عاجل

عندما نفقد البوصلة

  • 153

الذي أضاع الكثير من طلبة العلم خصوصاً وبقية الناس عموماً أنهم يستأنسون ببعضهم البعض ويبالغون في ذلك ولا يستأنسون بالقرآن!

فمن الناس من لا يستطيع أن يمر عليه يوم دون مقابلة صديقه أو السؤال عنه هاتفياً ، وفى نفس الوقت يمر عليه اليوم واليومان والشهر والشهران، بل وأكثر من ذلك دون أن يقرأ وِردَه من كتاب الله!

ثم ترى أثر ذلك في أخلاق هؤلاء ، فتري بعض من يمتلك أدوات المعرفة به ضعف تربوي ظاهر وخشونة في الأخلاق وتهاون في بعض الطاعات!

وعندما يتكلم قد يبهرك ، وعندما تخالطه قد يصدمك! فقد تسمع منه ما تشمئز منه النفوس السوية، وقد ترى منه الذي يُحزنك ويسبب لك الهمّ والغم؛ لذلك يُفتن كثير من الخلق بسبب هؤلاء؛ فيظن الناس بالتدين شراً عندما يروا سلوك أصحاب المعارف!

والأنكى من ذلك أن تري أغلب طلبة العلم يؤكدون أن سبب ضعفنا وقلة حيلتنا هو نقصان المعارف وعدم صلاحية الكثير من الدعاة للتصدر ، - وهذا صحيح في الجملة - ولكن قليل جداً من يهتم بالاعتناء بالقلوب وتهذيب السلوك وتربية الطائعين كجناح آخر وأداة أخري من أدوات التغيير.

فمن يري أمراض القلوب المنتشرة بين بعض الخواص كالحقد والغل والحسد وازدراء الآخرين وكذلك الكذب والبهتان ولمز المؤمنين واحتكار الصواب والعلو بالأصحاب أو الجماعات أو التنظيمات وكذلك محاولة كسر الغير والتشهير بهم ، وأيضًا خيانة الأمانة في الأموال والأعراض وغيرها ، وهذا التقاتل بين المتصدرين على بيان الحق المبين يؤكد يوماً بعد يوم أن الأجنحة  غير المتوازنة لا تصلح أبدًا أن تغيِّر المجتمعات أو تؤثر التأثير المطلوب في الناس!

ومن يقرأ سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم يدرك أنهم جمعوا بين العلم والعمل والمعرفة بالله والسلوك القويم؛ لذلك وصلوا بقوة وثبات إلي ما وصلوا إليه.

فعلى العقلاء أن ينشغلوا بالقرآن حفظاً وتلاوة وعملاً وأن يأنسوا به ويُكثروا من تلاوته حتى تصير الألسن رطبة من ذكر الله وتصير القلوب أكثر رقَّة وقرباً من علام الغيوب ، مما يجعل أهل التغيير يملكون أدوات التغيير بجناحيها ومن ثمّ يكونون أهلاً للتغيير.

ملحوظة : الذين ينشغلون بتربية الناس وتقويم سلوكهم دون امتلاك أدوات العلم والمعرفة ، فإنهم لا يصلحون كحرّاس لحدود الشريعة والذَّب عن حياضها على الوجه اللائق ، لأنهم فقدوا كذلك أحد أجنحة التغيير، مع الاعتراف بفضلهم وصلاحهم في أنفسهم وتأثيرهم في غيرهم، ولكنهم يفقدون جزءاً صلباً في معادلة المقاومة والتغيير.

وأسأل الله العظيم أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن يتوب علينا إنه هو التواب الرحيم.

الابلاغ عن خطأ