أزمة السودان تتعقد.. والعقبات تتكاثر أمام "الاتفاق الإطاري"

خبراء: التدخلات الخارجية تؤجج الاختلاف.. والحل في الحوار وتسوية سياسية شاملة

  • 80
الفتح - د. أبوبكر فضل الأكاديمي السوداني والباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية

لا جديد يلوح في الأفق السوداني منذ عام 2018؛ فكل ما هناك مبادرات من أجل الوصول لحل الأزمة السياسية داخل البلاد، كان آخرها "الاتفاق الإطاري" الموقع بين القوى المدنية والعسكريين يوم 5 ديسمبر الماضي، الذي يرمي إلى تأسيس سلطة مدنية خلال الفترة الانتقالية، لكن إلى الآن لم يُفْض الاتفاق إلى حل يرضي جميع الأطراف، ويبدو جليًّا أن هناك تعقيدات وعقبات تواجه مساعي التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي تلتف حوله كل القوى السياسية على الساحة؛ فهناك تجاذبات داخلية وتدخلات خارجية لا بد من وضعها في الحسبان.

في هذا الصدد، قالت الدكتورة فريدة بنداري، الباحثة السياسية ونائبة مدير المركز العراقي الإفريقي للدراسات الاستراتيجية، إن وقائع الحراك السياسي السوداني منذ أن أسقطت ثورة 19 ديسمبر 2018م رأس النظام كشفت عن تعقيدات، ومنذ نهاية العام الماضي شهد السودان فصلًا جديدًا من الانتقال السياسي بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري، لكن لم يحظ هذا الاتفاق بإجماع الفرقاء.

وأضافت "بنداري" لـ "الفتح": لا أحد يستطيع التنبؤ اليوم بحقيقة ما يمكن أن تفضي إليه مآلات الأحداث والتطورات التي وصلت إليه الجماعات السودانية في ظل تاريخ طويل من التهميش والإهمال، الذي عزز بدوره من أمرين: اليأس المطلق من أي إصلاح نتيجة الذهنية المهيمنة التي يفكر بها "المركز"، والقناعة التامة لدى المهمشين من "المركز" بأن السلاح هو الحل الأسهل والأسرع لجلب الحقوق.

وتابعت أن الاتفاق الإطاري لم يحسم التفاصيل الخاصة بخمس قضايا رئيسية، في مقدمتها العدالة والعدالة الانتقالية، وتفكيك نظام البشير، وتعديل اتفاق السلام الموقع عام 2020م بين الحكومة والحركات المسلحة، وإصلاح القطاع الأمني والعسكري.

 وأردفت أن هناك عقبات تواجه "الإطاري" مثل تعدد المنظومات الأمنية والعسكرية كالدعم السريع والجيش، والحركات المسلحة فحتى الآن تقف المؤسسة العسكرية عاجزة عن توحيدها في جيش واحد، إضافة إلى أن تعارض مصالح المنظومات المسلحة سيُصعِّب مهمة دمجها في جيش واحد وربما ترفض ذلك، وتشظِّي القوى المدنية بسبب الصراع بين المصالح الحزبية والمصالحة الوطنية العامة.

أما الدكتور أبوبكر فضل، الأكاديمي السوداني والباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، فيرى أن تعقد المشهد السياسي في السودان نتيجة طبيعية لكثافة التدخلات الخارجية في الأزمة السياسية السودانية الحالية، فضلًا عن المزايدات السياسية للقوى السياسية والعسكرية الداخلية؛ فكل طرف ينظر للأزمة من مصلحته الخاصة دون الاعتبار للمصالح العليا للشعب والبلاد؛ وهذه كلها رؤى تكتيكية بعيدًا عن الرؤى الاستراتيجية المرتبطة بمصير ومصالح الشعب والبلاد ووحدتها ونهضتها.

وأضاف فضل لـ "الفتح" أن العقبات أمام إكمال عملية التسوية السياسية الجارية تتمثل في الخلافات بين القوى الثورية وتعارض مشاريع هذه القوى ونظرتها للانتقال، وارتباط هذه القوى بالظهير الإقليمي والدولي. متابعًا: أن الخلاف اشتد أكثر بعد توقيع الاتفاق الإطاري الذي زاد شقة الخلاف بين القوى السياسية وحتى داخل "قوى الحرية والتغيير" بتياراتها المختلفة، وأثرت في الخلافات حتى بين المكون العسكري، كما أن كثافة التدخلات الخارجية في الملفات السودانية وتعدد أجنداتها وتعارضها أثرت سلبًا في مسار التسوية السياسية للأزمة السياسية والدستورية الراهنة.

وأكد أن المَخرج من هذه الحالة يتمثل في قبول "قوى الحرية والتغيير" (جناح المجلس المركزي) التي وقعت الاتفاق الإطاري مع العسكرييين والقوى الثورية الأخرى والجلوس معها بغرض الحوار وإكمال عملية التسوية السياسية.

وتابع أنه بعد فشل الفريق أول عبدالفتاح البرهان في تقريب وجهات النظر بين كتلتي الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي) برز دور "حميدتي" في خط التواصل والسعي للعب دور الوسيط للتوفيق بين الكتلتين، ويبدو هنالك تقارب كبير في المواقف بين الكتلتين رغم حدة الخطابات السياسية والتجاذبات بين الكتلتين، وأمام حميدتي فرصة كبيرة للتوفيق بين الطرفين انطلاقًا من علاقته بهما، وعلى الفاعلين الإقليميين والدوليين تسهيل هذه المهمة حتى تستكمل الاتفاق الإطاري بالاتفاق النهائي ليحظى بأوسع قاعدة سياسية واجتماعية تدخل البلاد مرحلة جديدة من الفترة الانتقالية، تعمل أطرافها الفاعلة على إصلاح وبناء المؤسسات والقوانين وتنفيذ السلام وإكماله وترتيب مطلوبات الانتخابات والدستور الدائم.