العنصرية الشيعية الفارسية عند الإيرانيين تجاه العرب والمسلمين

  • 154

قد لا يدهشك أن تعلم أن كسرى كان يسمي العرب عموماً والصحابة الفاتحين لدولة الفرس المجوس - إيران حاليا - "بالبدائيين الأوباش" ويسمى الفتح الإسلامي لفارس بـ "غارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة و ناموس الدولتين الملكية والإمبراطورية" [1] على حد زعمه.
لكن أن يقول نفس مقولة كسرى شخص ينعتونه بالعالم وآية الله، ينتمي إلى كيان يسمى بالجمهورية (( الإسلامية )) وهو الأحقافي الذي يقول:
"لم أر للعرب دينا و لا حزما ولا قوة . همتهم ضعيفة بدليل سكنهم في بواد قفراء، ورضائهم بالعيش البسيط، والقوت الشحيح، يقتلون أولادهم من الفاقة ويأكل بعضهم بعضا من الحاجة. أفضل طعامهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها . وإن قَرَي أحدهم ضيفاً عدّها مكرمة. وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم و تفتخــر بذلك رجاله"[2] ويقول " ثم إنهم مع قلتهم وفاقتهم وبؤس حالهم، يفتخرون بأنفسهم، و يتطاولون على غيرهم وينزلون أنفسهم فوق مراتب الناس " [3].
فهو يقول بما يقول به كسرى المجوسي بل يزيد عليه وقد ذكرت ذلك مفصلاً في كتابي " احتفال علماء الشيعة بضريح أبى لؤلؤة المجوسي قاتل أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ".
ومؤخرا يؤكد هذه الكراهية المفكر الإيراني الأستاذ بجامعة طهران " صادق زيبا كلام " خلال مقابلتين أجراهما مؤخرا مع أسبوعية "صبح آزادي" الإيرانية، عن نظرة الإيرانيين الفرس تجاه العرب والشعوب الأخرى بشكل عام وإزاء القوميات غير الفارسية في بلاده بشكل خاص، مبينا جوانب النظرة الدونية من الفرس لغيرهم وخاصة العرب، مرجعا ذلك إلى أسباب تاريخية بعيدة.
فيقول معترفا : "أعتقد أن الكثير من الإيرانيين يكرهون العرب، ولا فرق بين المتدين وغير المتدين في هذا المجال.
ويقول ردا على سؤال حول أسباب ودوافع النزعة العنصرية : "في اعتقادي هناك علاقة مباشرة بين تدني المستوى الثقافي والنزعة العنصرية"، مشيرا إلى أن "نفس المعادلة نشاهدها في أوربا حيث أغلبية العنصريين غير متعلمين، فنراهم يعادون اليهود والمسلمين والأجانب، إلا أن هذا الأمر يختلف في إيران تماما لأنكم ترون الكثير من المثقفين يبغضون العرب، وتجدون الكثير من المتدينين ينفرون منهم، إلا أن هذه الظاهرة أكثر انتشارا بين المثقفين الإيرانيين، فهذه الظاهرة تنتشر بين المتدينين على شاكلة لعن أهل السنة. إن الحقد والضغينة تجاه السنة ورموزهم لدى الكثير من الإيرانيين هو في واقع الأمر الوجه الآخر للحقد على العرب".
وفي إشارة إلى الأسباب التاريخية لكره العرب يقول زيبا كلام: "يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب ولم ننس القادسية بعد مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة وحقدا دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة".
وردا على ما إذا كانت لديه إثباتات بهذا الخصوص قال المفكر الإيراني البارز: "لديّ الكثير بهذا الشأن، فهذه الأمور ليست من صنع الوهم.. فكلما اتخذ جيراننا في الإمارات والبحرين وقطر والكويت موقفا ما ضد إيران ستجدون رد الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنصريا أكثر منه موقفاً سياسياً".
