بهدوء

  • 186

نحتاج إلى وقفة للمراجعة والمحاسبة، وقفة للتأمل والتدبر في الأحداث التي مرت بنا في السنوات الأخيرة، نحتاج أن نفكر بعمق لنعرف

ماذا كسبنا؟ وماذا خسرنا؟

وماذا كسب غيرنا؟ وماذا خسروا؟

هل ندمنا على مواقف معينة، أم لم نندم؟

هل لو رجعنا في الزمان إلى الوراء هل كنا سنتخذ نفس القرارات والخطوات أم سنتخذ غيرها؟

هل موقفنا سليم إلى الآن 100%؟ أم بنسبة أقل؟ أم ماذا؟

وكيف نتصرف مستقبلا في الاستحقاقات المقبلة؟ هل نتصرف بنفس الطريقة التي تصرفنا بها؟ أم نعدل قليلا؟ أم نعدل كثيرا؟

نحتاج أن نفكر في مواقف من كانوا معنا ثم تركونا نفكر بعمق كيف حدث هذا ولماذا؟ حتى لا يتكرر. 

إننا مقبلون على مرحلة جديدة، وربما تكون أصعب وأعقد من المرحلة السابقة بكل ما فيها؛ لذلك أريد من إخواني أبناء الدعوة السلفية أن يفكروا بعمق فيما مضى ليحسنوا التصرف فيما هو آت.

وأقول لإخواني أبناء الدعوة السلفية:

لا تنقضوا غزلكم، ولا تهدموا بنيانكم، ولا تشاركوا في هدم دعوتكم؛ فهناك من يحاول هدم الدعوة السلفية وإفشالها وتخسيرها لأسباب متعددة ومختلفة، والجهات التي تحاول هدم الدعوة السلفية متعددة ومختلفة، لها مصالح في هدم الدعوة وإفشالها وتخسيرها.

وتفتيت الدعوة السلفية خطير على أبنائها، بل وعلى بلدها فهي حائط صد منيع ضد أخطار كثيرة.

لذلك أقول لأبناء الدعوة حافظوا على وحدتكم وألفتكم وقوتكم، وإن رأيتم شيئا تكرهونه في خط الدعوة أو قراراتها فبينوا ذلك وأنكروه بألسنتكم أو بقلوبكم دون أن تنعزلوا وتحاربوا دعوتكم وتهاجمونها، والتمسوا الأعذار لقياداتكم، وأحسنوا بهم الظن، بل وخطئوا أنفسكم أنتم ولا تسمعوا لمبغضي الدعوة، أو مبغضي قياداتها،ولا تقبلوا اتهاما ولا تصدقوا شائعة، وأكثروا الدعاء للإدارة والمسئولين والأفراد بالحماية والحفظ والتوفيق للرشاد والسداد.

لا تسلموا آذانكم وأسماعكم لغيركم؛ فإن السماع من الغير يشوش الخاطر، ويعكر الصدور، ويؤثر في القلب؛ هناك حسابات دقيقة تخفى عن الآخرين لا يعرفونها ولا يفهمونها، فيشوشون على الدعوة بسبب أنهم لا يفهمونها، فلا تكونوا أمثالهم ولا تكونوا معهم .

وأذكركم بأن الدعوة لم تغير منهجها ولا ثوابتها ولا عقيدتها، وإنما الفتوى تتغير زمانا ومكانا وشخصا، وكثير من الناس لا يعرفون الفرق بين تغير الفتوى وتغير الحكم، هناك خفايا وخبايا كبيرة وصغيرة قد تغيب عن الكثيرين فيصدرون بسبب جهلهم بها فتاوى خاطئة ومواقف خاطئة؛ فابتعدوا أنتم عن هذه الطريقة  لقد كشفت الأحداث عن أمراض كانت كامنة في النفوس ولم تظهر عبر سنين طويلة، لكنها ظهرت على كل حال، نوعيات ونفسيات سيئة ظهرت وبانت وانكشفت في الأحداث الأحقاد والضغائن والحسد والغل.

العيوب والآفات والأمراض والأسقام ظهرت وبانت وانكشف المعدن الأصيل من المعدن الخبيث، ظهرت أيضا الأخلاق الطيبة الحسنة،وظهرت الأخلاق السيئة الذميمة، وكل يعمل على شاكلته.

