"التوك توك" خارج نطاق السيطرة.. والتراخيص حبر على ورق

  • 119
أرشيفية

أصبح انتشار التوك توك في شوارع مُدن وقرى محافظة المنوفية، ظاهرة محيرة بين مؤيد لها بشروط، ورافض لوجوده؛ بسبب المشكلات التي يسببها، كل هذا تحت سمع وبصر الحكومة، ولكن لا حياة لمن تنادي.


تحولت الشوارع الرئيسية والفرعية لمراكز وقرى المنوفية بل في كل محافظات مصر إلى ما يشبه السيرك، بسبب انتشار التوك توك، وأصبح عقبة في الطرقات، ومثال صارخ على الإهمال والفوضى، والانفلات المروري والأخلاقي؛ نتيجة وقوع العديد من الحوادث المرورية والأخلاقية والجنائية.


تقف الشرطة عاجزة أمام تجاوزات سائقي التوك توك، خاصة بعد حادثة قتل أحد سائقيه على يد ضابط شرطة، والتي أصبحت قضية رأي عام؛ مما جعل سائقي التوك توك في حالة من الرعونة والتهور، في تحد صارخ لنظام المرور وكسر قواعده؛ مما أدى لوقوع العديد من الحوادث.


لكن أين تكمن المشكلة؟، هل المشكلة في الحكومة التي سمحت باستيراد مركبة، ثم رفضت استخراج تراخيص لها؟ أم المشكلة في سائقي التوك توك الذي يكون عمر الواحد منهم  (10) سنوات أو أكثر قليلًا؟ أم المشكلة مشتركة بين الطرفين؟


وفي الجانب الآخر توجد إيجابيات للتوك توك، منها القضاء على البطالة وتشغيل قطاع عريض من الشباب، لكن مع ذلك حدث خلل أخلاقي لكثير من هؤلاء الشباب، بسبب التعامل مع فئة من السائقين تكون خلفيتهم التربوية والخلقية سيئة.


ومن إيجابيات التوك توك أيضاً، أنه ساعد على انتهاء أزمة من أزمات المواصلات الداخلية خاصة في القرى والشوارع الضيقة التي يرفض سائقو سيارات الأجرة الدخول إليها، علاوة على أن التوك توك أجرته تتناسب مع محدودي الدخل سيما في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.


"كارثة في الشوارع" هكذا بدأ عبد اللطيف صالح، مدرس، حديثه عن التوك توك: "نعم أنا أطلق عليه "سرطان الشوارع"، إنها كارثة تهدد المجتمع المصري تحت سمع وبصر الحكومة".


وأضاف صالح لـ "الفتح": "تخيل لو التوك توك صدم أحد المارة وهرب، ماذا تفعل الشرطة؟ لا توجد عليه أرقام مرورية ولا تراخيص، ولا ضابط أو رابط، جرائم تقع من سائقي التوك توك، أو بواسطة التوك توك، ولا أحد يقدر عليهم، لا شرطة، ولا محليات، والكل رفع شعار الفوضى!".


وفي السياق نفسه، أشار الحاج جمال القط، موظف، إلى أن التوك توك أصبح من الظواهر التي تهدد المجتمع المصري، وأصبح كارثة بكل المقاييس، متابعًا: "أنا أتعجب من عجز الحكومة عن حل هذه المشكلة رغم تعاقب الحكومات، وكأنها هي المعضلة، ورغم ما يحدث من كوارث وحوادث مشينة بصورة شبه يومية، إلا أن الحكومة ما زالت متغافلة عن هذا السرطان، بل تتمادى وتسمح باستيراده".


وشدد على أهمية استخراج التراخيص اللازمة لهذه المركبة العجيبة في أسرع الوقت، حتى يتم تقنين وضعها والسيطرة عليها وعلى تحركاتها.   


بدوره، قال المهندس صلاح عبد المعبود، وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب سابقًا، وعضو الهيئة العليا لحزب النور: "التوك توك مركبة عجيبة ظهرت منذ فترة في جميع أرجاء البلاد، تكاد عينيك تراها في كل مكان، لا تفرق بين الطرق السريعة والبطيئة، مركبة يقودها الأطفال والشباب والشيوخ بل والنساء أيضًا، تراها في العواصم الكبرى والمحافظات والمراكز والمدن بل والقرى والنجوع".


وأضاف عبد المعبود خلال تصريحه لـ "الفتح"،  تراها تسير في اتجاه سير المرور الصحيح، وتراها أيضاً تسير عكس الاتجاه، تقطع الطرق السريعة والصحراوية، وكم أحدثت من كوارث أدت إلى ضحايا بين جرحى وقتلى بالآلاف، كل ذلك والحكومة لا تضع حدًا لهذه المركبة العجيبة، والأعجب من ذلك أنها تسمح باستيرادها ولا تسمح بترخيصها!


وتساءل: لماذا لا تقنن الحكومة هذه المركبات السريعة؟ لماذا لا تقنن الحكومة أوضاع قائدي التكاتك وأن يشملهم قانون المرور رقم 66  لسنة 1973 الخاص بالمركبات السريعة، الذى حدد طرق السير الخاصة به ووضع شروط لقائده وآلية لترخيصه حتى لا يسير بعشوائية محدثًا فوضى في الطرق والميادين كما يحدث الآن؟!


وتابع: لماذا لا تُحظر قيادته على من هم دون 18 عامًا، فهو سن مناسب للسماح للشباب بقيادته؛ فالسماح بقيادة التوك توك للأطفال حوّل عددًا منهم إلى بلطجية، علاوة على أن السماح بترخيص التوك توك سوف يدرّ على الدولة ملايين الجنيهات، وفي نفس الوقت يحد من نسبة الحوادث خصوصا أن هناك من يستغلونه في ارتكاب جرائمهم؛ لأنه لا يحمل لوحات معدنية؛ فقد زادت الحوادث في الآونة الأخيرة بشكل كبير بداية من حوادث السير والخطف والقتل والاغتصاب، وجميعها قُيدت ضد مجهول بسبب صعوبة العثور على مرتكبيها؛ لأن مركباتهم بلا رخصة أو لوحة أرقام وكذلك الأشخاص أنفسهم.


واستطرد وكيل "النقل والمواصلات" السابق: "لا أكون مبالغًا إن قلت أن عدد التكاتك والسيارات التي تعمل في مجال نقل الركاب بالمخالفة للقانون يتخطى المليون مركبة، ولو تم تقنين أوضاع هؤلاء سيوفر للدولة الكثير من المبالغ، وفي نفس الوقت سيقلل نسبة الحوادث على الطرق".


وطالب بتفعيل المواد الواردة بقانون المرور سالف الذكر على التوك توك، ومنها مصادرته حال ضبطه يسير بدون ترخيص، وفتح باب الترخيص أولًا، ولا يجوز تسيير هذه المركبة قبل تنفيذ قانوني التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 و108 لسنة 1976، اللذان ينصان على إلزام صاحب التوك توك بالتأمين على نفسه وعلى العاملين عليه.


وأضاف أن البرلمان الحالي سبق أن وافق على ترخيص التوك توك في دور الانعقاد الأول، لكن هذه الموافقة لم تترجم على أرض الواقع؛ مؤكدًا أن تقنين أوضاع التوك توك سيساعد على انضباط الشارع مرة أخرى.