سد النهضة يفرض نفسه على مباحثات القمة الأفريقية..خبراء: إثيوبيا تماطل لفرض سياسة الأمر الواقع.. ومخاوف من فشل مباحثات القمة

تتجه أنظار المصريين اليوم وغدا إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ليروا ماذا ستسفر عنه القمة الأفريقية بدورتها الـ24 بأديس أبابا، في حضور قادة وزعماء القارة وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يرأس الوفد المصري.
بدأت القمة فعالياتها أمس الخميس بسلسلة من اللقاءات بين قادة وزعماء القارة لطرح العديد من الرؤى السياسية والتنموية للنهوض بالشعوب التي عانت كثيرا من الفقر والحرمان.

وكشفت مصادر دبلوماسية اجتماع قمة مرتقب سيُعقد بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس وزراء إثيوبيا هيلى ماريام ديسالين على هامش القمة الأفريقية، حيث يبحثان التعاون بين البلدين في مجالات متعددة على رأسها أزمة سد النهضة بعد تصاعد مخاوف الكثيرين إثر مماطلة الجانب الآخر لتضييع الوقت حتى يصبح السد أمرا واقعا، إضافة إلى عدم الاعتراف بتوصيات المكتب الاستشاري مع تأكيد أنها غير ملزمة.

يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الإثيوبية جميع التزاماتها بتجنب أي ضرر محتمل من السد على استخدامات مصر للمياه، فيما أعلنت الحكومة المصرية الالتزام أيضا بالحوار البناء مع إثيوبيا الذى يأخذ احتياجاتها التنموية وتطلعات الشعب الإثيوبي بعين الاعتبار.

وأوضحت المصادر أن اللقاء المرتقب بين "السيسي" و "ديسالين" سيركز على أن مصر لا يمكن أن تقف فى وجه حق الشعب الإثيوبى فى التنمية، ونهر النيل إذا كان يمثل للإثيوبيين مصدرا للتنمية، فإنه يمثل للمصريين أيضا مصدرا للحياة؟!

فيما أكد عدد من خبراء المياه أن ملف سد النهضة دخل في مرحلة حرجة وحاسمة ويحتاج إلى سيناريوهات بديلة للتعامل مع الأزمة، مضيفين أن تعنت إثيوبيا ورفضها الدائم للحلول والمقترحات سيجعل من سد النهضة أمرا واقعا بعد فشل جميع المفاوضات؛ حيث تسعى أديس أبابا إلى استنزاف الوقت والتفنن في إهدار كل الفرص المتاحة سواء "توصيات المكتب الفني، أو تقييم الخبراء العالميين في مجال المياه والطاقة"، دون الأخذ في الاعتبار مصالح الشعب المصري أو السوداني.

من جانبه، طالب الدكتور نادر نور الدين، الخبير الدولي وأستاذ المياه والأراضي بكلية الزراعة جامعة القاهرة، بضرورة إقالة وزير الري الحالي والقيادات المعاونة له بعد فشلهم في إدارة الأزمة، وضرورة الاستعانة بمجموعة من الخبراء والمتخصصين في فن إدارة الأزمة.

وتعجب نور الدين بقوله: كيف لوزير غير متخصص يسند إليه هذا الملف، بل ويدير قضية من أخطر القضايا الهامة التي تمس الأمن القومي المصري، في الوقت الذي حذر فيه الكثيرون من الخبراء والمتخصصين من خطورة الوضع المائي على مصر؟!
لافتا إلى أن الأمر جد خطير ويحتاج وبأقصى سرعة للتدخل وطرح سيناريوهات بديلة لإيجاد حلول استباقية حتى لا نفاجأ بالجفاف والعطش يضربان البلاد.
وشدد خبير المياه على أن المعالجة السريعة تحتاج إلى تغيير المسار التفاوضي في هذه القضية الشائكة من فني إلى سياسي؛ الأمر الذي قد يكون بمثابة طوق النجاة لتخطي مصر عقبة الأزمة التي أصبحت محدقة؛ لأن إثيوبيا تسعى إلى مد أجل تنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالسد إلى عام ونصف العام، بعد أن تكون إثيوبيا قد قاربت بالفعل على الانتهاء من المرحلة الثانية والثالثة من سد النهضة.

بدوره تخوف الدكتور مغاوري شحاته، رئيس جامعة المنوفية الأسبق والخبير الدولي في مجال المياه، من استغلال أديس أبابا لسياسة حرق الوقت وتسكين الشعب المصري، ثم نفاجأ باكتمال السد لنرضى بسياسة الأمر الواقع ونرضخ لمطالب الإثيوبيين.

وشدد "شحاته" على أن القوى الإقليمية ترتع هناك وتوهم الجانب الإثيوبي بالاستثمار والتنمية، ناهيك عن التواجد القوي المؤثر للعدو الصهيوني الذي يريد تركيع مصر والضغط عليها لإحياء صحراء النقب وتوصيل مياه النيل إلى هناك بعد ارتفاع الملوحة في بحيرة طبرية؛ ومن ثم تنفيذ مشروعهم السري "اليشع كالي" الذي يهدف إلى توصيل مياه النيل لصحراء النقب عبر صحارات أسفل قناة السويس.

وطالب الخبير العالمي بالضغط على دول القارة الأفريقية لمارسة ضغوطها هي الأخرى على الجانب الإثيوبي؛ لطرح رؤية مشتركة واحدة في التعامل مع سد النهضة من خلال تقليل السعة التخزينية للسد بما يحقق الأهداف التنموية للجانب الإثيوبي، ويقلل من الأضرار التي سوف تقع على الجانبين المصري والسوداني.

وأوضح "الخبير الدولي" أن كثرة الضغوط والمطالبة على الإثيوبيين سيضعها في موقف التفاوض حول بديل هندسي أصغر للسد وسياسات التشغيل الملائمة وضمان سلامة السد الإنشائية، من خلال لجنة يتم تشكيلها من الخبراء المحليين والدوليين مع التزام الدول الثلاث بنتائجها.
وأوضح أنه يجب على مصر الاتفاق مع إثيوبيا على تحديد فترة زمنية ووقف بناء السد أولًا، ومحاصرة إثيوبيا دوليا وقانونيا ودبلوماسيا لردع أديس أبابا عن ممارسة تهديداتها على الأمن المائي المصري.

أما السماح باستمرار المفاوضات مع البناء فلن يؤدي إلا إلى تحقيق الهدف الإثيوبي، وهو كسب الوقت وعدم إعطاء الفرصة للتفاوض الجاد.
فيما أكد السفير عادل الصفتي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التركيز المصري خلال مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي سيكون على أزمة سد النهضة .

وأضاف الصفتي أنه يجب على الأطراف الإثيوبية نسيان أية خلافات وقعت في الماضي بين الدولتين، والبدء من جديد مع مصر ورئيسها.
وأوضح أن العلاقات التجارية بين البلدين تستحق تقديم التنازلات وتحقيق التفاهم لضمان التنمية للجميع.

كان وزير الموارد المائية والري، دكتور حسام المغازي، قد صرح في تصريحات صحفية أن نهر النيل وصل إلى أسوأ حالاته، مشيرًا إلى أنه في طريقه لأن يصبح ترعة بعدما وصل إلى أسوأ حالاته، بعد رصد ظاهرة التعديات الخطيرة ونقص منسوب المياه، وتلاعب الأطراف الخارجية في أديس أبابا والمماطلة في تضييع الوقت على القاهرة لاستكمال مشروعاتها المائية العملاقة، مطالبا الجميع بالوقوف صفا واحدا لحماية شريان الحياة للمصريين.