الضيف العزيز

  • 91
ارشيفية

كتبت - رحاب حجازي

مِن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها مِن العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد مَن اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مرورًا عابرًا. وهذا يستدعي مِن العبد أن يجتهد فيها، ويُكثر مِن الأعمال الصالحة، وأن يُحسِن استقبالها واغتنامها. فكما اختص الله -تبارك وتعالى- بعض البقاع وشرَّفها على بعض، اختص كذلك بعض الأزمنة وشرَّفها على بعض، ومِن ذلك الأشهر الحرم وشهر رمضان.


ولما كانت الأزمنة الفاضلة مِن أنسب أوقات الجد والاجتهاد في الطاعة، وكان شهر رمضان مِن مواسم الجود الإلهي العظيم؛ حيث تُعْتَق فيه الرقاب مِن النار، وتوزع الجوائز الربانية على الأصفياء والمجتهدين، كان لزامًا أن نتواصى على تحصيل الغاية مِن مرضاة الرب في هذا الشهر، وهو مِن التواصي بالحق المأمور به في سورة العصر، وإذا كان دعاة الباطل واللهو والفجور تتعاظم هِمَمُهُم في الإعداد لغواية الخلق في هذا الشهر بما يذيعونه بين الناس مِن مسلسلات ورقص ومجون وغناء، فأحسِن بأهل الإيمان أن ينافسوهم في هذا الاستعداد، ولكن في البر والتقوى.


فالسعيد مَن اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّب فيها إلى مولاه بما فيها مِن وظائف الطاعات؛ فعسى أن تصيبه نفحة مِن تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها مِن النار وما فيها مِن اللفحات، ففي الطبراني مِن حديث محمد بن مسلمة مرفوعًا: «إن لله في أيام الدهر نفحات، فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا». (صحيح الجامع). وفي مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر عن النبي قال: «ليس مِن عمل يوم إلا يُختم عليه». (صحيح الجامع).


وها نحن على أعتاب الضيف العزيز .. شهر القرآن والصبر والرحمة والعتق مِن النار.


ها هي الفرصة التي حُرِم منها كثيرون قد أدركهم الموت .. فهلمُّوا .. تقربوا إلى الله في هذا الشهر المبارك؛ فإن لله فيه عتقاء.
كل الظروف مهيَّأة لك يا باغي الخير .. أبواب الخير مفتحة تنتظر منك خطوة.

إياك ثم إياك ثم إياك أن تضيع رمضان!
فقد خاب وخسر مَن أدرك رمضان ولم يغفر له.


تقرَّب إلى الله فيه بالطاعات؛ فإنه شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق مِن النار.


اللهم بلغنا رمضان، وسلِّمه لنا وتسلمه منا وأنت راضٍ غير غضبان، وأعتقنا فيه مِن النار يا رب العالمين.