لا تغتابوا المسلمين!!

  • 155

لن يسألك الله يوم القيامة: لماذا لم تقع في عرض أخيك المسلم؟ وإنما سيحاسبك حسابا شديدا على اغتياب المسلمين والطعن فيهم.
تواردت نصوص الكتاب والسنة تبين للمرء ما يحرم عليه من أخلاق تجاه إخوانه من المسلمين من غيبة ونميمة وتتبع لعثرات الناس وحسد وبغي و.....إلخ. والعجيب أن تذكر هذه النصوص لبعض الإخوة، فيحتج عليك بما دونها على جواز ارتكابه لهذه الأمور، وتراه يجعل إسقاط المخالفين له أصلا من أصول الدين والاستثناء حفظ الأعراض فنسأل الله العافية.
• لاشك ولا ريب أن الغيبة محرمة بإجماع المسلمين ومعلوم أن الغيبة ذكرك أخاك حتى ولو كان فيه ما تقول من عيب، وهاك بعض الأدلة على حرمتها والتحذير منها:
ننصح بقراءة سورة الحجرات من قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ 6 ...... إلى قوله تعالى ... يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13".
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته) رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: حسبك من صفية كذا وكذا - تعني قصيرة – فقال: (لقد قُلْتِ كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته) قالت: وحكيت له إنساناً، فقال: (ما أحب أني حكيت إنساناً، وأنّ لي كذا وكذا) صحيح الجامع.
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لمَّا عُرج بي مررت بقومٍ لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم، وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم) صحيح الجامع.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: (المسلم أخو المسلم، لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبعْ بعضُكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا)، ويشير إلى صدره ثلاث مرات (بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه) رواه مسلم.
وعن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبَهُ، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوراتِهم؛ فإنه من اتّبعَ عوراتِهمْ يتّبع الله عورتَهُ، ومن يتبعِ الله عورته، يفضحْهُ في بيته) صحيح الجامع.
وعن المستورد بن شداد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أكَلَ برجلٍ مسلمٍ أُكْلةً فإن الله يُطعِمُهُ مثلها من جهنم، ومن كُسِيَ ثوباً برجلٍ مسلمٍ فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجلٍ مقام سمعةٍ ورياءٍ؛ فإن الله يقوم به مقام سُمعة ورياء يوم القيامة) السلسة الصحيحة.
وعن أسامة بن شريك - رضي الله عنه - قال: شهدتُ الأعرابَ يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلينا حرج في كذا؟ أعلينا حرج في كذا؟ [لأشياء ليس بها بأس]، فقال له: (عباد الله وضع الله الحرج، إلا من اقترض من عرض أخيه شيئاً فذلك الذي حرج وهلك .. ) صحيح الجامع.
وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن من أربى الرِّبا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق) صحيح الجامع.
وفي حديث ماعز: فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين يقول أحدهما لصاحبه: ألم ترَ إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعْه نفسُه حتى رُجِمَ رَجمَ الكلب؟ ثم سار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى مر بجيفة حمار فقال: (أين فلان وفلان؟ انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار) قالا: غفر الله لك يا رسول الله، وهل يُؤكل هذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: (فما نلتما من أخيكما آنفاً أشدُّ أكلاً منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها) أبو داود قال ابن كثير إسناده صحيح.
وعن جابر بن عبد الله وأبي طلحة - رضي الله عنهم - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: (ما من امرئٍ يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطنٍ يحب فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطنٍ يحب فيه نصرته) صحيح الجامع.
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من ردّ عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة) صحيح الجامع.
وعن أسماء بنت يزيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من ذبَّ عن لحم أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار) صحيح الجامع.
وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - في حديثه الطويل في قصة توبته قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في القوم في تبوك: (ما فعل كعب بن مالك؟) فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه بُرداه والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: (بئس ما قلت: والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرا، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ. البخاري ومسلم.
• ونلاحظ أن هذا يستدل به على الدفاع والذب عن عرض أخيك المسلم، ولا يستدل به أبد على جواز التطاول والسب على أخيك الذي وقع في الخطأ، فتقول للذي يقع في عرض أخيه : اتق الله، أو بئس ما قلت، أو ما علمنا عليه إلا خيرا، لا أن تقع في عرضه لأن سكوت النبي ـ صلى الله عليه وسلم يعد إقرارا لمعاذ ـ رضي الله عنه ـ في إنكاره على الذي خاض في عرض أخيه مع ارتكاب كعب بن مالك رضي الله عنه لمعصية ظاهرة وكبيرة من الكبائر وهو عدم ذهابه مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فافهم هذا.
فمن أراد أن يبين الحق فليبينه وليدافع عنه قدر جهده، لكن لم يكن من الحق يوما: الوقوع في أعراض المسلمين وليس من الحق السب واللعن والتخوين والتماس العنت للبرءاء وتتبع العورات والاتهام بدون بينة والاتهام بالنفاق والشق عما في صدور الناس والتكفير بدون إقامة الحجة؛ بل في مسائل اجتهادية التأويل فيها قوي والقناعات مختلفة، فاتقوا الله في أعراض المسلمين.
ونسأل الله ان يطهر قلوبنا وألسنتنا مما يغضبه.