه إنذارًا شمل الرئيس الشرعي المنتخب بمهلة 7 أيام، ويمد يومين وبعدها يقوم بانقلابه؟!".


وتابع: "من يمتلك البينة على أننا وافقنا على وضع الدكتور مرسي قيد الإقامة الجبرية يوم 2-7 فليأت بها، فالعزل تم كقطار فَرَمَ من كان يقف أمامه، ثم انطلق رغما عن الجميع، فإذا أتيحت لك الفرصة أن تقف بجوار السائق لتنصحه ومرة يستجيب ومرة لا يستجيب، أفضل أم أن تقف أمامه ليقطع قدميك ولن تستعيد من دهسه القطار؟ وإذا كنت ستنظر إلى مسألة أنه حق بدون النظر للمصالح والمفاسد، فلماذا لا تذهب لتحرير القدس الآن؟، لماذا لا تهدم الأضرحة ومشاهد الشرك في بلدك؟ ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية معه الحق المحض لما قال له عمر: "أولسنا على الحق؟ قال: بلى، وعدونا على الباطل؟ قال: بلى! قال: فلم نعط الدنية في ديننا؟!"، ومع ذلك تم ما تعلمون من شروط فيها إجحاف؛ طلبا لمصلحة أعلى، ودفعا لمفسدة أكبر.. فكيف بأمر الطرفان فيه مسلمون؟.