القشة ومثقال الذرة

وفاء الشحات

  • 81

القشة التي قصمت ظهر البعير" هو مثل قديم له قصة، فيحكى أن رجلًا كان لديه جمل فأراد السفر فجعل يحمل فوق ظهر الجمل أمتعة كثيرة حتى صار الجمل يهتز ويئن، فما كان من صاحبه إلا أن وضع عليه حزمة من القش ظنًا منه أنها خفيفة! فسقط الجمل أرضًا! فتعجب الناس وقالوا قشة قصمت ظهر البعير! والحق أن القشة لم تكن هي القاصمة بل الأحمال الثقيلة قبلها! والشاهد أن لكلٍ منا طاقة مهما بلغت قوته وقدرته.

وأيضًا عدم الاستهانة بالصغائر فبتراكمها تكون كبائر، فالجبال من حبات الرمال، والأنهار من قطرات الأمطار، والنار من مستصغر الشرر، وقد جاء الشرع لتأكيد هذا المعنى في قوله تعالىك (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (*) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقوله عليه الصلاة والسلام (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمر بمعروف ونهي عن منكر صدقة، وإرشادك الرجل أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرَّديءِ البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك دلوك في دلو أخيك لك صدقة).

لا يخفى على أحد ما يعاني منه الجميع من أزمة اقتصادية وغلاء والذي يُحتم على الجميع التكاتف والرحمة، فعلى المسؤول قرارات لتخفيف العبء عن الناس (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

وعلى التاجر لا يحتكر السلع ولا يغالي قال عليه الصلاة والسلام (من احتكر طعام أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه) وقال أيضاً (أدخل الله عز وجل الجنة رجلاً كان سهلاً مشترياً وبائعاً).

وعلى الأسرة أن يسود بينهم الود والتراحم فعلى الزوجة تخفيف العبء والتماس العذر للزوج وترشيد الاستهلاك وتقليل الرفاهيات، وعلى الزوج الصبر وقوة التحمل فالأزمات تصنع الرجال وتظهر معدنهم، وعلى الأبناء الرحمة بوالديهم وعدم إرهاقهم بكثرة الطلبات.

وعلى المجتمع كله العودة إلى الله بالتقوى والتوكل عليه (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه...).

والتوبة والاستغفار (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).

التراحم بين العباد قال عليه الصلاة عليه (إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق).

الصدقة والتكافل وتفقد الفقراء والمساكين (صدقة السر تطفئ غضب الرب)

وأخيرًا علينا أن نحمد الله على نعمه التي لا تحصى فنعمة الأمن والأمان والسكن نعمة افتقدها إخواننا في البلاد حولنا من حروب وزلازل ومحن فاللهم أمنًا وعوناً لنا ولإخواننا تول أمرنا ولا تكلنا إلى أنفسنا ولا تهلكنا بذنوبنا وارحمنا أنت أرحم الراحمين.