أقل الخسائر

  • 226

كأنما نزل هم وغم وحزن من السماء فسكن فى البيوت
كأنما نزلت شحناء من السماء مثل المطر وتوزعت على القلوب
وكأنما تسلطت إشعاعات على الملايين، فأهاجت الأعصاب، ووترت النفوس، وسببت قلقاً هائلاً بين الناس، نحن للأسف الشديد نعيش تحت ضغط هائل من الأحداث المتلاحقة يسبب أعراضاً وأمراضاً نفسية، وتتراكم الضغوط وتتزايد ولا ندرى إلى أين ستصل؟ ولكن الظاهر والله أعلم أن الضغوط مرشحة للزيادة والأحداث متجهة للتصعيد، ليس فى مصر وحدها، بل فى المنطقة العربية بأسرها، والكلام لا ينتهي والحوادث لا تتوقف، والملاحظ فى الحوارات والأحاديث أن أحداً لن يتراجع عن رأيه ووجهة نظره، فكل من كون وجهة نظر معينة أو تبنى رأيا محددا لا يحيد عنه ولا يتركه ولا يتخلى عنه، بل يحاول أن يؤكده ويثبته ويبرهن عليه و يقويه، لذلك أقول للقراء: إن الجدل فى موضوع الأحداث الجارية هو جدل عقيم لا نتيجة من ورائه وبالتالي فلا داعى له، لهذا أنصح القراء بعدم الدخول فى أى جدل يتعلق بالأحداث فلن ينتهى هذا الجدل إلا بالخصام والقطيعة والبغض والكراهية والعداء والشحناء والضغينة والضيق والحزن والاكتأب والنفور والتدابر، وكل ما يشبه هذه المعاني، و مرة أخرى أكرر النصيحة والطلب: لا تدخلوا فى جدال، ولا تتوسعوا فى الحديث عن الموضوعات الجارية، تفاديا للخسائر والسلبيات، وفى حالة الاضطرار يكفى الحديث المختصر والكلمات القليلة لتوضيح موقف أو بيان حقيقة مع عدم التمادي والإكثار والإطالة.
فالناس يحبون الكلام والحديث والجدال وربما عندهم الوقت والفراغ والرغبة ..
فأكثروا من الكلام عن ذكر الله و الدعاء و إصلاح النفوس و إصلاح الأحوال القلبية و الإيمانية.
أكثروا الحديث الرقيق المؤدب بأخلاق عالية و بأصوات هادئة لا تشعلوا الأوضاع أكثر مما هى مشتعلة ولا تلهبوا المشاعر أكثر مما هى ملتهبة، أطفئوا نيران الغضب والخصام ..
ليحتفظ كل انسان بما يراه فى داخل نفسه.
الكلام ليس سهلا بل يجرح ويؤلم ويوجع ويفسد ويهدم ..
كفا نقدا ولوما وعتابا.. وكفى شتائما وسبابا وهجوما واتهامات لن تنفع ولن تغير، بل نريد دعوات، كل منا يدعوا للآخرين بالرشاد والسداد والتوفيق للصواب وصلاح الأحوال.
الصف ممزق فلا تمزقوه أكثر فأكثر، العلاقات مهلهلة فلا تقطعوها أكثر وأكثر، قفوا وكفوا رحمكم الله، وخذوا درسا مما مضى بل دروسا، واستعدوا للقادم الذى سيأتى قريباً فهناك أحداث قادمة آتيه قريبة.. أنا مشفق منها وأتساءل من الآن:
هل ستجمعنا وتقربنا من بعض مرة أخرى؟ أم ستمزقنا أكثر وأكثر ؟
مواقف قادمة ستختلف فيها وجهات النظر، وتتعدد فيها الآراء والاجتهادات، وتتنوع فيها المواقف، والمطلوب أن نتوحد فى مواقفنا ولا ننقسم فى تجمعنا ولو وجدت اعتراضات فلا تتجاوز حد ووصف الاعتراضات إلى انشقاقات وانقسامات.
أكتب هذا الكلام تحصيناً للقراء وحماية للقراء وتحذيراً وتنبيهاً لا تتوسعوا فى الانقسامات والانشطارات والانشقاقات مهما كانت الظروف والأحوال ومهما كانت المواقف والأحداث، ولا ترفعوا أصواتكم بالاعتراضات والاتهامات، فمن لم يعجبه شئ فليقل هذا لا يعجبني ولا أوافق عليه بصوت خفيض وكفى، حتى تمر هذه المرحلة الحالكة الخانقة المظلمة بأقل قدر من الخسائر و المفاسد.
يا رب أذهب غيظ قلوبنا، واجعلنا سلما لأوليائك وحربا على أعدائك، ونفّس غضبنا وهدئ روعنا، وكف شرورنا عن إخواننا وأحبابنا، ونجنا من المهالك، وأخرجنا من هذه المحنه والفتنه سالمين، وأحفظ ألسنتنا عن أعراض إخواننا، واشغلنا بذكرك وما يرضيك.

الابلاغ عن خطأ