مصر تعلن الانسحاب من اتفاقية الحبوب في يوليو المقبل

  • 23
الفتح - أرشيفية

خبراء: القاهرة أعادت تقييم الأهداف.. والانسحاب قد يؤدي إلى استقرار نسبي في الأسعار 


أعلنت مصر عزمها الخروج من اتفاقية الحبوب الدولية بنهاية شهر يوليو المقبل، في قرار وصفه مراقبون ومحللون بأنه مفاجئ ومثير للدهشة، لاسيما أن مصر كانت من أوائل الدول التي سعت إلى تأسيس الاتفاقية، وهي أحد أكبر مستوردي القمح على مستوى العالم وعلى مستوى الدول الأعضاء المشاركين في الاتفاقية.

واتفاقية الحبوب الدولية تضم 35 عضوًا وتم تدشينها عام 1995م وترمي إلى تأمين احتياجات الأعضاء من القمح، وتسمح لأي من أعضائها بالانسحاب والخروج من الاتفاقية بنهاية كل سنة مالية، على أن يتم ذلك بموجب إخطار كتابي قبل نهاية السنة المالية بـ 90 يومًا.

بدوره، ثمّن الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، قرار خروج مصر من اتفاقية الحبوب الدولية، موضحًا أن القرار كان يجب أن تتخذه مصر منذ فترة طويلة، وأنه بمثابة اللطمة التي وجهتها لمصر لمحتكري القمح، لكنها لطمة تأخرت كثيرًا وكان يجب أن تحدث من قبل، نظرًا لتخاذل المسؤولين عن الاتفاقية في توفير الدعم الذي كانت تنشده مصر.

وأوضح "النحاس" في تصريحات لـ "الفتح" أن اتفاقية الحبوب تحولت عن أهدافها الحقيقية التي كانت تسعى مصر لتحقيقها من خلال الانضمام لهذه الاتفاقية وهي تأمين احتياجاتها من القمح، وأصبحت تمثل عبئًا على القاهرة، ومن ثم فإن قرار الانسحاب جيد، رغم تأخره كثيرًا.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن قرار انسحاب مصر من الاتفاقية سيؤدي إلى استقرار نسبي في أسعار الحبوب على مستوى العالم، مبررًا وجهة نظره أن مبدأ الشفافية الذي تعمل به الاتفاقية كان يجبر مصر وهي أكبر مستورد في العالم على تقديم كل البيانات والمعلومات الخاصة بعملية الاستيراد؛ مما يشعل من الأسعار قبل شراء أي كميات أو أي تفاصيل عن المخزون؛ مما يعرضها لخسائر فادحة، إذ إنه كان يتم استخدام البيانات لصالح المُصدرين على حساب المستوردين.

وبيّن النحاس أن الاتفاقية لم يكن لها أي دور في فترة الأزمات التي مر بها سوق الحبوب العالمي، وبالتالي فإن الاتفاقية فقدت أهم أهدافها، وأصبحت الاستفادة منها مقصورة على الدول المُصدرة وليست المستوردة، موضحًا أن ذلك لا يتماشى مع رغبة مصر التي تُجهز نفسها لتكون ﻣﺮﻛﺰًا وبوابة إقليمية لتداول الحبوب للقارة الإفريقية.

وأكد النحاس أن مصر قادرة على تأمين احتياجاتها من القمح بعيدًا عن هذه الاتفاقية، موضحًا أن ذلك ما حدث فعلا خلال السنوات الأخيرة وخلال الأزمة الروسية على وجه التحديد، إذ نجحت مصر في تأمين احتياجاتها من القمح عن طريق علاقاتها مع الدول الأخرى خارج إطار اتفاقية الحبوب.

فيما يرى الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب الدولية لن يؤثر كثيرًا في سوق الحبوب، موضحًا أن مصر هي دولة مستوردة وليست مصدرة؛ ومن ثم فإن فالتأثير المباشر متعلق بمصر وحدها وليس ببقية الدول الأعضاء، مشيرًا إلى أن مصر من أكبر مستوردي القمح بينما تمنح الاتفاقية المميزات الأكبر للمصدرين، وبالتالي فإن الاتفاقية لن تتأثر كثيرًا.

وقال الدمرداش في تصريحات لـ "الفتح" إن مصر أعادت تقييم الأهداف والمميزات التي كانت تنشدها من هذه الاتفاقية، ومن ثم أخذت قرارًا بأن هذه المميزات ليست كفيلة لاستمرارها كعضو فيها، وهنا جاء قرار الانسحاب من الاتفاقية، موضحًا أن الكثير من المحللين والخبراء ليس بإمكانهم الجزم بالسبب الحقيقي الذي دفع مصر لاتخاذ قرارها ذلك، إلا أن البعض ذهب إلى التكهن ببعض الأسباب التي قد تكون خلف هذا القرار، وستتضح الأمور مستقبلًا.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الأمور قد تكون متعلقة بأزمة توفير الدولار، أو التوصل إلى اتفاق يفيد باستيراد القمح من روسيا بالروبل بدلًا من الدولار، خاصة أن الأخيرة اعتمدت الجنيه المصري في سلة عملاتها مما يساعد مصر على تأمين احتياجاتها من القمح أو جزء من احتياجاتها بعيدًا عن ضغط الدولار.