وتساءل: ماذا يعني هذا؟ أي عندما يتحدث الناطق باسم خارجيتنا أو وزير خارجيتنا أو إمام جمعتنا أو رئيس برلماننا.. فإن ردود أفعالهم تأتي من منطلق استعلائي، فعلى سبيل المثال يقولون لهم (للدول العربية) هل أنتم بشر؟ ما أهمية الإمارات؟ لو نفخ الإيرانيون من هذه الضفة للخليج الفارسي [4] على الضفة الأخرى سيمحونكم من الوجود..".
ويقول أيضا : " إنكم تسمعون الكثير من الإيرانيين ينصحون بعضهم بعضا بأقوال تنم عن الحقد تجاه العرب فيقولون: لماذا تسافرون إلى البلدان العربية وتصرفون أموالكم هناك، ولكن لا أحد يسأل لماذا يسافر الإيرانيون بهذه الأعداد الكبيرة إلى تركيا؟".
وردا على تعليق الصحافي الذي أجرى معه المقابلة بخصوص نوع السفر إلى تركيا وقوله إن السفر إلى تركيا يدخل في إطار السياحة ويأتي السياح من مختلف الشعوب، قال صادق زيبا كلام: "أنا أعرف أن الناس يسافرون إلى تركيا بغرض السياحة، ولكن ما الفرق في أن يسافر أحدهم إلى مكة بهدف العمرة أو إلى المدينة أو إلى كربلاء، ربما لو كانت كل من مكة والمدينة وكربلاء في تركيا أو ماليزيا لم يكن ليشكل ذلك أية مشكلة.. لأن العرب لا يعيشون هناك".
وحول متى بدأت هذه النظرة الاستعلائية تجاه العرب قال زيبا كلام: "منذ الحقبة الملكية كان الأمر على هذا المنوال، حيث كانت تسود إيران نظرة تحطّ من شأن العرب، وهي مستمرة إلى يومنا هذا، فأنا أريد أن أؤكد أكثر من ذلك، فأقول إن الدوافع من وراء تأسيس مجمع اللغة الفارسية كانت طرد الكلمات والمصطلحات العربية من الفارسية، وهذا يدل على حقدنا تجاه العرب".
ثم تساءل: "لماذا يتم حذف كلمة عربية دخلت اللغة الفارسية منذ ما يزيد على 1000 عام ووجدت مكانتها في هذه اللغة وأصبحت جزءا منها ونجدها في كتب من قبيل "جولستان" و"بوستان" و"الشاهنامة" وديوان حافظ وأشعار جلال الدين الرومي؟ فهذه الكلمات (العربية) نجدها في كل مكان فهي جزء من ذاكرتنا التاريخية".
واعتبر زيبا كلام كافة المحاولات التي بذلت في المرحلتين الملكية والجمهورية لتصفية اللغة الفارسية من الكلمات والمصطلحات العربية، تنم عن الكره والضغينة تجاه العرب" ا.هـ
و هنا عدة أسئلة تطرح نفسها:
أليس العرب الذين يكرههم الإيرانيون هم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم و تابعيهم حتى محبيهم في عصرنا هذا والذي في عقيدتنا أن حبهم دينٌ؟
أليست اللغة العربية لغة القرآن الكريم الذي نزل على خير خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام الذي يزعمون أنه كتابهم ونبيهم ودينه؟
ألا يفيق أبناء أمتنا الإسلامية والعربية لهذا الحقد المتأصل ذى الجذور الفارسية المجوسية قبل زعمهم أن دين الشيعة يمت بصلة لدين الإسلام وأن إيران التي تزعم أنها إسلامية لا يمكن التقارب معها بأي حال من الأحوال وهي تكن هذا الكره للعرب و المسلمين لا لمجرد عرق وعنصرية بغيضة فحسب بل كرها لحملة هذا الدين خير خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وهم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أحباء وأخلاء ووزراء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
--------------------------
[1] - رسالة الإيمان ص 323 - ميرزا حسن الحائري الإحقاقي - مكتبة الصادق - الكويت الطبعة الثانية / 1412هـ
[2] - بلوغ الارب ( 147 و مابعدها.
[3] - السابق ص 148.
[4] - يقصد الخليج العربي لكنهم لا يعترفون بهذه التسمية كما ترى في هذا المقال.