موضحا مكانته في الإسلام.. "القاضي": الإيثار يكاد يكون فريضة العصر وواجب الوقت لما نعاينه من أحوال الناس

  • 34
الفتح - أرشيفية

قال الدكتور محمد عمر أبو ضيف القاضي أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر الشريف، إن الإيثار يكاد يكون فريضة العصر، وواجب الوقت لما نعاينه من أحوال الناس، وما يعتريهم مما يراه الجميع، ويشاهده الكل من أحوال، فهو بحق الفضيلة المنسية، والفريضة الغائبة .

واسشتهد القاضي في منشور له عبر "فيس بوك" بما جاء في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في سفر مع النبي ﷺ إذ جاء رجل على راحلة له؛ فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً، فقال رسول الله ﷺ: من كان معه فضل ظهر فليَعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. 

وتابع القاضي قائلا: وهذا الأدب النبوي يحملنا تبعة كبيرة ومسؤولية عظيمة، فقد أخبَرَ سيدنا أبو سَعيدٍ -رَضيَ اللهُ عنه- في هذا الحديثِ أنَّ سيدنا رَسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ذَكَر مِن أصنافِ المالِ: كالثَّوْبِ، والنِّعالِ، والقِرْبَةِ، والماءِ، والخَيْمَةِ، والنُّقُودِ، ونحوِها، حتَّى ظنَّ الصَّحابةُ -رَضيَ اللهُ عنهم-، وفَهِموا مِن أمرِه هذا أنَّه لا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ، يعني في إمساكِ ما زاد على حاجتِه مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ والرَّحْلِ وغيرِ ذلك، وهذا كلُّه مِن بابِ الإيثارِ، وهكذا الحُكمُ إذا نَزَلَت حاجةٌ أو مَجاعةٌ، في بلد أو قرية أو مدينة أو دولة؛ واسَى المسْلمُ بما زاد على كِفايةِ تلك الحالِ، وهو عين ما نظنه في وقتنا المعاصر وزمننا الحاضر، مع انتشار الجوع والغلاء.

فالإيثار خير دثار، وأفضل شعار، ودليل على رسوخ الإيمان والثقة بما عند الرحمن، وهو علامة حب المرء لإخوانه والناس.

ونوه قائلا: وعرفه ابن مسكويه فقال: الإيثار هو فضيلة للنفس، بها يكف الإنسان عن بعض حاجاته التي تخصه؛ حتى يبذله لمن يستحقه.

واستشهد القاضي بقول القرطبي: الإيثار هو تقديم الغير على النفس في حظوظها الدنيوية رغبة في الحظوظ الدينية، وذلك ينشأ عن قوة اليقين، وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة.

كما استشهد بقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: والإيثار أن تؤثر الخلق على نفسك، فيما لا يحرم عليك دينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يفسد عليك وقتا.