غارقون في النعم

أمل السلاحجي

  • 79

بينما نحن غارقون في النعم، غافلون عن شكرها، ننتظر المزيد، نرسم حبالًا من الآمال تتجاوز القدرات والآجال، تأتي المحن لتوقظنا، وتأتي الكوارث لتبصرنا كم كنّا غافلون، ولدنيانا راكنون، فنفيق ونستيقظ من سبات الدعة والغفلة إلى ساحة اليقظة والأوبة.
زلزال أيقظنا فجأة، تحولت العقول من التفكير في النتائج والشهادات إلى التفكير في النجاة من البلاءات، ملئت منشورات الدعاء وطلب العافية الهواتف والصفحات، لهجت الألسن بالأبتهال ووجلت القلوب في الصدور، واعتصرت حزنًا على إخوة لنا بين قتيل وجريح ومكلوم، هكذا توقظنا المحن لتلقننا دروسًا سهونا عنها لفترة.
عندما ترى كيف في لحظة يتبدل وجه الأرض "بهزة"، من بقاع غافية، وشوارع عامرة، وبيوت آمنة، إلى خراب وعويل ودمار، تنتبه لحقيقة الدنيا وسعادتها الزائفة فتعمل للآخرة الباقية..
عندما ترى أنك نجوت بلا حول لك ولا قوة فتسارع إلى الشكر بالقلب واللسان والجوارح، عندما يعتصر قلبك لبلاء إخوانك فتهرع للمساعدة والعون ولو بالدعاء وحده تستبشر بأن لك قلبًا حيًا، عندما تتذكر ذنوبك وتتوب منها وتحدث نفسك: لعل ذنوبي سبب البلاء فتستغفر وتتوب.
عندما ترى أناسًا ماتوا بينما هم في أعمالهم فجأة ولم يكن الموت لهم على بال؛ فتسرع لعمل الصالحات وترك المنكرات فلا تعلم متى يأتي هادم اللذات، عندها  تكون قد فهمت الدرس وتيقظت، وإن لم تخرج من محنة الزلازل تلك بأي من تلك الدروس فكبر على قلبك أربعة!