أكد الدكتور محمد شاكر، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن العنف مشكلة سلوكية، ينتج عنها العديد من المشكلات الخطيرة، مثل الإصابة الجسدية والنفسية، وربما تؤدي للوفاة، ويجب على الجميع التصدي لها، ومعالجة أسبابها الرئيسية لمنع انتشارها في المجتمع.
وأشار "شاكر"، في حوار لـ "الفتح"، إلى حديث عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: يا عائشةُ، ارْفُقي؛ فإنَّ اللهَ إذا أرادَ بأهلِ بَيتٍ خَيرًا، أدخَلَ عليهم الرِّفْقَ)، مؤكدًا أن الرفق يمنع العنف ابتداءً.
وإلى نص الحوار:
ما التعريف المناسب للعنف وما أنواعه؟
هو إحدى المشكلات السلوكية التي تحدث نتيجة لاستخدام القوة البدنية عن قصد، سواء للتهديد أو للإيذاء الفعلي ضد النفس أو شخص آخر أو المجتمع، وقد يؤدي إلى الإصابة أو الوفاة أو الضرر النفسي أو سوء النمو أو الحرمان.
وهناك أنواع عديدة منها: اللفظي مثل السخرية والاستهزاء، والجسدي كالضرب وغيره، والسلبي وهو التصرفات التي تبدو غير ضارة وطبيعية ولكنها تكون بدافع الإيذاء.
كيف ترى أسباب انتشار ظاهرة العنف بالمجتمع؟
توجد أسباب عديدة لانتشار العنف مثل (انتشار المخدرات، بعض الأمراض النفسية والعضوية، عرض العنف في وسائل الإعلام المختلفة، العنف الأسري، وكذلك الإحباط الناتج عن أسباب مختلفة).
هناك من يقول إن الالتزام بالمظهر العام للدين ليس سببًا كافيًا لنفي العنف عن الشخص.. ما الرد على ذلك؟
الالتزام الحقيقي بأخلاق الإسلام يجعل الإنسان أبعد ما يكون عن العنف، وأوصانا النبي صلى عليه وسلم (إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ)، حتى مجرد المزاح بالسلاح غير مقبول لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( لاَ يشِرْ أحَدُكُمْ إلَى أخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإنَّهُ لاَ يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعَ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ).
ويتأمل الإنسان قول الله عز وجل (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)،
فيكون الانسان بالتزامه بالدين أبعد ما يكون عن العنف رحمة منه وعلمه بالعقوبة، بل نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب الذي غالبًا ما يؤدي إلى العنف اللفظي أو الجسدي – فعن أَبي هريرة : أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ ﷺ: أَوْصِني، قَالَ: لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لا تَغْضَبْ.
وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم في حالة الغضب فقال :( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
أما الحالات الفردية التي يكون فيها الشخص ملتزمًا ظاهريًا مع ذلك يستخدم العنف فهي لا تعمم، ومشكلة في شخصه هو وليست مشكلة في ديننا الحنيف البعيد كل البعد عن العنف.
بحديثنا عن أسباب العنف.. هل العنف الأسري والمجتمعي بهذه الخطورة؟
بالطبع، العنف الأسري -سواء بين الزوجين أو الأم والأبناء- يربي في شخصية الطفل أن استخدام العنف هو أحد الحلول ويعتاده الطفل ويسعى لتطبيقه بعد ذلك، كذلك العنف داخل المجتمع كسماع السباب ليل نهار في الشارع والتطاول بالأيدي فيعتاد عليه الناس ويصبح واقعًا للأسف بمرور الأيام.
هل تتحمل وسائل الإعلام مسؤولية انتشار العنف؟
بعض وسائل الإعلام التي تعرض وتمثل العنف باستمرار هي من أخطر المسببات له، لأنها تعلم الشخص كيف يستخدم قوته الجسدية واللفظية للتطاول على الناس، والبعض منها يعلم الناس بل ويبتكر لهم أحدث الطرق لإيذاء الآخرين، فهذه الوسائل تعتبر قنبلة موقوتة في المجتمع، ويجب علينا جميعًا التصدي لها، ورفضها ومقاطعة هذه الأعمال التي تظهر العنف وتدعمه.
كيف نتصدى للعنف؟
التصدي للعنف يكون عن طريق معالجة أسبابه التي من بينها الحد من العنف الأسري، وأيضًا الحد من استخدام المخدرات، وكذلك اكتشاف الأمراض النفسية واضطرابات الشخصية المبكر وعلاجها.
وأيضًا، مقاطعة وسائل الإعلام التي تعرض أعمالًا تمثل العنف، والأهم هو استشارة طبيب نفسي إذا كنت تعاني من ميول عدوانية، والاهتمام بالصحة النفسية.
هل ترى فائدة في تمثيل العنف في مقاطع مصورة وعرضها للناس؟
الأصل أنه لا يصلح وليس منه منفعة، لأنه كما قولنا في الغالب يعلم الناس أساليب جديدة وتعودهم عليه، ولكن إذا كانت هذه الفيديوهات تراجع بواسطة مختصين في الطب النفسي، والصحة النفسية وعلماء الاجتماع بحيث تكون تحذيرية لتجنب الوقوع ضحية، وتوضح كيفية تجنب الشخص المؤذي وعدم الوقوع في شبكته، وكذلك تدرس الأسباب الحقيقية التي تؤدي للعنف وعرض علاج للعنف فهذا بلا شك يمنع ويعالج المشكلة.
ما النصيحة التى يمكن توجيهها للشباب؟
نصيحتي لهم هى الالتزام بآداب الإسلام والأخلاق الاسلامية، وكل ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من حث على الرفق واللين، وعدم الاندفاع والغضب، ومعالجة الاسباب الرئيسية و استشارة طبيب نفسي في ما تواجهه من مشاكل.