باحث شرعي: الذكر باللفظ المفرد من البدع المحدثة وأقبح منها الذكر بالضمير الغائب والأقبح من ذلك الذكر بالتأوه

  • 92
الصوفية

قال شريف طه، الباحث الشرعي: إن من بدع الصوفية الخرافية في الذكر: الذكر بالاسم المفرد "الله" أو الضمير "هو" أو قولهم "أه"، وزعمهم أن هذا من أسماء الله تعالى؛ فإن الذكر بالاسم المفرد من البدع المحدثة وأقبح منها الذكر بالضمير الغائب، وأقبح من ذلك الذكر بالتأوه".
ونقل "طه" -في منشور له عبر "فيسبوك"- قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ومن زعم أن هذا ذكر العامة وأن ذكر الخاصة هو ‌الاسم ‌المفرد، وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر؛ فهم ضالون غالطون. واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله: ﴿‌قُلِ ‌ٱللَّهُ ‌ثُمَّ ‌ذَرهُم فِي خَوضِهِم يَلعَبُونَ﴾ [الأنعام: 91] من أبين غلط هؤلاء؛ فإن الاسم هو مذكور في الأمر بجواب الاستفهام، وهو قوله: ﴿قُل مَن أَنزَلَ ٱلكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَاءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورا وَهُدى لِّلنَّاسِ﴾ إلى قوله: ‌﴿‌قُلِ ‌ٱللَّهُ﴾ أي: اللهُ الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى؛ فالاسم مبتدأ، وخبره قد دل عليه الاستفهام، كما في نظائر ذلك تقول: من جاره؟ فيقول: زيد.
وأضاف: وأما ‌الاسم ‌المفرد مظهرًا أو مضمرًا فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة، ولا يتعلق به إيمانٌ ولا كفرٌ، ولا أمرٌ ولا نهيٌ، ولم يَذْكر ذلك أحدٌ من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالا نافعا، وقوله: “والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنة، وأدخل في البدعة، وأقرب إلى إضلال الشيطان. فإن من قال: يا هو يا هو، أو هو هو، ونحو ذلك؛ لم يكن الضمير عائدا إلا إلى ما يصوره قلبه، والقلب قد يهتدي وقد يضل”.
وأوضح الباحث الشرعي، أن حديث: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ" لا يدل على ذلك من وجوه وذكر منها: أن الصحابة والسلف لم يفهموا منها ذلك ولم يذكروا الله تعالى بالاسم المفرد، وأن بعض الروايات جاء فيها: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه"، وكذلك أن شراح الحديث بينوا معنى ذلك؛ ذكر منها قول الطيبي: "معنى "حتى لا يقال": حتى لا يذكر اسم الله ولا يعبد"، وكذلك قول المناوي: "وليس المراد ألا يُتلفظ بهذه الكلمة، بل إنه لا يذكر الله ذكرًا حقيقيًا".
وبين "طه" أن الاستدلال بقوله تعالى: "إِنَّ إِبرَٰهِيمَ ‌لَحَلِيمٌ ‌أَوَّٰه مُّنِيب" -بتفسيرهم الأواه كثير التأوه- ليكون حجة على جواز الذكر بقولهم "أه" استدلال فاسد من ثلاثة وجوه؛ فالأول: أن لا أحد من الصحابة والسلف كان يفعل مثل ذلك، ولا يذكر الله بالتأوه كما يدعون؛ فلو كان هذا صحيحًا لما عدلوا عنه وتركوه، مع ما علم من حرصهم على الذكر واشتغالهم به، والثاني: أن العلماء اختلفوا في معنى الأواه؛ فقيل: الدعاء -وهذا اختيار ابن جرير-، وقيل: الرحيم، وقيل: الموقن، وقيل: كثير الذكر والتسبيح وتلاوة القرآن، وليس الذي يقول "أوه".
وتابع: وقد ذكر ابن جرير رحمه الله تفسير الأواه بالتأوه، وذكر فيه حديثًا لا يصح، وذكر عن كعب أنه قال: “الأواه: إذا ذكر النار قال: أوه”، وعلى هذا القول فإن معناه أنه يقول ذلك خوفًا وحزنًا وإشفاقًا عند ذكر النار ونحو ذلك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لبلال لما رأى معه التمر الجيد: "أوَّهْ أوَّهْ! عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَلْ"؛ فقال ذلك حزنًا على وقوعه في الربا؛ فهذا هو معنى من ذكر هذا الوجه في معنى الأواه، لا أنه يذكر الله تعالى بقوله: "أه"؛ فإن هذا ذكر محدث لا معنى له.
واختتم الباحث الإسلامي، حديثه بقوله "وأقبح من ذلك دعوى بعضهم أنه من أسماء الله تعالى؛ فإن الأسماء توقيفية، ولم يرد في الكتاب والسنة ذكر ذلك، وإنما ورد في حديث لا يصح، وقال المناوي: “فَإِن الأنين من أَسمَاء الله تَعَالَى، أَي: لفظ"آه" ‌من ‌أَسمَاء ‌الله تَعَالَى، لَكِن هَذَا تتداوله الصُّوفِيَّة، ويذكرون لَهُ أسرارا، وَلم يرد بِهِ تَوْقِيف من حَيْثُ الظَّاهِر”.