أمك أولًا

هبه الشامي

  • 24

نعيش بهذه الدنيا نتقلب معها بتقلب أحوالها، تارة نحزن، وتارة نفرح، تارة نخفق، وأخرى ننجح، تارة ينتابنا الفتور، وتارة أخرى تعلو بنا الهمم، بل ونحلق كالطير في سماء أمانينا! 

نستيقظ كل صباح ويزدحم رأسنا بالمهام، مع خليط من الطموحات، فيزدحم جدول أعمالنا، وهكذا كل يوم، فنحتاج لوقفة مع أنفسنا وإعادة النظر في جدولنا وفي ترتيب أولوياته، أين أمك وسط هذا الزحام من المسئوليات، والمشاعر؟! هل أعطيتها ما تستحق من الوقت والرعاية والحنان؟! هل تذكرت وصية الله تعالى ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم فيها؟! فأنتج ذلك برًا يعم الأرجاء!!

للأم مكانتها في الإسلام، التي لا تحتاج لدعم خارجي، ولدينا الكثير من الآيات والأحاديث والشواهد: قال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا"، فتلك التي حملت ابنها ضعفًا على ضعف أوجب الله تعالى عليه الإحسان إليها، بالقول اللين والعطف عليها، والقيام بمصالحها، دون أن تطلب هي، بل والذل لها رحمة بها..

والموفق من وفقه الله تعالى لبر أمه، فمن له أم، فهو يمتلك كنزًا، فدعوة منها قد تُغير مسار حياتك بأكملها، قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ.

فمن له أم فليسرع لإرضائها، قبل أن يعض أصابع الندم على التفريط بحقها، ولأن ذكر الأم أبلغ في الدلالة على العطف والحنان، كان رد هارون على عتاب سيدنا موسى عليه السلام له: "قالَ يا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولا بِرَأْسِي إنِّي خَشِيتُ أنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسْرائِيلَ ولَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي".

فعذرًا أماه على كل دقيقة عشتها بعيدًا عنك رغمًا عني، وكم اتسع صدرك لتقبل الأعذار من الأبناء راضيًا مُسلمًا، عذرًا أماه قد شغلتني الحياة، وما لي غنى عن رضاك، فرضاك لرضا الرحمن سلمًا، رَغِمَ أنْفُ، ثم رَغِمَ أنْفُ، ثم رَغِمَ أنْفُ من أدرك أبويه عند الكِبر، أحدهما أو كِليهما فلم يدخل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم..