إثبات وجهات النظر بالجمع بين المتناقضات!

  • 118

بعض الأفاضل من أساتذتنا وإخواننا الأكارم يحارب؛ ليثبت وجهة نظره وما يراه صوابا، حتى لو جمع بين المتناقضات في حربه هذه بقصدٍ أو بدون قصدٍ، لا مشكلة عنده، المهم أن يأتِ بكل شاردة وواردة تثبت كلامه وفقط!.

فهؤلاء الأفاضل يرون أن السلطة القائمة الآن انقلابية، وكل ما يصدر عنها باطل، لأن ما صدر عن باطل فهو باطلٌ مثله، وهذا لهم، فوجهة نظرهم تحترم، ولكن!.

بما أنك ترى الوضع انقلابيا وكل ما يصدر باطلا، فليس لك إلا أن تقاطع هذا الوضع وكل ما يصدر عنه، فمجرد المشاركة في التصويت على شيء يخرج منه بشكلٍ مباشرٍ (كالدستور)، أو غير مباشرٍ (كالنقابات)، هو اعتراف ضمني منك بأحقية هذه السلطة في إصدار ما تريد، وحقك أنت في انتقاده إن لم يعجبك!.

لكن أن تشارك في التصويت على الدستور بـ "لا"؛ لكونك ترى المقاطعة ضرر ولن تنفعك، وأن المشاركة بالرفض في صالحك وفيها تخفيف للمفاسد من وجهة نظرك، ثم تشارك في انتخابات "نقابة الأطباء" وغيرها، لأنك ترى المشاركة مصلحة في حفظ أموال الإعانات لفلسطين وسوريا، ولو لم يكن في المشاركة من مصالح إلا هذا لكفاك! فأنت هنا تعترف بما تنكره على غيرك، فمن صوت بـ "نعم" لم يختلف عنك إلا في الرأي على التصويت، ولكنكما جميعا شاركتما في إخراج الصورة النهائية بالاستفتاء على دستور انقلابي من وجهة نظرك، بل وشاركت في أشياء تشرف عليها السلطة والقضاء، وتلجأ للسلطة في النزاعات كـ "النقابات"؛ لحفظ مصالح ضيقة وآنية، وأنكرت على غيرك السير على نفس النمط؛ لحفظ مصالح أعظم وأكبر وأعم!.

ثم تخرج لتبرر تلك المشاركة، وتحاول أن تثبت أنه لا علاقة مطلقا بين النقابات والسلطة بشكلٍ مباشرٍ، أو غير مباشرٍ، ويكأن هذه النقابات في جزر القمر!.

ثم قل لي بربك، كيف تقول إن الدستور نص على مدنية الدولة؛ أي أنها عالمانية تفصل بين الدين وسياسة الدولة، وترى أن الدستور لم يحافظ على الشريعة بأي شكلٍ كان، وأنت أنت من كنت ترى أن مبادئ أفضل من أحكام، وأنت أنت من رفض المادة 219، التي تقيم لها الجنائز الحارة الآن، لا لأنك من وضعها، ولا لأنك تريدها وتعرف أهميتها، بل لأنها وسيلة جديدة للمزايدة على خصومك السياسيين، ومحاولة جديدة لهدمهم!.

وليتك اكتفيت بهذا أيها الفاضل، بل تأتِ بكل مقطع، وكل مقال ينتقد السلفيين وما قاموا به في لجنة الخمسين؛ لتبرهن على أنهم سيحدث معهم ما حدث مع غيرهم، وسيُأكلون كما أُكل الثور الأبيض، فهل نحن عملاء أمن دولة ومنافقين! أم أعداء للنظام، وسيقضى علينا في أقرب فرصة ممكنة! ارحموا عقولكم، وعقول أتباعكم يرحمكم الله!.

وأخيرا: حملة لنشر مقطع لـ "أبو الغار" يتحدث فيه على أن الجيش زور الدستور لصالح السلفيين، بوضع مصطلح "حكومتها مدنية"، بدلا من "حكمها مدني" وقضى بذلك على أحلامهم على عالمانية الدولة، إذ أن الحكومة لا تعني إلا أشخاصا لا عسكريين، ولا تعنى بأية حالٍ دولة عالمانية في نظامها، لن أحدثك عن الفيديو الموجود، والذي صوت فيه أعضاء اللجنة بالإجماع على المصطلح الذي يدعي البعض تزويره بعد قراءة عمرو موسى له مرتين، ولكن الأهم أن أحدثك عن تناقضك الفظيع، فأجبني، هل بعت ديني وشريعتي وتنازلت عنها! أم زور الجيش الدستور لي ليحافظ على تلك الشريعة !!!.