مرة أخرى أذكر وأنبه: المرحلة المقبلة صعبة وخطيرة ومعقدة، انتبهوا واحذروا حتى تمروها بسلام وأمان، ولا تسقطوا فيها مع المتساقطين؛ هناك غربلة وتصفية للنوعيات والنفسيات، هناك من يسقط من الغربال، وهناك من يبقى على حسب نوعيته؛الجئوا إلى الله في معرفة الحق من الباطل، واستعينوا بالله واصبروا على هذا المنهج وهذا السبيل، خذوا بالأسباب قدر الإمكان ولا تقصروا، اطلبوا المزيد من العلم والعمل، والحافظ هو الله، والمنقذ هو الله، والعاصم هو الله، والمغيث هو الله .

إن الدعوة السلفية كما هي لم تتغير في قضية التكفير، لم تتغير في حين غير الكثير مواقفهم فأصبحوا يكفرون بعد أن كانوا لا يكفرونـ وفي قضية العنف لم تغير الدعوة السلفية مواقفها في حين غير الكثير مواقفهم وأصبحوا ينتهجون منهج العنف، أما في مسألة الانتخابات فالدعوة السلفية لم تغير حكمها، فلم تكن سابقا تقول الانتخابات "حرام" والآن تقول "حلال"، وإنما كانت سابقا تقول الانتخابات جائزة لكن المناخ غير مناسب؛ ولهذا كانت تمتنع تماما عن المشاركة ترشيحا وتصويتا، فلما تغير المناخ العام رشحت وصوتت؛ فهي منسجمة مع نفسها لم تبدل ولم تغير، وإنما فقط الأحوال تغيرت فتغير الموقف؛ وفي الجملة فالدعوة السلفية بحمد الله كما هي وكما كانت قديما لم تغير مواقفها، فعلى الذين غيروا مواقفهم أن يراجعوا أنفسهم ويسألوا أنفسهم لماذا غيروا وتغيروا؟ هل لأسباب شرعية أم لأسباب شخصية ونفسية؟!

لقد كتبت ولازلت أكتب في هذه القضية كثيرا، قضية الحفاظ على الدعوة، والحفاظ على الجماعة، والحفاظ على الوحدة؛حيث إنها قضية مهمة جدا،كما أنني أعرف أن هناك محاولات مستميتة لتفتيت الدعوة وهدمها من أفراد متعددة ولأسباب مختلفة،فالبعض ما زال في حالة هياج شديد ويحاول إيذاء الدعوة السلفية وإيقافها أو إشغالها أو إفشالها.

والبعض عنده ميول انعزالية وابتعادية لأسباب نفسية وشخصية بحتة تخصه هو شخصيا، ومع هذا يريد فصل عدد من أبناء الدعوة عن الكيان العام.

والبعض عنده ميول انتقامية ويريد أن يصفي حسابات قديمة إما مع الدعوة ككل وإما مع بعض أفرادها فيسيء إليها، والبعض تأثر بالدعايات والإشاعات والوشايات وكان عنده الاستعداد مسبقا للتأثر بها؛ فتغيرت نفسيته.

والبعض عنده ضغوط نفسية وعصبية عائلية أو اقتصادية ولم يجد من الدعوة مساندة أو معاونة؛ فجعل يصب جام غضبه على الدعوة وأبنائها وأفرادها ومنهجها وطريقتها، والبعض كان يبحث عن دور أو مكانة أو وجاهة ولم يحصل على ما كان يتمنى فسخط على الدعوة وأبنائها.

والبعض يحب الإثارة، وكان يتمنى أن يجد ذلك عند الدعوة السلفية ولم يجدها فسخط على الدعوة .

والبعض عنده كبر وتعالٍ يظن أنه يمارس معالي الأمور والدعوة تمارس أسافل الأمور؛ فيزدريها ويحقر من شأنها وشأن أبنائها .

والبعض يظن أنه الوحيد الذي يفهم وأبناء الدعوة لا يفهمون؛ فيحاول أن يشوه صورتها وينفر عنها ويحذر منها، والبعض عنده ميول للنقد وإن لم يجد ما ينقده ينقد نفسه ويستسهل نقد الدعوة السلفية وأبنائها .

نفسيات ونوعيات كلما وجدت مساحة تنطلق فيها وتخرج سمومها ورذائلها وإسرافها وأحقادها، والكل يخرج أسوأ ما عنده للأسف الشديد "هذا هو واقعنا وهذا هو حالنا" . أستغفر الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله. عندنا عيوب مثلهم.

أسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوالهم، وأن يستر عيوبنا وعيوبهم، وأن يحسن أخلاقنا وأخلاقهم.

الابلاغ عن خطأ