التضخم التحدي الأكبر.. و "المركزي" يسعى إلى احتوائه

  • 23
الفتح - أرشيفية

استمرار الإفراج الجمركي عن السلع والحاويات المتراكمة.. والمصانع تترقب تحسن السوق


واصلت معدلات التضخم في مصر صعودها، مدفوعة بصدمات العرض الناتجة عن ارتفاع مستوى الأسعار العالمية للسلع، بالإضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري منذ مارس 2022، وكذا زيادة السيولة المحلية، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن البنك المركزي المصري.

سجلت معدلات التضخم في الحضر 21.3% خلال ديسمبر 2022 وهو أعلى مستوى منذ 2017، مقابل 18.7% في نوفمبر من نفس العام، كما بلغ متوسط معدل التضخم السنوي العام في الحضر 13.9% لعام 2022، مقابل 5.2% لعام 2021، وجاء المعدل السنوي للتضخم العام لشهر ديسمبر 2022 مدفوعًا بارتفاع واسع النطاق يشمل المجموعات كلها وبالأخص السلع الغذائية، وارتفع المعدل السنوي لتضخم السلع الغذائية إلى 37.2% في ديسمبر 2022 من 29.9% في نوفمبر من نفس العام، وفي ذات الوقت ارتفع متوسط معدل التضخم السنوي للسلع غير الغذائية إلى 14.3% في ديسمبر من 13.8% في نوفمبر 2022.

ولفت تقرير التضخم الذي نشره البنك المركزي، الثلاثاء الماضي، بأن لجنة السياسة النقدية اتخذت عدة إجراءات لمواجهة الضغوط التضخمية من بينها رفع سعر العائد الأساسي 800 نقطة خلال 2022، فضلاً عن زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تحتفظ به البنوك لدى البنك المركزي المصري بمقدار 400 نقطة أساس.

وفي ديسمبر حددت لجنة السياسة النقدية معدلات التضخم المستهدفة خلال الفترة المقبلة عن 7% "+أو- 2 نقطة مئوية" في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 ومستوى 5% "+أو -2 نقطة مئوية " في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

وفي سياق متصل، يترقب القطاعان الصناعي والزراعي، توجيهات مجلس الوزراء بالإفراج الجمركي عن السلع والبضائع المكدسة في الموانئ البحرية نتيجة نقص العملة وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية متأثرة بسلاسل الإمداد والتوريد للحرب الروسية الأوكرانية وهو الأمر الذي أدى إلى شح المعروض وزيادة في الطلب لدى العديد من الدول، فضلاً عن بعض الممارسات اللاأخلاقية لبعض التجار والموردين بحبس السلع أو تخزينها تحسبًا لارتفاع أسعارها، ما أدى إلى قفزات لأسعار بعض السلع في ظل ارتفاع الدولار أمام الجنيه الذي سجل متوسط 30.3 جنيهًا للشراء، و30.13 جنيهًا للبيع لدى بنك مصر والبنك الأهلي.

ارتفاع الأسعار دفع الحكومة إلى تنظيم العديد من المعارض بهدف توفير السلع بأسعار مخفضة، بخلاف إجراءات أخرى في مقدمتها الإفراج الجمركي للسلع الاستراتيجية والأعلاف والمواد الخام ومكونات الإنتاج الخاصة بالمصانع.

وقال الدكتور محمد الجوهري، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع أسعار السلع عالميًا أثر على السوق المحلي، وخاصة وأن معظم احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية مستوردة، ومصر ليست بمعزل عما يحدث من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي تحولت من سياسية إلى اقتصادية، لافتًا إلى أن موجة التضخم يعانيها العالم أجمع فالتضخم يتسارع في أمريكا جراء رفع معدلات الفائدة، إذ هناك من يرى حتى داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن عواقبه ربما تكون طفيفة على المدى القريب، بينما يتوقع آخرون أنه سيكون أكثر ديمومة على المدى المتوسط وربما البعيد.

وتوقع "الجوهري" أن تواصل الحكومة مساعيها لكبح جماح التضخم والسيطرة عليه ولو بنسب طفيفة، وذلك بعدة طرق من بينها تنظيم المعارض مثل "كلنا واحد" و"أهلًا رمضان"، فضلاً عن سيارات العرض المتنقلة والشوادر الثابتة لتوفير السلع واحتياجات المواطنين، بخلاف الإفراجات الجمركية بالموانئ التي تقلصت من 14 مليار دولار في ديسمبر إلى أقل من 2.3 مليار دولار حتى مطلع الأسبوع الماضي.

وأوضح أن الإفراجات الجمركية ستؤدي إلى بوادر تحسن للوضع الاقتصادي بكل قطاعاته الزراعية والإنتاجية والتصنيعية لسد طلب السوق المحلي الذي يترقب من آن لآخر توافر الخامات ومكونات الإنتاج لتشغيل الخطوط، وهو ما سيسهم في عودة القطاع تدريجيًا إلى ما كان عليه في السابق، مشيرًا إلى أن العديد من الأوساط تترقب ما ستسفر عنه اجتماع لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي لتحديد سعر الفائدة، ولجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المرتقب الإعلان عنهما وواقع ذلك على مؤشرات التضخم.

 فيما يرى أشرف حسني، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، أن التوسع في إقامة المعارض أتاح الفرصة لتهدئة الأسعار في السوق المحلي، وانكس ذلك على توفر السلع، وأعطى شعورًا للمواطنين بتوفر احتياجاته قبل الشهر الكريم، مضيفًا أن تشديد الرقابة كذلك على منافذ البيع والأسواق سيضفي نوعًا من التوازن بين العرض والطلب، فضلاً عن وضع سعر المنتج أدى إلى توسيع الاختيار لدى المستهلك قبل عملية الشراء وأوجد نوعًا من التنافسية.

وأضاف "حسني" أن العوامل السابقة من وفرة المعروض وتلبية الطلب وغيره، ستكون لها تبعات على المدى القريب والمتوسط، كشعور التاجر والعارض بعامل الأمان تجاه عامل المخاطر ضد تقلبات سعر الصرف، ما سينعكس بآثاره الإيجابية على استقرار الأسعار.

وكان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، أكد على أن الفترة المقبلة ستشهد الإفراج عن عدد كبير من الحاويات المتراكمة في الموانئ المصرية، مجدداً الإشارة إلى الخطة المتكاملة التي يتم تنفيذها لخروج مختلف السلع والبضائع من مختلف الموانئ.