سُئل شيخ الأزهر السابق منذ عام 1964 م إلى 1973 م، ومفتي الديار المصريَّة الشيخ حسن مأمون (ت 1973 م) ما حكم الشرع في زيارة أضرحة الأولياء والطواف بالمقصورة وتقبيلها والتوسل بالأولياء؟
وأجاب الشيخ حسن مأمون -رحمه الله- قائلا: أود أن أذكر أولا أن أصل الدعوة الإسلامية يقوم على التوحيد، والإسلام يحارب جاهدا كل ما يُقرّب الإنسان من مزالق الشرك بالله، ولا شك أن التوسل بالأضرحة والموتى أحد هذه المزالق وهي رواسب جاهلية؛ فلو نظرنا إلى ما قاله المشركون عندما نعى عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- عبادتهم للأصنام قالوا له: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ} (الزمر: 3)، فهي نفس الحجة التي يسوقها اليوم الداعون للتوسل بالأولياء لقضاء حاجة عند الله أو التقرب منه.
وأضاف شيخ الأزهر الأسبق -في فتوى له بتاريخ 7/3/1957 منشورة في مجلة الإذاعة المصرية- أن ضمن مظاهر هذه الزيارات أفعال تتنافى مع عبادات إسلامية ثابتة؛ فالطواف في الإسلام والتقبيل في الإسلام لم يُسَنّ إلا للحجر الأسود، وحتى الحجر الأسود قال فيه عمر وهو يقبله "والله لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما فعلت"، فتقبيل الأعتاب، أو نحاس الضريح، أو أي مكان به حرام قطعا.
وتابع: تأتي بعد ذلك الشفاعة، وهذه هي في الآخرة غيرها في الدنيا، فالشفاعة ارتبطت في أذهاننا بما يحدث في هذه الحياة من توسط إنسان لآخر أخطأ عند رئيسه ومن بيده أمره يطلب إليه أن يغفر له هذا الخطأ، وإن كان هذا المخطئ لا يستحق العفو والمغفرة، غير أن الله -سبحانه وتعالى- قد حدد طريق الشفاعة في الآخرة، فهذه الشفاعة لن تكون إلا لمن يرتضي الله أن يشفعوا، ولأشخاص يستحقون هذه الشفاعة، وهؤلاء أيضا يحددهم؛ إذن فكل هذا متعلق بإذن الله وحكمه، فإذا نحن سبقنا هذا الحكم بطلب الشفاعة من أي كان فإن هذا عبث؛ لأننا لا نستطيع أن نعرف من سيأذن الله لهم بالشفاعة ومن يشفع لهم.
وأكد شيخ الأزهر الأسبق أنه بذلك يتضح أن كل زيارة للأضرحة غير الشرعية والطواف حولها وتقبيل المقصورة والأعتاب والتوسل بالأولياء وطلب الشفاعة منهم كلُّ هذا حرام قطعا ومنافٍ للشريعة أو فيه إشراك بالله، مشددا على أنه ينبغي على العلماء أن ينظموا حملة جادة لتبيان هذه الحقائق، فإن الكثير من العامة، بل ومن الخاصة ممن لم تتح لهم المعرفة الإسلامية الصحيحة يقعون فريسة الرواسب الجاهلية التي تتنافى مع الإسلام، وإذا أخذ الناس بالرفق في هذا الأمر فلابد أنهم سوف يستجيبون للدعوة؛ لأن الجميع حريصين ولا شك على التعرف على حقائق دينهم.

