مسلمو الروهينجا بين خدعة الاحتواء وسيف بوذا

  • 123
صورة أرشيفية

أعلن رئيس ميانمار "ثين سين" في 11 فبراير الجاري إلغاء بطاقات الهوية المؤقتة المعروفة بالبطاقات البيضاء، التي يحتفظ بها حوالي 1.5 مليون شخص من مسلمي الروهينجيا، داعياً أصحابها لتسليم هذه البطاقات، حيث من المقرر أن ينتهي سريانها نهاية الشهر الجاري، استكمالا لقرار سابق بمنعهم من التصويت فى الاستفتاء القادم على الدستور.

هذا التحول فى موقف رئيس ميانمار ثين سين- وبعيدا عن كل جرائمه بحق مسلمى الروهنجيا- يدفعنا للتفكير فى جدوى هذه البطاقات وأسباب إلغاءها وهل هناك حقا تداعيات سلبية جراء منع المسلمين من المشاركة فى الاستقتاء على الدستور.
حقيقة الأمر أن البطاقات البيضاء لا تمثل شيء بالنسبة لمسلمي الروهينجا من حيث الاعتراف بهم كمواطنين رسميين بل هي مجرد بطاقات إقامة عادية تمنح لمواطنين أجانب كما هو الحال في كل بلدان العالم مما يخوًل السلطات سحبها منهم في أي لحظة تحت أي ذرائع لا يمكن التثبت منها أو لمجرد كونها اتخذت في إطار قرار سيادي غير مسبب وهو ما حدث بالفعل ورغم أن هذه البطاقات قد توفر على الصعيد النظري لحامليها معاملة أفضل نسبيا من التي يتعرض لها المسلمون من غير حاملي هذه البطاقة، إلا أن العداء البوذي على الصعيدين الحكومي والشعبي للمسلمين، ومنهجة القتل والعنف ضدهم يجعل هذه البطاقات لا تمثل أي درجة من درجات الحماية لحامليها .
كما أن هذه البطاقات لم تمنح لكل مسلمي الروهينجا، وبالتالي هي حتى على الصعيد الظاهري لا توفر حماية لكل المسلمين بل هي تقسمهم إلى فئتين، فئة منبوذة مغضوب عليها وفئة تحاول الحكومة أن تتاجر بهم أمام الغرب خلال منحهم هذه البطاقات لتظهر بصورة حامي الأقليات مما يخفف عنها ضغوط وقيود الحظر الخارجي.
فإن قرار الرئيس بمنع حاملي البطاقات البيضاء من مسلمي الروهينجا من المشاركة في الاستفتاء على الدستور القادم استجابة لاحتجاجات الرهبان البوذيين تجعلنا ندرك أن قرار سحب البطاقات البيضاء من الروهينجا، إنما هو جزء من محاولة السلطة الحاكمة في ماينمار لاستقطاب الرهبان البوذيين اللذين يعتبرون حاليا هم القوة الأكثر تأثيرا في الشارع في إطار التنافس الأكبر بين الحكومة والمعارضة المكبلة والتي تحاول أن تعزز وجودها هذا من جانب، ومن جانب أخر فليس لدى حكومات ماينمار ما يجعلها قلقة من أي رد فعل إسلامي تجاهها لا سيما وأن الدول العربية والإسلامية مشغولة بمشاكلها الداخلية والتي جعلتها لا تكترث بكل الجرائم الوحشية التي إرتكبتها أو ارتكبت برعايتها بحق مسلمي الروهينجا، مما يجعلها تتوقع عدم حدوث أي رد فعل إسلامي على ذلك حيث سقطت ماينمار من الوعي الفكري والسياسي في العالمين العربي والإسلامي
وإذا نظرنا إلى تأثير سحب البطاقات البيضاء من مسلمي الروهينجا ومنعهم من المشاركة في الاستفتاء على الدستور القادم.
سنجد أن هذا الإلغاء رغم أنه ظاهريا ضد المسلمين ولو رمزيا إلا أن في حقيقة الأمر أن هذا الإلغاء هو في صالح المسلمين، فلم يكن يسمح للمسلمين بالتفكير أو التطلع لأي دور يحسن لهم من أوضاعهم المعيشية البائسة أو يكفل لهم حماية حقيقية من جرائم النظام والرهبان البوذيين، بل كانوا سيظلون مجرد أصوات انتخابية يسعى النظام والمعارضة في ماينمار لكسب أصواتها، تحت وعود كاذبه بتوفير حماية أو دعم ثم تتحول هذه الوعود إلى سراب بعد انتهاء الاستفتاء ويعود التنكيل بالمسلمين وربما إلى درجة أشد من وضعها الحالي تحت ضغط القوى الشعبية والجماهيرية الأقوى وهي الرهبان البوذيين، التي تسعى إبادة المسلمين بالكامل.
من جهة أخرى فإن مشاركة مسلمي الروهينجا من الحاملين لبطاقات الهوية في الاستفتاء على الدستور سيعني ضمنيا عدم اعتراف هذه المجموعة بإخوانهم من غيرحاملي هذه البطاقات ثم تخرج على أثر أعداد المشاركين وأعداد حاملي الهوية لتتحدث الحكومة بأن هؤلاء هم فقط مسلمي الروهينجا ولا يوجد أعداد أخرى وبالتالي ستنجح في التخفيف من الانتقادات الشكلية التي تتعرض لها جراء جرائمها في حق مسلمي الروهينجا.
لكن سحب هذه البطاقات ومنع مسلمي الروهينجا من المشاركة في الاستفتاء سيعني بقاء مسلمي الروهينجا ككتلة واحدة ومشكلة واحدة يجب على الجميع أن يتعامل معها بهذه الصفة، وحتى إذا كان هناك جرائم ترتكب بحقهم لكن الإبقاء على وحدتهم رغم مآسيهم أفضل من تفتتهم وضياع هويتهم ثم التنكيل بهم وإبادتهم.
وبين منح البطاقات وإلغائها هناك طريق طويلة من مآسي الروهينجا لا يمر من خلاله العالم الإسلامي لينقذهم من جرائم النظام وسفاحي بوذا.