الشيخ علي غلاب

  • 711

الشيخ علي غلا ب مربي فاضل، من الرعيل الأول للدعوة السلفية، قديم في مجال الدعوة، تربوي في خطبه ودروسه ومحاضراته، يركز على التربية، وبناء الشخصية المسلمة بناء متوازنا، يتحرك في مساحة واسعة في محافظة مطروح، وفي محافظات أخري، صاحب أخلاق عالية، وفهم عميق، وبسبب ظروف عامة، قرر الانسحاب والاستقالة من مجلس إدارة  الدعوة السلفية العام، ومجلس شورى الدعوة، ومجلس شيوخ حزب النور، وكتب بيان الاستقالة، ونشره، وكتب في بيان الاستقالة يؤكد على معاني معينة، منها :

1:- إن الاستقالة، سيبقى معها الود، والاحترام، والتقدير، والأخوة بيني وبين أفراد الدعوة وإدارتها.
2:-إن شيوخ الدعوة، كانوا، ولا يزالون، المرجعية الشرعية لي، ولأبناء محافظة مطروح.
3:-إن المحافظة ستبقى سنداً للدعوة.

هذه المعاني كتبها، وسطرها في بيان استقالته،وهي معاني تدل على شخصية فذة، ونوعية طيبة من الرجال،معاني تدل على شخصية جليلة، محترمة، وقورة،مختلفة عن شخصيات كثيرة.

فشخصية أخرى، تقطع كل الأواصر والروابط، وتهدم كل المعاني،وتبرز معاني العداوة والبغضاء، والكراهية، والشحناء .

أما الشيخ علي غلاب، فكان حريصا على إبراز معاني الحب والاحترام، والتقدير والأخوة.ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، شخصية رائعة، وقامة طويلة مرفوعة، افتقدنا هذه النوعية،ولا نجد إلا النوعيات الأقل علىاختلاف درجاتها .

حقيقة، لما قرأت بيان استقالته؛ حزنت على انسحابه، فهو خسارة كبيرة للدعوة،وفرحت في نفس الوقت للعبارات الأخيرة في بيان الاستقالة،التي حملت معاني عالية، وسامية،مريحة، وغير تصادمية، ولا هجومية، ولا اتهامية.

وبقي الحزن على غيابه، والفراغ الذي خلفه وتركه في الأماكن التي استقال منها.

إلى أن عاد إلى أحضان الدعوة وصفوفها، ببيان هو أكثر روعة من بيان الاستقالة، فيه الشجاعة، والنبل، وقوة الشخصية، ونفاسة المعدن؛ فكتب:أنه يعود بلا لوم ولا عتاب، على أحد . وأنه يعود يدافع عن الدعوة، وأن ذلك يتحتم عليه، ووصف الدعوة بأنها مباركة. ويقرر أنه منصاع، وملتزم بجميع قرارات، وموقف، ولوائح مجلس الإدارة العامة للدعوة السلفية. الله عليك يا شيخ علي، لله درك، ما هذا الأدب الرفيع،  وما هذا الفهم العميق، كادت الدموع أن تفر من عيني، وأنا أقرأ هذه العبارة، ليس فرحا بعودته فقط، وإنما للمعانيالتي كتبها، هذا هو الرجل التربوي، هذا هو الرجل الأصيل.
ياشيخ علي أرسل لك عبر هذا المقال، قبلة طويلة على جبينك، وقبلة طويلة على يدك،التي كتبت هذا البيان؛عرفانا بقدر المعانيالتي كتبتها، وعرفانا بقدرك، وقدر عودتك.

لقد كان حريصا وهو ينسحب من الدعوة، ألا يفتتها، وكتب هذا في بيان الاستقالة، في وقت حرص فيه الكثيرون على تفتيت الدعوة، ولا يزالون يحاولون.

وكان حريصا وهو يعود إلى الدعوة، أن يظهر أنه ملتزم بكل قرارات الدعوة ومواقفها،في وقت يتعمد بعض أبناء الدعوة، أن يظهروا أنهم لا يتقيدون، ولا يلتزمون، بقرارات، ومواقف الدعوة.

