كيف ترد على السروريين والمداخلة في آن واحد؟ (2) فقه الواقع (1)

  • 156

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد
فمن المسلمات ان على كل من اراد تحكيم شرع الله ان يكون على دراية بالواقع وما فيه من عوائق امام تحكيم الشريعة حتى يعمل على ازالتها اذ كيف يزيلها من لا يعلمها اصلا ؟!!
ومن هنا اجتهد كثير من الشباب السلفي في بيان اهمية فقه الواقع والبصيرة بمخططات الاعداء وحث الشباب على متابعة وسائل الاعلام المحلية والعالمية وتتبع التحليلات السياسية والتقارير الاخبارية ليستنبطوا مما بين سطورها حقيقة نوايا القوم ويفضحوا ما يدسونه من دسائس ويحيكونه من مؤامرات، وراح هؤلاء الشباب يحشدون ما يستطيعون من الادلة من القران والسنة والسيرة ما يبين فضيلة ما يدعون اليه وقيمة ما يبذلونه في سبيله من جهود وكذلك ما يبين خطورة الغفلة والسذاجة والسلبية والتبعية وقصور النظر وسطحية التحليل.
* وقد اسعفتهم الادلة فقد انزل الله تعالى القران وفيه الكثير والكثير من الايات لتبصير المؤمنين بالواقع فقال تعالى: " وكذلك نفصل الايات ولتستبين سبيل المجرمين " .
* واخبر القران النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الاحداث العالمية رغم بعدها فقال تعالى : " الم غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين" .
* وفي القران سورة كاملة لتحليل احداث غزوة بدر واخرى لتحليل احداث غزوة احد وكذلك الاحزاب وصلح الحديبية وغزوة تبوك وكثير من الاحداث المحورية في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي القران ايضا كثير من الايات في بيان نوايا المشركين والمنافقين.
* وكذلك سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن اوضح الادلة على عمق فهم النبي صلى الله عليه وسلم بالواقع امره لاصحابه بالهجرة الى الحبشة لان بها ملكا لا يظلم عنده احد وفي هذا دليل واضح على دراسته لواقع هذا الملك واقع غيره من ملوك العالم حتى يختار انسبهم.
* هذا وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بمؤامرة اليهود لتأليب الاحزاب وتوقع العدد والزمان لقدومهم وامثال هذا كثير في السيرة النبوية
ومع كثرة الادلة على ضرورة البصيرة بالواقع لا يملك الشاب السلفي نفسه امام الاقتناع الكامل والاستعداد التام لبذل ما يتطلبه هذا الامر من جهد ووقت.
ولكن ..
ظهر عند كثير من ابناء الصحوة السلفية المنشغلين بما اسموه فقه الواقع مجموعة من السلبيات:
* ليس اقلها الانشغال عن الدراسة المنهجية لعلوم الشريعة وهو ما يعني ضعف المصداقية في الانتماء للسلفية اذ العلم هو اساس الدعوة السلفية فبه تكتسب مصداقيتها وبدونه تفتقد هويتها.
ولذلك... فان الانشغال بما يسمى فقه الواقع بهذه الطريقة يعد تهديدا حقيقيا للسلفية ينذر بتميع المنهج السلفي وعدم القدرة على حمايته.
و مع كون التطبيق العملي للسياسة في الواقع صراعا على السلطة فسيكون من آثار المبالغة في متابعة التحليلات السياسية الغفلة عن المنهج السلفي في التغيير وهو النابع من قول الله تعالى: "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم".
والغفلة كذلك عن الغاية من التغيير وهي تحقيق العبودية وان التمكين مجرد وسيلة لتحقيق هذه الغاية.
ولذك يتعاظم عند هؤلاء الشباب قيمة الوصول للسلطة ولو على حساب العمل الدعوي وبذلك يتميع الفارق الجوهري بين المنهج السلفي ومنهج جماعة الاخوان.
ومن عجيب ما يذكر هنا ان بعض الشباب كان يقرأ مذكرات بن جوريون وجولدا مائير كنموذج للنجاح في بناء دولة حتى ينسج على منوالهم ويسير على طريقتهم ولا ادري كيف يزعم من يفكر بهذه الطريقة أنه سلفي.
ومن السلبيات كذلك زيادة التهاب الحماس عند الشباب مع غياب الضوابط الشرعية النابعة من الدراسة المنهجية للعلوم الشرعية مما يدعو الى التهور والصدام مع الحكومات وهو ما تتحاشاه الصحوة السلفية لحماية الدعوة.
ومن السلبيات كذلك التقليل من قيمة العلماء ورموز السلفية: بزعم جهلهم بالواقع وعجزهم عن الموازنة بين المصالح والمفاسد وهذا هو الباب الاوسع لانحراف الشباب السلفي وانسياقهم خلف جماعات التكفير والعنف.

هذا وقد دعت هذ السلبيات مجموعة من الدعاة السلفيين الى اتخاذ الموقف المقابل والمضاد تماما لهذا فأخذوا ينهون الشباب عن الانغماس في المهاترات الاعلامية والتلبيسات السياسية للحفاظ على المنهج السلفي ولنا معهم وقفة في الاسبوع القادم والله الموفق.