لهذا تدخلت إيران عسكريا في العراق

  • 127
الخمينى

"إيران تستولى على العراق" جملة نطقها الدبلوماسي المخضرم وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، فى الخامس من الشهر الماضي، ثم توالت بعدها التصريحات من أرفع المسئولين الإيرانيين فى مقدمتهم علي يونسي، مستشار الرئيس، التى تؤكد مسعى طهران لابتلاع بغداد؛ وهو ما يدفعنا للبحث عن أهداف السيطرة الإيرانية على العراق.


1- بلورة خريطة إيران الجديدة:
دعا حسن هاني زادة، رئيس تحرير وكالة "مهر" المقربة من الحرس الثوري الإيراني، فى منتصف الشهر الماضي فى مقال نشره بعنوان "الوحدة بين إيران والعراق لابد منها" لإنهاء العلاقة بين بغداد والعالم العربي واستبداله بالدور الإيراني، بعد أيام من إعلان علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن إيران أصبحت إمبراطورية عاصمتها بغداد، وأن الارتباط الوثيق بين البلدين لا يمكن لأحد أن يقطعه.



حديث المسئول الإيراني الرفيع يعكس المرحلة الجديدة التي تعيشها طهران بعد توقيع إتفاق لوزان بشأن برنامجها النووي بينها وبين مجموعة 5+1، وما سيترتب عليه من اعتراف دولي بتحويل إيران إلى ثاني قوة نووية في منطقة الشرق الأوسط بعد الكيان الصهيوني، كما يأتي تتويجًا لسنوات من التدخل السياسي المباشر والعسكري غير المباشر من جانب طهران في شئون بغداد منذ الغزو الأمريكي للعراق في مارس عام 2003 م.



2- تأكيد النفوذ السياسي باستخدام القوة العسكرية:
بعد أن كانت إيران تستخدم نفوذها السياسي والديني لاختيار رئيس الوزراء العراقي ممن يدين لها بالولاء ويتولى عناصر الحرس الثوري حمايته بعيدًا عن الأضواء، إذا بنا نجد عناصر الحرس الثوري الآن يقاتلون علنًا في تكريت معقل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين؛ وهو ما يعد تجاوزًا للخط الأحمر القاضي بعدم القبول بظهور عسكري معلن للقوات الإيرانية في أراضٍ عربية إذا ما استثنينا الحالة السورية نظرًا لتعقيداتها.




3- الوصول إلى نقطة برية قريبة من الحدود السعودية:
ظلت إيران منذ إعلان الثورة الخمينية عام 1979 يفصلها عن الأراضي السعودية_ خصمها الأكبر في منطقة الخليج العربي­­_ مسطح مائي ممثلا في الخليج نفسه، وهو ما كان يمنع من حدوث حالة من التوتر العسكري والتماس الحدودي والضغط النفسي الإيراني على الجانب السعودي، لكن بعد نزول قوات برية إيرانية للقتال في تكريت - حتى وإن كانت تكريت بعيدة جغرافيًا نسبيًا عن الحدود العراقية/السعودية- ومع التدفق المتوقع للقوات الإيرانية على العراق تحت زعم محاربة تنظيم داعش فربما تتمدد هذه القوات إلى العاصمة بغداد تحت دعاوى تأمينها، ومن ثم تكون إيران قد نجحت في الوصول إلى نقطة تماس قريبة للغاية من الحدود السعودية، واختفاء وجود فاصل مائي أو بري بينهما، وتتمكن طهران من فرض درجة من الضغط العسكري النفسي على الرياض؛ وهو ما تحتاجه إيران بشدة فى الوقت الراهن لاسيما بعد تعرض الحوثيين - حلفاؤها فى اليمن- لضربات تحالف "عاصفة الحزم" الذى تقوده السعودية.


4- إجهاض الثورة السنية فى العراق وتأكيد الهيمنة الشيعية:
تدرك طهران أنه مهما بدا ضعف الثورة السنية أمام جرائم الحكم الشيعي الطائفي في العراق، لكن الاستفادة الكبيرة من تدفقات السلاح على تنظيم داعش وما تسرب إليه إلى أيدي العشائر السنية، وما سيتسرب أيضًا عقب سقوط تنظيم داعش "في حالة سقوطه، بجانب الخبرة القتالية التي اكتسبها السنة في خلال هذه المواجهات- كل ذلك سيشكل فى النهاية خطرًا على حكم أذنابها في العراق، وسيضخ روحًا جديدة في جسد الثورة السنية؛ لذلك تسعى إيران من هذا التدخل إلى القضاء على أي طموح سني للثورة عقب سقوط تنظيم داعش.



بين سيف ملالي طهران وجنون داعش والحسابات العربية والدولية، يغرق سُنة العراق فى متاهات البحث عن طوق نجاة، وسنستعرض فرصه بإذن الله تباعًا فى الأعداد القادمة.