• الرئيسية
  • الأخبار
  • "باحث شرعي": الاجتماع على ذكر الله عز وجل بصوت واحد وعلى وتيرة واحدة لم يرد في نصوص الكتاب والسنة

"باحث شرعي": الاجتماع على ذكر الله عز وجل بصوت واحد وعلى وتيرة واحدة لم يرد في نصوص الكتاب والسنة

  • 44
الفتح - شريف طه

قال شريف طه، الباحث الشرعي، إن الاجتماع على ذكر الله عز وجل بصوت واحد وعلى وتيرة واحدة ونغمة واحدة، أو ترديد الذاكرين خلف واحد بصوت واحد ونغمة واحدة، لم يرد في نصوص الكتاب والسنة، ولم يؤثر في عهد الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم، بل لما ظهر في زمنهم من يفعل ذلك أنكروه ونهوا عنه.

وكتب طه في منشور له عبر "فيس بوك" قائلا: فمن ذلك: حديث ابن مسعود رضي الله عنه المشهور في إنكاره على من كانوا يذكرون ذكرًا جماعيًّا، وأنه قال لما وقف على حلقة من هذه الحلق: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟! قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ، قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ. قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ! قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ. 

وبين الباحث الشرعي قائلا: وهذا إنكار صريح من ابن مسعود رضي الله عنه للذكر الجماعي، ومن ذلك ما رواه ابن وضاح عن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِ قَالَ: كَتَبَ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَيْهِ أَنَّ هَا هُنَا قَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فَيَدْعُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْأَمِيرِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَقْبِلْ بِهِمْ مَعَكَ. فَأَقْبَلَ، وَقَالَ عُمَرُ لِلْبَوَّابِ: أَعِدَّ سَوْطًا. فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى عُمَرَ عَلَا أَمِيرَهُمْ ضَرْبًا بِالسَّوْطِ.

وأردف طه قائلا: بل إن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا ما هو أقل من ذلك بكثير، فقد روى ابن وضاح عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى بَلَغَ {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: ١١١] فَرَفَعَ أَصْوَاتَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا جُلُوسًا حَوْلَهُ، فَجَاءَ مُجَالِدُ بْنُ مَسْعُودٍ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ قَالُوا: مَرْحَبًا مَرْحَبًا، اجْلِسْ، قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَجْلِسَ إِلَيْكُمْ وَإِنْ كَانَ مَجْلِسُكُمْ حَسَنًا، وَلَكِنَّكُمْ صَنَعْتُمْ قَبْلُ شَيْئًا أَنْكَرَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا أَنْكَرَ الْمُسْلِمونَ.

وسرد طه مجموعة من أقوال العلماء، قائلا: وأما أقوال الأئمة فقد أنكروا ما هو أقل من ذلك بكثير، ومن ذلك:

١- إنكار الإمام مالك رحمه الله لقراءة القرآن في جماعة، وهو ما يعرف بالإدارة.

قال الطرشوشي: “وأما أن يجتمع القوم، فيقرؤون في السورة مثل ما يقرأ في الإسكندرية، وهو الذي يسمى الإدارة؛ فكرهه مالك، وقال: هذا لم يكن من عمل الناس”

وقال ابن الحاج المالكي: “لم يختلف قول مالك رحمه الله في القراءة ‌جماعة والذكر ‌جماعة أنها من البدع المكروهة”

٢- وقال أبو العباس الفضل بن مهران: سألت ‌يحيى ‌بن ‌معين وأحمد بن حنبل قلت: إن عندنا قومًا يجتمعون، فيدعون، ويقرءون القرآن، ويذكرون الله تعالى، فما ترى فيهم؟ قال: فأما ‌يحيى ‌بن ‌معين فقال: يقرأ في المصحف، ويدعو بعد صلاة، ويذكر الله في نفسه. قلتُ: فأخ لي يفعل هذا؟ قال: انهه. قلت: لا يقبل؟ قال: عظه. قلتُ: لا يقبل، أهجره؟ قال: نعم. ثم أتيتُ أحمدَ حكيتُ له نحوَ هذا الكلام، فقال لي أحمدُ أيضًا: يقرأ في المصحف، ويذكر الله تعالى في نفسه، ويطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: فأنهاه؟ قال: نعم، قلت: فإن لم يقبل، قال: بلى إن شاء الله تعالى؛ فإن هذا محدث، الاجتماع والذي تصف. قلت: فإن لم يفعل أهجره؟ فتبسم وسكت.

قلت : فانظر كيف اجتمع هذان الإمامان الكبيران على ذم هذا الذكر الجماعي؛ لأن صورته لم ترد، فكيف بصورة الحضرة المحدثة والمليئة بالمنكرات؟!

٣- وأما الإمام أبو حنيفة رحمه الله فمعلوم إنكاره للجهر بالذكر، إلا فيما ورد به الشرع، ففي بدائع الصنائع للكاساني الحنفي: “رفع الصوت بالتكبير ‌بدعة إلا في موضع ثبت بالشرع”.

وفيه أيضا: “والجهر بالأذكار ‌بدعة، والفعل إذا تردد بين السنة والبدعة تغلب جهة البدعة؛ لأن الامتناع عن البدعة فرض”. انتهى. 

وهذا يستلزم بالقطع أن يكون الذكر جماعة جهرًا من المحدثات المنهي عنها عندهم، وبهذا يتبين بدعية الذكر الجماعي.

وليس للمجوزين ما يحتجون به غير الأدلة العامة على فضل مجالس الذكر، أو فضل الاجتماع على الذكر، أو مشروعية الجهر بالذكر أحيانا، وهذا كله خارج عن محل النزاع.