أستاذ بجامعة الأزهر: النبي ﷺ رغب في الإيثار وصحابته ضربوا لنا أروع الأمثلة

  • 40
الفتح - أرشيفية

قال الدكتور محمد عمر أبو ضيف القاضي أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر الشريف، إن الإيثَار مِن محاسن الأخلاق الإسلاميَّة، فهو مرتبة عالية مِن مراتب البذل، ومنزلة عظيمة مِن منازل العطاء؛ لذا أثنى الله على أصحابه، ومدح المتحلِّين به، وبيَّن أنَّهم المفلحون في الدُّنْيا والآخرة. -  قال الله -تبارك وتعالى:-  (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

واستشهد القاضي في منشور له عبر "فيس بوك" بقول الطَّبري: يقول تعالى ذكره: وهو يصفُ الأنصار  وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قبل المهاجرين، وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ، يقول: ويعطون المهاجرين أموالهم إيثَارًا لهم بِها على أنفسهم، وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، يقول: ولو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثَرُوا به مِن أموالهم على أنفسهم، كما استشهد بقول ابن كثير: أي: يقدِّمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالنَّاس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك.

وأضاف القاضي قائلا: لقد رغب نبينا -صلى الله عليه وسلم-  في الإيثار، وحث أصحابه، ومدح أهله، مشيرا إلى أن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم- ضربوا أروع الأمثلة في مواطن لا يتخيلها إنسان بل هي أروع من الخيال، إنه الإيثار عند الموت، ونذكر مشهدين فقط من مشاهد لا تعد ولا تحصي لسادتنا الأصحاب.

يقول حذيفة العدويّ، انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمّ لي، ومعي شيء من ماء، وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته ومسحت به وجهه، فإذا أنا به، فقلت: أسقيك؟ فأشار إليّ أن نعم. فإذا رجل يقول: آه. فأشار ابن عمّي إليّ أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو هشام بن العاص، فقلت: أسقيك؟ فسمع به آخر، فقال: آه. فأشار هشام: انطلق به إليه، فجئته فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام، فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمّي، فإذا هو قد مات. -رحمة اللّه عليهم أجمعين-.

 وفي غزوة اليرموك قال عكرمة بن أبي جهل: قاتلت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في مواطن وأفر منكم اليوم ؟ ثم نادى: من يبايع على الموت ؟ فبايعه عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد، حتى أثبتوا جميعا جراحًا، وقتل منهم خلق منهم ضرار بن الأزور - رضي الله عنهم-... فلما صرعوا من الجراح استسقوا ماء، فجيء إليهم بشربة ماء، فلما قربت إلى أحدهم نظر إليه الآخر، فقال: ادفعها إليه، فلما دفعت إليه نظر إليه الآخر فقال: ادفعها إليه، فتدافعوها كلهم من واحد إلى واحد؛ حتى ماتوا جميعًا، ولم يشربها أحد منهم، -رضي الله عنهم أجمعين-.