عاجل

لماذا ينسف الإخوان مخالفيهم؟!

  • 187

ازدادت قناعتي خلال أعوام من النشاط الإخواني العلني تحت الأضواء الكاشفة أن كلام الإخوان عن مبدأ التعايش مع المخالفين والاعتذار عنهم هو ادعاء فارغ وشعار للتسويق لكنه لا ينبع من قناعة فكرية راسخة وتفهم حقيقي لأسباب الخلاف وأنواعه وكيفية التعامل مع كل نوع ومسألة بحسبها.

من أسباب هذا الاحتكار -شبه المُطلق- للحقيقة والصواب أن فكرة جماعة المُسلمين مُترسخة في اللاوعي الإخواني ( حتى وإن لم يُنَظَّر لها صراحةً )، وقد بذر هذه البذرة حسن البنا ، وأصلها بشكل عقائدي أكثر خطورة سيد قطب حينما دندن على مُصطلح المُجتمع الجاهلي في مُقابل الطائفة المُؤمنة كقسمة ثُنائية للمُجتمع ، والطريقتان تلتقيان في منع الخروج على الخيارات السياسية للجماعة واعتبار هذا خيانة للدين وتخاذل عن نصرته ( أما معتنقو الفكرة القُطبية حرفيَّاً فيتجاوزون هذا الحد إلى التكفير ) ، وقد حكى لي أحد الأصدقاء أنه التقى محمد أحمد الراشد في إحدى دول الخليج بعد الثورة -وكان هذا الصديق وقتها لا يزال على انتمائه للإخوان- فقال له -أي الراشد- ( جماعة الإخوان في حكم جماعة المسلمين ) -، هذه الفكرة لها أثر كبير على سلوك الإخوان الحركي في هدم منافسيهم والانتقام منهم ورميهم بالعظائم ..... إلخ في نتاجٍ طبيعي لفكرة مُنحرفة تحصُرُ مصلحة الأمة فيما تراه الجماعة ( ومن ثم فمن ضاد مصلحة الجماعة -أو لم يراعها- فقد خان الأمة ) ، والمراقب يلمس حرصهم الشديد على هدم كل شخصية وكل كيان يلمسون فيه الفِكر والجُرأة المؤديين إلى صرف الإسلاميين عن خياراتهم السياسية ؛ فمن ثم يحرصون على هدمه ( والإشكالية الكبرى هي تدينهم بذلك !!!! ) ، وما ذلك إلا لئلا يحول بينهم وبين حصد تأييد جميع المُتديِّنين أي حوائل.

وبالنسبة للإسلاميين -تحديداً- يُمكننا اكتشاف سبب إضافي نستطيع -في ضوئه- فهم وتفسير تلك الحملات الضارية التي يشنها الإخوان على معارضيهم من الإسلاميين -حزب النور أنموذجاً- ، وهو سبب حركي مُتعلق بمتغيرات المنطقة ؛ ذلك أن التصور الغربي عن التيارات الإسلامية المتشددة -بالمفهوم الغربي- ( سواء محافظة كالسلفيين عموماً ، أو راديكالية تمارس العنف كالجهاديين ) أن هذه التيارات يمكن احتواؤها من خلال تيار يجمعه بها قواسم أيديولوجية مشتركة -لا سيما حال وصوله إلى الحكم- ، وقد سَوَّق الإخوان لأنفسهم -في تفاهمهم مع الغرب وأمريكا خصوصاً- باعتبارهم الجماعة الأم والقادرة -بالإضافة إلى اعتدالها- على احتواء تلك التيارات بحيث ينضبط الإيقاع السياسي لكل التيارات الإسلامية بالأداء الإخواني ، ومن ثَمَّ تظل عقائد تلك التيارات مجرد أيديولوجيا لا يترتب عليها تأثير عملي يتهدد المصالح أو الأفكار الأمريكية ، وكان التصور الأمريكي أن دعم تلك التيارات التي تمثل الإسلام المعتدل كالإخوان -وفق تصنيفهم- سيهدئ من حالة الاحتقان في الشرق الأوسط ضد أمريكا ، وسيقلل بالتالي من استهداف مصالحها ، ومن ثَمَّ سببت مواقف الدعوة السلفية وحزب النور للإخوان إزعاجاً شديداً نتيجة لعدم قُدرة الإخوان على احتوائهما داخل العباءة والمظلة الإخوانية مما ينزع عن الإخوان صفة الوكيل الحصري للإسلام السياسي في البلاد ، وهذا نوع من تقلص النفوذ يضعف مشروعهم -في ظنهم- ويحتم عليهم نسف المخالفين !!!