عاجل

صدمة جديدة.. بعد موافقة البرلمان.. القيمة المضافة تعصف بالمصريين قبل عيد الأضحى

  • 103
أرشيفية

لم تمضِ أشهر قليلة على الصدمة التي تلقاها المصريون بسبب ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة العملة المحلية، مما ترتب عليه زيادة جنونية في الأسعار، حتى تم إقرار قانون الضريبة على القيمة المضافة، الذي برزت آثاره قبل تطبيقه وهو في طور المناقشة، حيث يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن يتسبب هذا القانون في ارتفاع الأسعار بنسبة 10%، بالإضافة لتقويض حركة التعاملات التجارية، وهروب المستثمرين، بما يزيد من حالة الركوض الاقتصادي، وزيادة معدلات التضخم، وفي الوقت الذي لاقى القانون فيه اعتراضات واسعة من قوى حزبية وأكاديميين، فقد وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبدالعال على القانون بشكل نهائي، حيث يتكون القانون من 10 مواد للإصدار و74 مادة أخرى.


وجاءت تعديلات المجلس على القانون في سعر الضريبة الذي تقرر أن يكون 13 % في العام المالي الحالي على أن يُزاد إلى 14% في العام المالي القادم، فيما قامت بتعديل المادة 67 من القانون بتشديد العقوبة عن النص المقدم من الحكومة.


فبدايةً.. تعتبر جميع الضرائب -مهما كان تقسيمها- متشابهة من حيث الأهداف والنتائج وتستمد معظم الضرائب تسميتها من الوعاء الضريبي الذي تفرض عليه، فضريبة الدخل هي الضريبة المفروضة على المداخيل كالأرباح والرواتب، أما الضريبة على القيمة فهي تستهدف القيمة المضافة عن كل عملية تجارية، لذلك لا بد من تعريف القيمة المضافة، للقيمة المضافة معان عدة تختلف باختلاف الموضوع، وفي مجال علم الاقتصاد معناها استبدال الشيء بأشياء أخرى، أي منفعة الشيء، والقيمة هي النوع والثمن الذي يقوم مقام المتاع (السلعة أو المنتج)، وتتجه الحكومة المصرية الآن إلى العمل بنظام الضريبة على القيمة المضافة، لتطوير منظومة التحصيل الضريبي.


وكغيره من الأحزاب والقوى السياسية فقد أعلنت الهيئة البرلمانية لحزب النور رفضها لقانون القيمة المضافة -أثناء عرضه على مجلس النواب- حيث أوضح الدكتور أحمد خليل خير الله رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أنهم ليسوا ضد الإصلاح الاقتصادي، ولكن هناك العديد من النقاط تؤكد عدم إمكانية تطبيقه على أرض الواقع، وأنه سيؤثر على محدودي الدخل الذي لا حيلة لهم.

 

وأشار خيرالله في تصريحات لـ"الفتح" إلى أن الحكومة غير قادرة على السيطرة على الأسواق وارتفاع الأسعار الجنوني المترتب على القانون قبل تطبيقه، فماذا بعد التطبيق؟، موضحًا أن الحزب يرفض السياسة الاقتصادية المبنية على حل اعتماد الديون والضرائب كحل دائم.


وأضاف رئيس الهيئة البرلمانية للنور أن سعر كيلو السكر وصل لــ7 جنيهات قبل تطبيق القانون، محذرًا من أن تطبيق القانون سيؤدي حتما لارتفاع جنوني في الأسعار، خاصة في ظل غياب الرقابة على الأسواق، مؤكدًا أن سعر الضريبة 14% كبير جد، ولا يتحمله المواطن.

 

وتساءل خيرالله: لماذا لا تهتم الحكومة بتفعيل الموجود وتطوير منظومة التطبيق بدلًا من فرض ضرائب جديدة؟.


قال الدكتور عبدالمنعم السيد المستشار الاقتصادي وخبير التنمية، إن قانون ضريبة القيمة المضافة ليس جديدًا، ولكنه تعديلات على قانون الضريبىة العامة على المبيعات القائمة في مصر، القانون رقم 11 لسنة 1991م، والضريبة المضافة هي تخضيع كافة المعاملات التجارية والصناعية لضريبة المبيعات، بسعر 13% أول سنة، ثم نسبة 14% بعد ذلك.

وأوضح السيد في تصريحات خاصة لـ"الفتح"، أن الهدف من هذه الضريبة هو زيادة إيرادات الدولة السيدية بحوالي 30 مليار جنيه مصري سنويًا، كنوع من أنواع الإصلاحات الهيكلية لمعالجة الموازنة العامة للدولة وتخفيض العجز الكبير الموجود فيها، مضيفًا أن الإشكالية في هذا القانون هو أن مصر تشهد حالة من الكساد التضخمي، ناتجة عن زيادة الأسعار، وأن حجم التبادلات التجارية بين المصريين وبعضهم البعض قلّت، موضحًا أن فرض مثل هذه الضريبة في هذا الوقت الذي يشهد زيادة الأسعار وقلة التعاملات، سيساعد على زيادة الأسعار مرة أخر، وتقويض حركة التعاملات التجارية.


وأشار السيد إلى أن وزارة المالية وفق دراساتها التي أعلنتها أن هذه الضريبة ستؤدي لرفع الأسعار بنسبة من 2.5% إلى 3%، في حين أن بعض الدراسات الأخرى قالت إن هذه الضريبة ستؤدي لرفع الأسعار بنسبة 10%، فهذا يقلل حجم التبادل التجاري بين المصريين وبعضهم البعض، مضيفًا أن هذه الضريبة ستساهم بشكل كبير في زيادة عملية التضخم الموجودة، لزيادة الأسعار على السلع والخدمات الموجودة في مصر، وهذا يؤثر سلبيًا على الفقراء الموجودين في مصر.


وأضاف السيد أن إقرار هذا الضريبة سيؤثر على الاستثمار الداخلي و الخارجي، موضحًا أن المستثمر يريد أن يرى سياسات ضريبية موحدة ومستقرة، لأنه يريد أن يعلم قبل وضع استثماراته كم سيدفع من الضرائب، مضيفًا أن المستثمرين منذ خمسة سنوات وهم مشتتون، وهو ماتسبب في عدم دخول استثمارات جديدة بشكل يساعد على التأثير وتحقيق نمو اقتصادي ملحوظ، موضحًا أن الضريبة في عام 2010 كانت 20%، وفي عام 2011 وصلت 22%، وفي 2012 وصلت 30%، وفي 2014 عادت لـ 25%، وفي عام 2015 بلغت 22.5 %، هذا بالنسبة للضرائب العامة، وضريبة المبيعات كانت 10% ودخلوا بعض الأصناف وبعض الخدمات، وصارت 13%، وهذه الضريبة غير مباشرة بمعنى أنه لا يتحملها التاجر أو المصنع ولكن يتحملها المستهلك ولكن تؤثر سلبًا على حجم المبيعات، فبدلًا من أن يبيع التاجر سلعته بـ 100 جنيهًا سيبيعها بـ 113 جنيهًا، فبالتالي يقل حجم المبيعات ويؤثر على الأرباح.


وأوضح السيد أن حصيلة الدولة السنوية 420 مليار جنيه، موجودة في الموازنة العامة المصرية 1015/2016، وفي الموازنة الجديدة 2016/2017 تستهدف الحكومة 435 مليار جنيهًا، متسائلًا: "هل حققت الدولة في 2015/2016 الرقم الذي استهدفته للحصيلة العامة؟!"، متابعًا أن الدولة لم تحقق هذا الرقم وأنها حققت 300 مليار فقط وبقي 120 مليار لم يتم تحقيقه فعليًا، وذلك بسبب التحصيلات المتأخرة، فكيف أنني لم أحقق هذا المستهدف في العام المالي الماضي، وأعود لأرفعه في موازنة هذا العام؟، مشيرًا إلى أن ذلك يرفع الأعباء على الموازنة العامة، بوجود أرقام لا يتم تحصيلها على أرض الواقع.


وأوضح السيد أن هذا القانون في ظل حالة الكساد التضخمي، وزيادة الأسعار وقلة التبادل التجاري، كان من الأولى تأجيله وعدم تطبيقه في ظل هذه الظروف، لحين ضبط الأسواق، وحتى فتح المجال وضبط الاقتصاد الرسمي وإدخاله للموازنة العامة للدولة، وبما سيؤدي لزيادة الحصيلة الضريبية للدولة، وتفعيل آليات وأدوات تحصيل الديون لصالح الدولة المصرية.


وأشار السيد إلى أن هذا القانون لوحده يحدث نوعًا من أنواع زيادة الأسعار، موضحًا أن هناك بعض السلع في السوق زادت متأثرة بهذا القانون قبل تطبيقه، مع أنها غير داخلة ضمن السلع التي سيتم تطبيق هذه الضريبة عليها، لكنه التأثير السلبي لأي نوع من ضرائب يتم فرضها، فحينها يستغل التجار هذا الحدث العام في رفع السلع، في حين أنه لم يتطبيقها بعد.


وطالب السيد بضرورة تفعيل بعض القوانين بجانب هذا القانون حتي يتم تفادي آثاره الجانبية، وهما: قانون الرقابة على الأسواق وتغليظ العقوبة على التجار الذين يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر، بالإضافة لقوانين حماية المستهلك، مضيفًا أن ضعف الوعي لدى المجتمع المصري سيساهم في خلق مشاكل أخرى مترتبة على هذا القانون، وأن توقيت اختيار تطبيق القانون غير مناسب على الإطلاق، مع انخفاض قيمة العملة المحلية وقلة الاستيراد وانتشار الاحتكار داخل السوق المصري، وهناك زيادة على الطلب، وهو ما أدى لارتفاع الأسعار بنسبة 30%.


في سياق متصل اعتبر الدكتور حامد مرسي رئيس قسم الاقتصاد بجامعة  قناة السويس، أن اتجاه الحكومة لتطبيق مثل هذا القانون سؤدي لانتعاشة اقتصادية إسوة باقتصادات أخرى سبقتنا في هذا الاتجاه .

وأضاف لـ"الفتح" أن جميع بلدان العالم لجأت منذ عقود إلى تلك الوسيلة الفعالة لجمع الضرائب، ولكن الأمر يحتاج لطرق التفعيل حتى لا يضار المواطن الفقير أو محدودي الدخل ، مشيرًا إلى أن طريقة تحصيل الضرائب بالقيمة المضافة أوسع حصيلة، كما أنها تراعي ظروف النشاط الاقتصادي للبلاد "على حد وصفه"!.