عاجل

صندوق النقد الدولي يتوقع انهيار الاقتصاد الإيراني!

  • 156
أرشيفية

 

صندوق النقد الدولي يتوقع انهيار الاقتصاد الإيراني

"خامنئي" يدير 95 مليار دولار في هيئة مؤسسات وشركات عقارية

الحرس الثوري يهيمن على المؤسسات الاقتصادية.. ويسخِّر مدخلاته لصالح التوسع الفارسي

وطأة الفقر تزداد رغم وعود "روحاني" بالفرج عقب الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات

اندلاع الاحتجاجات بسبب إفلاس البنوك وضياع مدخرات الإيرانيين

"هيئة تنفيذ أوامر الإمام" استولت على آلاف العقارات التابعة لأهل السنة

النظام يلجأ إلى التخويف من التدخلات الغربية لإلهاء الفقراء

 

 

في منتصف مايو الماضي جرت المناظرة الثالثة والأخيرة بين الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني وعدد من منافسيه في الانتخابات التي انتهت بإعادة انتخابه لولاية ثانية؛ وكشفت هذه المناظرة عن حجم الأزمة التي يعيشها النظام الإيراني في ظل أزمة اقتصادية طاحنة يعاني منها الشعب دون غيره؛ فرغم أن أدوات الترشح والانتخاب كلها بيد مصلحة مجلس النظام الذي يتحكم فيه المرشد، ومن ثم فإن كل المرشحين لأي انتخابات سواء رئاسية أو برلمانية أو حتى بلدية وباختلاف ميولهم السياسية، الظاهرة، إلا أنهم جميعًا من المرضي عنهم، بحكم أحقية المرشد في استبعاد أي مرشح من خارج الدائرة التي تحيط به.

 

فالمناظرة الأخيرة انتهت بهجوم شخصي من الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني ونائبه الأول إسحاق جهانجيري على بقية المرشحين؛ ما أثار استياءً شديدًا بين الناخبين الذين كانوا ينتظرون برامج تعمل على تحسين معيشتهم المتدهورة وتضع حلولًا للمشاكل الاقتصادية التي يعانون منها.

 

ورغم هذا فاز روحاني بالانتخابات؛ لأن الناخب الإيراني أدرك أنه لا فائدة من التغيير ما دام جميع المرشحين عند المرشد متساوون، ولعلم الناخب الإيراني أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المرجو لا يملك مفاتحه إلا المرشد خامنئي الذي يتحكم في مدخلات لا بأس بها لا تخضع للعقوبات التي يفرضها الغرب على البلاد، وتزداد وتيرتها من حين لآخر، ولا يرزح تحت وطأتها إلا المواطن العادي، ويعرف القاصي والداني في طهران أن المرشد يتحكم في هذه الأموال الطائلة، ويسخر معظمها لتطوير البرنامجين النووي والصاروخي، السبب الأصلي لهذه العقوبات، كما ينفق بعضها على محاولات التوسع الإمبراطوري في العواصم العربية مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان، ونشر المذهب الشيعي بين أهل السنة في دول إفريقيا مرورًا بالدول العربية في القارة السمراء.

 

وتمر إيران الآن بمرحلة الغليان المكتوم المرشح للانفجار في أي وقت بسبب الأزمات الاقتصادية الطاحنة المتواصلة رغم رفع العقوبات الغربية بعد الاتفاق النووي، وهي العقوبات التي كان حكم الملالي يتحجج بها في مواجهة المطالب الشعبية بتحسين مستوى المعيشة والقضاء على مظاهر الفقر التي طالت مخالبه الطبقة المتوسطة، وجذبت بعضها إلى مجاهل الطبقة الفقيرة التي تكافح للهروب من وطأة الجوع والمرض والجهل، ويتم إسكاتها بشعارات الجهاد المقدس في بلاد العرب، ومقاومة الأطماع الغربية التي اكتشف الإيرانيون مؤخرًا أنها مجرد وهم كبير عاشوا فيه وله، قبل أن يدركوا تناغم السياسة الإيرانية مع نظيرتها الغربية في معظم القضايا إن لم تكن كلها.

 

 

هيئة تنفيذ أوامر الإمام!

 

الأمر لم يقتصر على التذمر الشعبي، بل امتد إلى صراع علني بين الحكومة الإيرانية والحرس الثوري الذي يستحوذ بدوره على نسبة غير قليلة من اقتصاد البلاد، إضافة إلى هيمنته على السياسة الداخلية والخارجية؛ وهو السبب الرئيسي للكثير من العقوبات الأمريكية والأوروبية.

 

وكان محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، بادر بتصعيد الصراع مع الحكومة حين طالب مرارًا بتسليم إدارة الاقتصاد للحرس الثوري بدعوى فشل الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي.

 

ولم تتمكن طهران من جني أي ثمار تذكر من رفع العقوبات الدولية في يناير 2016 بعد التوصل إلى الاتفاق النووي الذي رافقته حملة إعلامية من قبل السلطات الإيرانية انصبت على إقناع مواطنيها -خاصة أبناء الطبقة المتوسطة الذين عانوا بشدة من سنوات الحصار الاقتصادي- بأن الغد مليء بالإنجازات والنجاحات الاقتصادية، وأن أعوام الحرمان والحصار قد ولت بلا عودة؛  وذلك بسبب الدور الكبير للشركات المرتبطة بالجهات السياسية المتحكمة في البلاد مثل المرشد خامنئي والحرس الثوري.

 

من جانبه، انتقد الرئيس روحاني، مطالب الحرس الثوري بالمزيد من الهيمنة على الاقتصاد الإيراني، وقال إن الإحصاءات تشير إلى أن حكومته زادت الإنفاق على الأغراض العسكرية في الميزانية بنسبة 145% رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه البلاد، مضيفًا أنها نفذت خطوات على صعيد تعزيز ترسانة القوات المسلحة من المعدات والإمكانيات الاستراتيجية خلال 3 أعوام ونصف من عمرها بما يعادل الإنفاق في 10 أعوام قبلها.

 

في حين كشف تحقيق أجرته وكالة "رويترز" أن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يتحكم في إمبراطورية اقتصادية ضخمة تحت اسم "هيئة تنفيذ أوامر الإمام"، التي يطلق عليها اختصارًا اسم "ستاد"، تدير أصولًا عقارية واستثمارية في معظم قطاعات الاقتصاد الإيراني.

 

وأشارت تقديرات التحقيق إلى أن خامنئي يتحكم فيما لا يقل عن 95 مليار دولار، وذلك بعد تحليل تصريحات مسئولي الهيئة وبيانات من سوق طهران للأوراق المالية ومواقع الشركات على الإنترنت ومعلومات من وزارة الخزانة الأمريكية.

 

وتوصل التحقيق إلى أن هيئة "تنفيذ أوامر خامنئي" أقامت إمبراطوريتها من خلال الاستيلاء الممنهج على آلاف العقارات التي تخص مواطنين إيرانيين عاديين من أبناء أقليات دينية وأهل السنة وأصحاب أعمال وإيرانيين معارضين يعيشون في الخارج، ومصادرة أعداد كبيرة من العقارات من خلال الادعاء بأنها مهجورة، والبند الأخير يستعمله الصهاينة في الاستيلاء على منازل المقدسيين المهجرين.

 

وتتمثل قرابة 52 مليار دولار من هذا المبلغ في صورة عقارات، حيث صرح رئيس إدارة العقارات في "ستاد" أثناء مؤتمر صحفي في عام 2008 بأن الوحدة العقارية في الهيئة تساوي هذا المبلغ.

 

وفي عام 2000 خطت "ستاد" خطواتها الأولى نحو إضفاء الصبغة الرسمية على دخولها مجالات أخرى إضافة إلى العقارات، فأقامت شركة لإدارة الاستثمارات أطلق عليها اسم "شركة تدبير للاستثمار"، وستصبح هذه الشركة في نهاية الأمر من بين 5 أدوات رئيسية على الأقل تمتلك من خلالها "ستاد" حصصًا في الشركات.

 

وفي عام 2009 تحققت واحدة من أكبر صفقات "ستاد" عندما تملكت حصة أقلية كبيرة في كبرى شركات الاتصالات الإيرانية، وهي شركة تحتكر خدمات خطوط الهاتف الأرضية في إيران احتكارًا شبه كامل.

 

وفي عام 2010 نالت "ستاد" السيطرة على غنيمة أكبر وهي شركة "ري" للاستثمار، التي قدرت وزارة الخزانة الأمريكية قيمتها في يونيو بنحو 40 مليار دولار حتى ديسمبر 2010. وتمثل "ري" مؤسسة ضخمة متنوعة الأنشطة داخل مؤسسة "ستاد" الضخمة المتنوعة الأنشطة، ولها استثمارات من بينها شركة للنفط وشركة للتعدين، ومزرعتان لتربية النعام؛ في حين تقول وزارة الخزانة الأمريكية "إن "ستاد" سيطرت على شركة "ري" للاستثمار بعد أن أوقفت الحكومة الإيرانية تمويلها بسبب مزاعم سوء الإدارة".

 

 

"ستاد" وفساد الملالي

 

أنشئت "ستاد إجرايي فرمان حضرت إمام"، أو "هيئة تنفيذ أوامر الإمام"، بأمر من المرشد الأول الإيراني "الخميني"، قبيل وفاته عام 1989 لإدارة وبيع العقارات، التي تركها مالكوها في سنوات الفوضى التي أعقبت عام 1979.

 

وكان من المقرر أن تكون مدة عمل "ستاد" سنتين فقط، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي جعلها من بين أقوى الهيئات في إيران، رغم أنّ كثيرًا من الإيرانيّين وغيرهم في العالم لا يعرفون عنها الكثير، ولكنها تحوّلت إلى كيان تجاري عملاق يملك حصصًا في كل قطاعات الاقتصاد الإيراني والعالمي، تقريبا بما في ذلك قطاعات المال والنفط والاتصالات وإنتاج حبوب منع الحمل، بل وحتى تربية النعام.

