التزكيــــة.. من مهمات الرسالة ومن أصول الديانة

  • 144

النفس:
- جاهلة لابد لها من علم
- ظالمة لابد لها من عمل.
- تجنح وراء الشيطان لابد لها من قدوة.
- متعجلة لابد لها من لجام وحبس.

فالتزكية والتربية تثقل النفوس وتطيب المشاعر وتبارك الأخلاق وتجمع العبد بكليته على الله فلا ينازعه هوى ولا تخالفه نفسه ولا تغرقه أهوائها ولا تجنح به أمانيه بل يصبح لله وبالله ومع الله بكل جوارحه وقدراته.

جيل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ماثل أمامه باختلافهم في القدرات والعطاء كلهم عدول أشداء على الكفار رحماء بينهم كل خير سبقونا إليه هم الأوائل في كل مكرمة رضى الله عنهم ورضوا عنه، كابدوا بدايات الرسالة ودفعوا ضريبة غالية ثمنها أغلى وأكبر فكل تزكية جزء من زكاتهم وكل إيمان ذرات من إيمانهم سبقونا بالإيمان فاغفر لنا ولهم يا رحمن واجمعنا معهم برحمتك يا أكرم الأكرمين مع النبى صلى الله عليه وسلم فى الجنان.
تزكية النفس تكون بالعلم النافع والعمل الصالح.

فبالعلم النافع يبصر العبد كيف يسير على طريق الطاعة ويستقيم قلبه ويسلم من الشبهات وبالعمل الصالح يتحرك العبد على الصراط المستقيم وتستقيم جوارحه وتسلم من الوقوع فى الشهوات ولابد من تهيئة النفس والقلب لذلك ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال) استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من ثمانية أشياء كل منها قرينان.

المكروه الوارد على القلب إما على ما مضى فيحدث:
الحزن : وهو التأسي على مكروه فات لا يتوقع دفعه
والهم : هو الألم على مكروه منتظر يتوقع دفعه
والعجز: عدم القدرة على تحقيق المصلحة وكمال اللذة والسرور.
والكسل : عدم تحقيق المصلحة مع القدرة على ذلك لضعف الإرادة والهمة، وقد يكون العجز ثمرة الكسل فيلام عليه.

قال بعض الحكماء:
إياك والكسل والضجر فإن الكسل لا ينهض لمكرمة، والضجر إذا نهض إليها لا يصبر عليها.

والجبن : مانع لنفع بدنه وإحسانه.
والبخل : مانع للنفع المالي ومستلزم الجبن من غير عكس.
والشجاعة : يستلزم الكرم من غير عكس.
وضلع الدين : قهر بحق.
وغلبة الرجال : قهر بباطل

والمقصود أن الغفلة والكسل اللذين هما أصل الحرمان سببهما عدم العلم والعزيمة ( العمل ).
والكمال كله إلى العلم النافع والعمل الصالح ( العزيمة والإرادة ).

المجاهدة والمكابدة لأداء مهمة التزكية مع النفس والقلب والروح

لابد للعبد إذا سار على طريق التزكية في أول أمره من مكابدة ومرابطة جيدة في نفسه ومجاهدة عدوه فيرابط على ثغر قلبه أن يدخل فيه خاطر لا يحبه وليه الحق ، ويقطع كلاليب الشهوات والشبهات عن نفسه وقلبه وروحه فحينئذ يصفو له إقباله على ربه ويستولى نور المراقبة على أجزاء باطنه فيمتلئ قلبه من نور توجهه إلى الله بحيث يغمر قلبه ويستره عما سواه ثم يسرى ذلك النور من باطنه فيعم أجزاء بدنه ويستقيم ظاهرة فيتشابه الظاهر والباطن فيجد آثار ذلك في قلبه وروحه ويجد العبودية والمحبة والدعاء والافتقار والتوكل والخوف والرجاء وسائر أعمال القلب تحركه إلى طاعة ربه وتزكية نفسه وروحه .

أول الفتوحات للقلب وبداية الطريق:
خلو القلب من الاهتمام بالدنيا والتعلق بها والاجتهاد فى التعلق بالآخرة وتحصيل العدة والتأهب للقدوم على الله عند ذلك يتحرك القلب لمعرفة ما يرضيه فيفعله ، وما يسخطه فيتجنبه فإذا تمكن من ذلك فتح له باب الأنس بالخلوة مع ربه عز وجل ويجمع قوى قلبه وإرادته على الله وتسد عليه الأبواب التى تفرق همه وتشتت قلبه .

· ثم يفتح له باب حلاوة العبادة فلا يشبع منها ويجد فيها من اللذة والراحة أضعاف ما كان يجده فى لذة اللهو واللعب ونيل الشهوات .
· ثم يفتح له باب شهود عظمة وحلاوة الاستماع لكلام الله فلا يشبع منه أبداً .
· ثم شهود عظمة الله المتكلم به وإجلاله .
· ثم يفتح له باب الحياء من الله نور يقع فى القلب وكأنه واقف بين يدى ربه يستحى منه فى خلواته وجلواته ويرزق دوام المراقبه للرقيب السميع .
· ثم يفتح له باب الشعور بمشهد القيوميه فيشهد ربه مالك كل شئ مالك الضر والنفع .
· ثم يستمر فكأنه لا يرى إلا الله ويتدبر معاينة الخلق والكون المتحرك بقدرة الله .
· ثم يفتح له باب الحياة كأنه فى الملأ الأعلى رقاه الله وأشهده أنوار الإيمان ويذوق طعم المحبة الملهبة للروح والقلب فالعبد لا يزال الله يرقيه طبقاً بعد طبق ومنزلاً بعد منزل إلى أن يوصله إليه ويمكن له بين يديه أو يموت فى الطريق فيقع أجره على الله فالسعيد من لم يلتفت عن ربه وزكى نفسه وطهرها وكابد وصابر ورابط ليصل إلى ربه ويفوز بمحبته ورضاه .