أولويات المرحلة والرؤية المستقبلية

  • 166

الدعوة إلى الله تشمل الإبلاغ والإعداد؛ فالإبلاغ لإقامة الحجة على العباد والإعذار أمام الله بأداء الأمانة، والإعداد لبناء الرجال الذين يتحملون المسئولية في استمرار الدعوة والمنهج إلى الأجيال، انظر إلى مافعله الرسول صلى الله عليه وسلم في المرحلة الأولى في دار الأرقم بن أبي الأرقم ( مصنع الرجال ) في التربية عن قرب في مجموعات صغيرة ليس الغرض منها الكم ولا كثرة العدد ولكن التعاهد والبناء العقائدي والعبادي والسلوكي والأخلاقي لرجل يفتح بلدا وحده إذا أرسل إليه.

ومما لاشك أن كل مرحلة لها أولوياتها فباستقرار الواقع والظروف التي تمر بها الدعوة والبلاد نجد أن الدعوة الفردية لها الأولوية في هذه المرحلة وهي الحوار والتواصل واللقاء المباشر مع الأفراد والتعاهد والتربية المستمرة عن قرب والمناقشة والسماع لهم، انظر إلى الحوار الذي دار بين مصعب بن عمير رضي الله عنه عند قدومه المدينة مع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير والذي كان سبب إسلامهما "أو تجلس فتسمع؟ فإن سمعت خيرا قبلته، وإن كان غير ذلك كففنا عنك ما تسمع" ثم قرأعليه آيات من القرآن فأسلم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وأسلم ثمانون بيتا من بني عبد الأشهل بسبب الحوار المباشر فكان له تأثير أكبر من الإعلام الذي يشوه صورة الإسلام والدعوة.

عندما أسلم عمير بن وهب قال رسول الله صلي الله عليه وسلم للصحابة: " خذوا أخاكم فقهوه في دينه واقرؤه القرآن "، قال صلي الله عليه وسلم " لئن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم ( الإبل الحمر )" وهذا لايكون بكلمة تقال فحسب بل بمتابعة وتعاهد وتواصل جيد.

المشكلة عند البعض هو الهروب من الحوار المباشر؛ فعلاج هذه المشكلة بإعداد الشخصية المتميزة التي عندها القدرة على المناقشة والإقناع، وهذا يحتاج إلى دورات في فن الدعوة وأساليب التواصل وحسن الإنصات وحسن الخلق والبشاشة والقبول عند الخلق والبناء العلمي والفكري والفهم الدقيق والوعي بالواقع ومعرفة ودراسة الشبهات والأفكار المقامة والسرد عليها، نسأل الله عز وجل أن يستعملنا في طاعته ولا يستبدلنا وأن يهدينا ويهدي بنا وأن يوفقنا إلى مايحبه ويرضاه.