تطوير عشوائيات الإسكندرية

  • 1265

مشكلة العشوائيات تتلخص في غياب الدولة أثناء تراكم المشكلات وتفاقمها حتى تتحول إلي أزمة ندفع ثمنها جميعا.

وتظل العشوائيات هي الآفة التي تنتشر وتتوغل في عدة مناطق بالإسكندرية؛ حتى أصبحت عروس البحر المتوسط اسما فقط، وأصبحت هذه العشوائيات كالقنابل الموقوتة تُنتج عالما من البلطجة والجهل والمرض، فحكومات تتوالي واحدة تلو الأخرى، ووعود تقال ولا تُنفذ.

والآن أصبح الوضع أكثر خطورة؛ فمن ناحية تتحول مناطق راقية من الإسكندرية إلي عشوائيات، حيث تتعرض أجزاء من هذه المناطق إلي هدم مبانيها الأثرية وبناء المئات من المباني العشوائية؛ لذا يتحول الحي إلي حي شعبي عشوائي، وقد تجاوز عدد العقارات المخالفة بعد الثورة 27000 عقار!

ومن ناحية أخرى، نجد انتشار العشوائيات بصورة أكبر في مناطق شعبية متفرقة بالإسكندرية، كمنطقة الهضبة الصينية التابعة لحى العجمي، والعامرية، والمكس، وخورشيد وتوابعها، وكرموز، والحضرة الجديدة، والمراغي، وسيدي بشر قبلي، والعصافرة قبلي، والمندرة قبلي، والحرمين، والمعمورة البلد، وغيرها من المناطق.

ومن المعروف أن هذه العشوائيات تنتج لأسباب عدة، منها علي سبيل المثال لا الحصر:

- الفقر وارتفاع أسعار الأراضي والشقق السكنية في المناطق الرسمية، والتي تتمتع بالمرافق العامة " مياه نقية،وصرف صحي،وكهرباء،وشوارع مناسبة ".

- تدفق الهجرة من الريف للحضر.

- الفساد الإداري.

مواجهة مشكلة العشوائيات تتطلب تضافر جهود جميع الجهات المعنية، وأخذ خطوات فعلية علي أرض الواقع للحد من هذه الكارثة التي تصيب المجتمع السكندري وتؤثر سلبا علي جمالياته وأخلاقياته.

وقد وافق البنك الدولي علي تمويل عدة مشروعات في إطار خطة التنمية الشاملة لمحافظة الإسكندرية عام 2005، تضمنت ثلاثة محاور أهمها تنمية المناطق العشوائية، وتقرر البدء في تطوير‏20‏ منطقة عشوائية‏ في عهد السيد اللواء محمد عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق، ولم تكتمل الخطة حتى الآن!

وبلغت ميزانية توصيل المرافق العامة والخدمات وتطوير العشوائيات في مدينة الإسكندرية خلال العام المالي 2007 – 2008  مليار جنيه، في عهد محافظ الإسكندرية الأسبق اللواء عادل لبيب، دون جدوى !

ورغم إقرار الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق خطة تطوير 37 منطقة عشوائية خلال 2011، وتخصيص 3.7 مليار جنيه من صندوق تطوير العشوائيات للبدء في تنفيذها، إلا أن مسئولي الأحياء بالإسكندرية لم يحصلوا علي أي تعليمات من المحافظ الأسبق عادل لبيب للتصدي للعشوائيات؛ فتركوا أصحاب النفوذ يتوسعون في الاستيلاء علي شوارع المناطق السكنية الجديدة والبناء عليها وتحويلها لعشوائيات علي مرأى ومسمع من الجميع، وبلا رقابة من أي مسئول، والأمثلة كثيرة في مقدمتها المنطقة الرابعة والمعروفة لدي الإسكندرية بأنها المنطقة الواقعة جنوب الطريق الزراعي بسموحة التابعة لحي شرق، والتي يسكنها ما يزيد علي 60 ألف نسمة، وهي إحدى المناطق السكنية الجديدة، والتي يطلقون عليها "الصين الشعبية"، والمخطط تطويرها.

السبب في ذلك كله يرجع إلي انعدام الرقابة من المسئولين والتغاضي عن استيلاء الأراضي وبعض الشوارع الرئيسية بالكامل من أصحاب النفوذ، وبناء عقارات سكنية مخالفة عليها وتسكينها لوضعها أمام الأمر الواقع، وتحويلها لمنطقة عشوائية تحتاج لملايين الجنيهات.

لابد إذن من إعادة تقييم تقرير الوضع الراهن للعشوائيات الخطرة في مصر من 2009 وحتى أغسطس 2012، والذي رفعه صندوق تطوير العشوائيات لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.

علما بأن المحافظين يحصلون على تمويلات من الصندوق بعد موافقة مجلس الوزراء؛ للتعامل مع المناطق العشوائية في كل محافظة، ثم  تسدد كل محافظة المبلغ الذي تحصل عليه على دفعات من موارد المحافظة.

وتشارك حوالي 26 منظمة مجتمع مدني، و47 مؤسسة فنية واستشارية في تنفيذ الخطة القومية للقضاء على العشوائيات، ويعد المشاركون دراسات لرصد الخصائص السكانية لكل منطقة عشوائية قبل البدء في وضع مشروع التعامل مع المنطقة سواء بالإزالة أو التطوير؛ حيث ترصد هذه المنظمات المراحل العمرية لسكان المناطق العشوائية، والمهن الغالبة على الأيدي العاملة بها، والمشكلات الاجتماعية والصحية التي تعاني منها الأسر، خاصة الأطفال والنساء.

ومن أهم إنجازات صندوق تطوير العشوائيات خلال العامين الماضيين، تعديل القانون رقم 10 لسنة 1999 الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة، والذي أضيف له تعديل على المادة (2) ليتيح نزع الملكية للمنفعة العامة في المناطق غير الآمنة.

فمتى تنتهي أزمة العشوائيات؟!