إنه شخصية مختلفة، عزيزة، نادرة، رأيتك يا شيخ علي عملاقا في شخصيتك، عملاقا في كلماتك القصيرة، رأيت الكلمات عملاقة، بل رأيت الحروف عملاقة، ورأيت المعاني عملاقة. تعلمت منك الأدب، والشجاعة،والاحترام، والتقدير. الكبير سيظل كبيرا،وأنت كبير السن، وكبير المقام.

موقفك كان سببا في عودة الأمل إلى قلبيوعقلي، يوجد مثل الشيخ علي غلاب نماذج أخرى. عادوا إلى الدعوة السلفية بعد انفصال إداريومؤسسي، وليس انفصال فكري. ولكن هذه النماذج قليلة جدا جدا، والأعم الأغلب، إذا انفصل عن الدعوة، فإنه لا يعود، وإنما يتنقل من جماعة إلى أخرى، ومن فكر إلى فكر، ولا يعود إلى الدعوة؛ إما حياء، وإما عنادا، واستعلاء، ومكابرة، وكثير منهم ينتهي به الحال إلى ترك الالتزام بالكلية.

ليت من فارقوا الدعوة السلفية لسبب، أو لأخر يراجعوا أنفسهم، ويجدوا الشجاعة للعودة، كما فعل الشيخ علي غلاب، ليتهم يتعلمون من المربي، والمعلم الفاضل، لقد فتح الشيخ علي غلاب بابا، وسن سنة محمودة، ولكن من مثل الشيخ علي غلاب. لقد كان مثالا في بُعده، ومثالا في قربه.
 إن المفارقين للدعوة السلفية، الذين اختاروا مواقفا مغايرة، ومخالفة لمواقف الدعوة . بعضهم ـ وهم أقلية ـ مازال يحترم مشايخ الدعوة، وقادة الدعوة، وإدارة الدعوة، وأفراد الدعوة ويحتفظ تجاههم بمشاعر ودية. وبعض المفارقين للدعوة ـ للأسف ـ أتخذ موقفا معاديا جدا، فراح يهاجم الدعوة، وشيوخها، وأفرادها، ومنهجها، ومواقفها، ويكيل لها الاتهامات، والعيوب، والسلبيات، ويفجر في  الخصومة، ويتجاوز كل الحدود،والأخلاق،والآداب، ويخترع أمورا يهاجم بها الدعوة، ولا يذكر لها أيشيء جميل.

ويحاول إيذاء الدعوة بكل ممكن ومستطاع، ويتعب في هدم الدعوة، ويتحرك، وينشط، وينفق لهدم الدعوة، مع أنه كان شحيحا بخيلا قبل ذلك، هذه النوعيات ـ للأسف ـ كثيرة وهذه الأحوال ـ للأسف ـ منتشرة.

لذلك هزني موقف الشيخ على غلاب، سواء في بُعده، أو في قربه.

وقلت في نفسى نوعية الشيخ علي غلاب نوعية نادرة، قليلة، والحمد لله أنها موجودة، وهناك نماذج أخرى مثله، أو أقل منه قليلة جدا.

 معادن الناس مختلفة، والتربية لها دور خطير في هذا المجال، وقبل ذلك وبعده، إرادة الله ومشيئته.

فاللهم ارزق الدعوة السلفية خيار النوعيات، والشخصيات. أعتقد أن الشيخ علي غلاب ربما لا يرتاح لهذ المقال، وأقول: من حق أبناء الدعوة أن يتعلموا منه، وهذا موقف يسجل للتاريخ ، والاستفادة من المربين الفاضلين مثلك مطلوبة ، ومدح الرجل في وجهه وحضوره هو المذموم، حزنت جدا لبعدك، وفرحت جدا جدا لقربك، خاصة في هذا التوقيت العصيب، وأتمنى أن أفرح لعودة أخرين، وأخرين،أفرح أنا وغيري،في زمن قلت فيه الفرحة.

الابلاغ عن خطأ