 

ورغم هذا الثراء الفاحش الذي تتمتع به الهيئة، تناقلت مؤخرًا مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية مقاطع فيديو تظهر أفرادًا من الأمن الإيراني يهاجمون عددًا من المتعاملين مع البنوك الإيرانية نتيجة إعلان تلك البنوك إفلاسها وعدم توافر سيولة لديها للوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء، وأكد عدد من المختصين في الشأن الإيراني أن الاقتصاد الإيراني يعاني من تدهور يرجع لثلاثة أسباب رئيسية، الأول: الفساد الإداري والمالي، وسرقة المسئولين الإيرانيين لمئات المليارات من الدولارات، وثالثًا: سيطرة الحرس الإيراني على القطاع الاقتصادي الإيراني بشكل كامل والقضاء على الاقتصاد الخاص والشركات الأخرى، رابعًا: إنفاق طهران مئات المليارات لمشاريعها التوسعية في المنطقة ودعمها للإرهاب.

 

ويرتبط إفلاس البنوك الإيرانية بتدهور الوضع الاقتصادي الإيراني بشكل عام، وبالفساد الإداري والمالي بشكل خاص، وتشير التقارير إلى تورط الحرس الثوري الإيراني بهذه العملية بالتحديد، فالحرس يأخذ أموال المواطنين المودعة في البنوك وينفقها على مشاريعه التوسعية في المنطقة ولدعم الإرهاب والميليشيات الموالية لطهران خاصة في اليمن وسوريا.

 

وتعتمد البنوك الإيرانية المفلسة على الاستدانة من البنك المركزي الإيراني ومدخرات المواطنين في البنوك؛ وتشير التقارير إلى أن الأيام المقبلة ستشهد إفلاس المزيد من البنوك الإيرانية، لذلك حدثت مظاهرات واحتجاجات واسعة في عدة مدن إيرانية تطالب البنوك بإعادة أموالها، وهذه الغضبة مرشحة للاتساع والتزايد رغم القمع والاعتقالات الواسعة بحق المتظاهرين.

 

سقوط الأقنعة.. الملالي يحمون أمن إسرائيل

 

منذ استولى نظام الملالي على الحكم في إيران وهو يستمد شرعيته من إعلان الكراهية لأمريكا وإسرائيل؛ ويقمع أي مطالب بتحسين مستوى المعيشة أو بمحاربة الفقر متذرعًا بالحرب ضد الغرب؛ ولكنه سرعان ما سقط في وحل الخيانة العلنية عندما تفجرت فضيحة "إيران جيت" في منتصف الثمانينيات، وانكشاف تعاون الملالي مع أمريكا وإسرائيل في صفقات مشبوهة لتمويل حربهم ضد العراق العربي المسلم!

 

وهو بالمناسبة نفس النهج الذي سارت عليه ميليشيا "حزب الله" في لبنان، التي اتخذت من تحرير القدس شعارًا رهنت بسببه مصير الدولة اللبنانية كلها؛ والتي اتضح أنها مجرد شعارات زائفة الهدف منها مد وتوطيد النفوذ الفارسي في لبنان وعلى حساب القوى العربية والسنية الأخرى.

 

ففي منتصف يونيو الماضي، وفي يوم "القدس"، حذر زعيم ميليشيا "حزب الله" حسن نصر الله، إسرائيل في حال استهدفت الوجود الإيراني وميليشياته في سوريا، فإنها ستجد نفسها أمام مواجهة مع عشرات الآلاف من المقاتلين الذين سيتدفقون من أنحاء العالم نحو سوريا؛ وجاءت هذه الرسالة "الإيرانية" في ظل الحديث عن إعادة صياغة المشهد السوري إقليميًا ودوليًا، لاسيما بعد ما أشير إليه من تفاهم روسي وأردني وأمريكي، يطال منطقة الجنوب السوري الذي يقوم على منع وصول إيران وميليشياتها إلى التحكم وحتى الوجود في هذه المناطق المحاذية للأردن.

 

وأراد الملالي أن يُذكّروا الإسرائيليين -عبر نصر الله- بأن من يمنع تدفق آلاف المقاتلين من العالم العربي والإسلامي لتحرير فلسطين عبر سوريا ولبنان، هو الوجود العسكري للمحور الإيراني في سوريا، وأن إنهاء هذا الوجود أو استهدافه سيكون كفيلًا بأن تجد إسرائيل نفسها أمام عشرات الآلاف من المقاتلين العرب والمسلمين!

 

نحو 4 عقود مرت منذ أطاح المقهورون في إيران بنظام الشاه، واستيلاء الملالي على الحكم في البلاد، مستغلين الشعارات الدينية في مداعبة أحلام الشعب بمستقبل آمن ومستوى معيشة أفضل، إلا أن كل هذا ذهب هباء مع أحلام التوسع الإمبراطوري الفارسي الذي بات سرابًا بعد استفاقة الدول العربية وأخذها بزمام المبادرة لتطويق أطماع طهران.