استشارة أسرية

فاطمة أحمد صابر

  • 62

أعاني من كآبة بعد أكثر من محنة مختلفة في الشدة، ولكني أصبحت حزينة معظم الوقت لا سيما مع أحوال البلد، وزيادة الصعوبة في أمور المعاش، أريد أن أستعد لرمضان، ولكني لا أستطيع، أشعر بثِقَل كبير ولا أجد حماسي السابق".

الإجابة:

غاليتي أُقدر ما تشعرين به من فقد ألوان وبهجة الحياة بعد صعوبات مررتِ وتَمُرِّين بها، ولكن هذه المشاعر على ثقلها إنما هي تهيئة ربانية لاستكمال الحياة بعد الصعوبات والاستفادة من تلك المواقف في حياتك فلا تستعجلي ذلك.

خذي وقتك مع مراعاة بعض الإرشادات؛ الوقت وحده يؤجل فقط والإرشادات وحدها لن تجدي مع الاستعجال، بل هذا الحزن مما يجعلك أكثر فهمًا للحياة وسننها؛ أقل تعلقًا بالدنيا، وأكثر امتنانًا لتعليم الله لك؛ مما لا يجعلك فريسة سهلة للاكتئاب بعد ذلك كلما وعيتها بشكل أفضل.

بداية عيشي يومًا بيوم، ولا تضعي خططًا كبيرة؛ اختاري لرمضان هدف التسليم لله، أنت تحتاجينه اليوم، ورمضان فرصة للتدرب عليه، اكتبي مشاعرك كل يوم، وإن وجدتِ صعوبة قد يساعدك تذكر ثلاثة مشاعر حدثت على مدار اليوم.. هذا التمرين بداية للتعرف على نفسك والتواصل معها؛ لأن معرفتها أول خطوات علاجها واستعادتها.

ضعي قائمة بما يُسَلِّيكِ ويُعطيكِ بعض المتعة سواء من الأنشطة أو العبادات أو الأصحاب أو الأماكن أو بعض الطعام والمشروبات، اجعلي لك في كل يوم جلسة ممتعة تستشعرينها بحق ولا تنتظري من نفسك متعة كبيرة فقط تقليل الحزن، وهذا نوع من التصبر تَقَبُّل الحزن، وتَقَبُّل الألم في الحياة وفهم سنن الله في كونه.

يفيد أيضا تمرين "الامتنان" تذكري واكتبي ثلاثة أشياء جميلة حدثت معك اليوم؛ على بساطتها فهذا يفتح لديكِ رؤية الجانب الإيجابي شيئًا فشيئًا، ولخطة رمضانية مناسبة لذلك أَحْسِنِي البداية بإحسان الفرائض، فهذا الأمر هو أكثر ما يستحق المجاهدة، وبقدر ما تتعتعين فيه بقدر الأجر؛ فالموازين عند الله عز وجل ليست كالتي عند الناس، وأحب شيء إليه الفريضة قبل النافلة.

ثم تنطلقين إلى الأجور والمعينات: "قراءة القرآن" شفاء للصدر وجلاء للحزن، و"الصلاة" بها استعان النبي صلى الله عليه وسلم على أمره، و"الذِّكْر" صلة دائمة بالقوي سبحانه وتعالى، و"الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" تفريج لِلْهَمّ.

اختاري ما وقع فضله في قلبك وخذي منه ما استطعتِ، وإذا استثقلتِ أمرًا فخذي من آخر، وخذي وقت راحتك واحتسبي الإعانة على العبادة واتزان حياتك الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقا؛ فأعط كل ذي حق حقه"، والهجي إلى الله بالدعاء، مع تسليم أمورك جميعها إليه قبل النوم كما ورد من هدي النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجي منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت".