عاجل

بعد أن أوشكت على الاندثار.. توقف 2400 مصنع وتشريد نحو 150ألف عامل والخسائر فاقت 2.4مليار جنيه في قطاع المنسوجات

  • 89
ارشيفية

بعد أن أوشكت على الاندثار
توقف 2400مصنع وتشريد نحو 150ألف عامل والخسائر فاقت 2.4مليار جنيه في قطاع المنسوجات
خبراء يضعون روشتة إنقاذ سريعة لـ"صناعة الغزل والنسيج"

في إطار تقديمهم لتوصيات عاجلة لإنعاش صناعة الغزل والنسيج قبل موتها، أكد الخبراء في هذا المجال أنه لا أمل في إنقاذ هذا القطاع إلا بتحديث صناعة الغزل والنسيج بالكامل "معدات وأجهزة وخطوط إنتاج وتدريب عمالة فنية للحصول على مهارات وكفاءات".


وأضافوا أن إنقاذ هذه الصناعة من الانهيار يتأتى من خلال وقف عمليات التهريب للبضائع والملابس الجاهزة التي تمر من الحدود، ورفع التعريفة الجمركية للأقطان والغزول القادمة من الخارج، وإعادة هيكلة الشركات، والتوسع في زراعة الأقطان التي تتناسب مع المتطلبات الحديثة للسوق المصري والأسواق الخارجية، مع ضخ استثمارات جديدة، فضلًا عن استغلال الأصول غير المستعملة الاستغلال الأمثل في الاستثمار، يأتي ذلك على خلفية ما كشفته اللجنة الشعبية لحماية الصناعة الوطنية، من غلق 2400 من مصانع وشركات الغزل والنسيج في مصر، كان آخرها إغلاق 4 مصانع عملاقة بالبلاد، هي "مصر العامرية، ومصر إيران، وفستيا، والشركة العربية للغزل والنسيج "بوليفار"، ما أسفر عن تشريد قرابة 150 ألف عامل، والخسائر فاقت 2.5مليار جنيه.


في البداية قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الفيصل في غلق المصانع سواء أكانت "قطاع عام أو خاص" هو الخروج من المنافسة، وذلك يرجع إلى عدة أسباب أهمها عدم الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تطوير وتحديث الماكينات، حيث إن المصانع المصرية لا تزال تعتمد على الماكينات القديمة، ومن ثَمَّ فإن المنتج النهائي يكون غير مطابق للمواصفات، في ظل امتلاك المنافسين لمصر في هذه الصناعة الماكينات الحديثة التي تساعد على إنتاج كميات كبيرة في بجودة عاليةٍ.


وأشار عبده، إلى أن أغلب المصانع تحتاج إلى إحلال وتجديد، وإبدال الآلات والماكينات بأخرى حديثة ذات تكنولوجيا متطورة، منوهًا بأن هناك بعض الدول في شرق آسيا تنتج منسوجات أجود من المنسوجات المصرية، مثل تايوان واليابان وكوريا ، كما أن أسعار منتجاتها من الملابس أرخص من الملابس المصرية، إضافة إلى زيادة تكاليف الإنتاج بسبب رفع أجور العمال خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011 حتى وصلت إلى 160% ؛ وبالتالي أصبحت الأجور تشكل ما يقرب من 90% من مصروفات الشركات، فتكلفة الأجور في 22 شركة من شركات قطاع الأعمال العام تمثل 150 مليون جنيه شهريًا، في الوقت ذاته الذي لم تزد فيه أجور العمالة في الدول المنافسة لمصر في تلك الصناعة، علاوة على ذلك فإن هناك بعض المصانع بها عمالة زائدة مما يشكل عبئًا كبيرًا، يزيد في التكلفة النهائية للمنتج، ومن ثَمَّ انعكس ذلك سلبًا على المنافسة، مشددًا على ضرورة إعادة هيكلة العمالة وإعداد برامج لتأهيل واستغلال طاقات القوى العاملة بصورة تفيد في تطوير الصناعة، فضلًا عن ارتفاع أسعار الوقود والانقطاع المستمر للكهرباء، مضيفًا أن إحجام الرأس المال العامل في هذا القطاع بجانب قلة الخامات أدى إلى الوضع الراهن.


وتابع رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، لافتًا أن الصناعة المصرية تعاني من مشاكل متعددة تجعلها عاجزة عن المنافسة في الأسواق المحلية والدولية، واختتم كلامه مشددًا على ضرورة أن تكون هناك لجان متخصصة من الخبراء تقوم بوضع دراسات اقتصادية لبحث سُبل الخروج من هذه الأزمة عن طريق وضع استراتيجية لهيكلة المنظومة الصناعية في مصر، هذه الدراسات يجب أن تضع على رأس أولوياتها الفصل في هذا العدد الكبير من المصانع المتوقفه بحيث تفصل بين المصانع، التي يجب أن تقوم الحكومة بضخ أموال فيها حتى تستعيد عافيتها وإنتاجها ومن ثم تستطيع المنافسة وليس التواجد فقط، والأخرى التي يجب أن تغلق لأنه ليس هناك فائدة منها بسبب الخسائر التي تحققها.


وحول السؤال الذي وجهته "الفتح" للخبراء بشأن وضع روشتة إنقاذ عاجلة لهذه الصناعة قبل فوات الأوان، قال عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج، إن النهوض بهذه الصناعة يتطلب دعمًا لها في جميع المراحل بدءًا من الفلاح وانتهاء بالمصدر، فكل الدول المتقدمة في هذه الصناعة أمثال الصين وباكستان وماليزيا والهند تدعمها من الألف إلى الياء، ومن غير المعقول أن تنافس هذه الدول دون أن تكون على قدم المساواة فيما تقدمه الدولة من دعم للمنتجين والمصنعين، فعلى سبيل المثال الهند تقدم دعما للمصدرين بنحو 17% في حين أنه يبلغ 10% في مصر، إذن لابد أن يكون هناك دعم من الحكومة في ذلك، كما يجب أن تقوم الدولة بالمعاونة في تحديث الشركات، حيث إن تلك الشـركات تُركت لسنوات طويلة دون تحديث بهدف مواكبة التكنولوجيا العالمية من أجل زيادة الإنتاج وتحسين الجودة والقدرة على المنافسة والتحول من الخسارة إلى الربح، مع وضع سياسات مالية مرنة لإتاحة التمويل اللازم للمصانع بأسعار وشروط تنافسية لتشجيع الصناعة وجعلها صناعة جاذبة للاستثمار الداخلي والخارجي مع وضع سياسة تشجيعية للتعامل مع الأزمة الحالية التي تمر بها شركات الغزل المحلية، وبصفة خاصة مع هيئة التأمينات الاجتماعية وشركات المرافق.
وتابع إبراهيم، سرد كلامه في سياق تقديم توصياته لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج من الانهيار مشددًا على ضرورة استثمار الأصول غير المستغلة الاستثمار الأمثل، عن طريق الحصول بموجبها على قروض توجه لتحديث المصانع بشركات قطاع الأعمال العام دون تحمل الدولة لأية أعباء مالية، إضافة إلى ضخ المزيد من الاستثمارات للشركات الواعدة، شريطة أن يتم ذلك وفقًا لدراسات جدوى علمية تقوم بدراسة هذه الشركات ووضع جدول زمني للاستثمارات المطلوبة لإنقاذها، وجعلها تدخل في دائرة الإنتاج من جديد.


وفي السياق ذاته، أضاف مجدي طلبة، رئيس المجلس التصديري للغزل سابقًا، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج، أن صناعة الغزل والنسيج تدهورت بسبب استيراد كميات كبيرة من الأقطان لسد العجز في إنتاجنا من الأقطان، الأمر الذي أدى إلى تقلص مساحة الأرض المزروعة بالقطن، بعد تصفية الحركة التعاونية، ورفع الدولة يدها عن عملية تسويق القطن وخفض إنتاج القطن طويل التيلة لاستبداله بالأقطان الأمريكية متوسطة وقصيرة التيلة؛ مما أفقدنا ميزة الريادة في التصدير، ومن ثم يجب إعادة هيكلة منظومة زراعة القطن بما يعود بنا إلى سابق عهدنا لزراعة وإنتاج القطن خاصة طويل التيلة، ومن ثم يجب أن تقوم وزارة الزراعة وأجهزتها الفنية والبحثية باستنباط أصناف وسلالات جديـدة من القطن قصـير ومتوسـط التيـلة، نظرًا لاحتياج الصناعة المحلية لكميات كبيرة من تلك الأصناف عوضًا عن استيرادها من الخارج، ومن ثم يجب عليها وضع سياسة ثابتة لزراعة القطن لضمان توفير الكميات المطلوبة من القطن الذي تحتاجه صناعة الغزل والنسيج، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى تصدير الأقطان المصرية في صورة منتج نهائي.


وشدد طلبة، على ضرورة تشديد تطبيق معايير المواصفات القياسية للسلع الواردة، بما يضمن عدم السماح بدخول سلع غير مطابقة أو أقل جودة من المنتج المحلي، خاصة فيما يخص بالغزو الصيني في الملابس على الأسواق المصرية بالرغم من أن معظمها غير جيد وغير صحى، كما يجب أن تقوم الحكومة بتكثيف الجهد للتقليل من حجم التهريب بكل أنواعه، وتشديد العقوبات لتصل إلى إلغاء سجل الاستيراد للمهرب، إضافة إلى تقنين مشاريع "بير السلم " خاصة في صناعة الملابس الجاهزة يتزايد بها أعمال الاقتصاد غير الرسمي؛ لأنها صناعات صغيرة ويمكن إخفاؤها، لافتًا أن هذه المصانع ليست عليها أية التزامات سواء للضرائب أو غيرها، مما يجعل أسعار منتجاتهم تطرح في الأسواق في منافسة غير شريفة مع المنتجات المناظرة والتي تلتزم بالتراخيص والسجلات التجارية والضريبية، إضافة إلى دمج المصانع التي لديها مغازل في حالة جيدة مع التي لديها أنوال في حالة جيدة مع بعضها البعض حتى نصل إلى مصانع جديدة تستطيع إنتاج منتجات تنافس، فضلًا عن حسن اختيار القيادات القائمة على هذه الشركات وبالتالي لا يجوز بأي حال من الأحوال وضع رجال أعمال منافسين في مجالس إدارات هذه الشركات أو جمعياتها العامة، لتناقضه الصارخ مع تعارض المصالح، مع محاربة التهريب وإحكام الرقابة على المنافذ وتغليظ العقوبات على جريمة التهريب.


واختتم عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج، كلامه مشددًا على ضرورة أن تتضافر جهود مختلف الجهات والوزارات المعنية، لتذليل العقبات والمشكلات التي تواجه صناعة الغزل والنسيج، سعيًا لسرعة حلها بصورة مستديمة ومدروسة، تراعي تحقيق صالح مختلف الأطراف، وكذلك لاتخاذ الإجراءات السريعة والحاسمة التي تضمن إنعاش هذه الصناعة المهمة والضرورية.