عاجل

فقدان الأمانة علميًّا وإعلاميًّا

  • 129
الشيخ علي حاتم

استضافت إحدى القنوات الإخبارية الخاصة الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة والذي اتخذ القرار الشهير بضرورة خلع المدرسات المنتقبات بالجامعة النقاب أثناء إلقائهن المحاضرات وذلك -كما أوضح- لتحقيق التواصل المفقود بسبب النقاب بينهن وبين الطلاب، ولقد شرح الدكتور جابر مبررات اتخاذ القرار وأكد أن تطبيقه يقتصر على فترة إلقاء المحاضرة فقط، وبعد ذلك لهن كامل الحق في ارتداء النقاب قبل وبعد ذلك.

واستضاف مقدم البرنامج شيخًا من الشيوخ المعروفين، وهو أستاذ للفقه المقارن بجامعة الأزهر، وهو مِن المعروفين بهجومه الشديد على النقاب ومن المنتمين لطائفة من العلماء الذين يرفضون الأخذ بالرأي الذي يرى أن النقاب فرض أو حتى أنه كان معروفًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ الشيخ يؤكد على رأيه ويأتي ببعض الأدلة على صحته.

ولقد كانت أمانة العرض تقتضي استضافة عالم آخر من المؤيدين لفرضية النقاب، أو على الأقل كان لزامًا على الشيخ الضيف، وهو -كما قلنا- أستاذ للفقه المقارن، أن يعرض الرأي الآخر وأدلته وحججه ثم يرجح رأيه، وبعد ذلك يناقش الدكتور جابر في مبررات ذلك القرار، وحجم الاضطرار الذي أدَّى إليه، ثم يعلن رأيه الشرعي بناءً على أمرين: الأول: تقدير حجم الاضطرار الذي أدى إلى اتخاذ ذلك القرار، والثاني: معتقد المدرسات أنفسهن؛ فبعضهن قد يعتقد في فرضيته، وبعضهن قد يعتقد أنه من المندوبات. لكن -مع الأسف- لم يشر الشيخ لا من قريب أو من بعيد إلى وجود رأي آخر، وظهر وكأنه يقول: إن كشف الوجه والكفين هو القول الوحيد في هذه المسألة، وأن النقاب لم يكن معروفًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي اتضح من الموقف أن كلام الشيخ كان له تأثير كبير على الدكتور جابر الذي أكد أنه لم يكن يسمع عن هذا الكلام الذي قاله الشيخ قبل ذلك، وأكد على ضرورة طبع هذا الكلام في مذكرة ونشره على الناس، وسط زفة رخيصة من مقدم البرنامج.

ولقد تأهبتُ لعمل مداخلة مع البرنامج وارتقبت بشغف عرض رقم التليفون على الشاشة، لكني -مع الأسف- فوجئتُ بانتهاء البرنامج وضيق الوقت الذي كان متاحًا أصلًا.

وظهر الأمر وكأنه خطة مرسومة لعرض وجهة نظر واحدة مبتورة والتأكيد عليها وإقناع عوام الناس بها، والتأييد المطلق لقرار الجامعة.

وإلى الله المشتكى .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الابلاغ عن خطأ