أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ** فطالما استعبد الإنسان إحسان
ومن
أبرز الأمثلة التي يتأكد منها معنى الإحسان إلى الخلق جميعًا في رمضان حديث ابن عباس
رضي الله عنهما: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون
في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة مِن رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول
الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير مِن الريح المرسلة».
فقوله:
«أجود -أي أشد كرمًا وسخاءً- ما يكون» تعني أن إحسانه صلى الله عليه وسلم للناس في
هذا الشهر قد تضاعف مرات ومرات .. أما لفظة (الخير) في الحديث تشمل كل معاني الإحسان
للخلق التي تناولتها أحاديث شتَّى في غير رمضان؛ بدءًا مِن تبسُّمك في وجه مَن تلقاه:
«تبسُّمك في وجه أخيك صدقة»، ومصافحته: «إذا تصافح المؤمنان تساقطت ذنوبهما»، ومرورًا
بالسير معه في قضاء كل حوائجه الدنيوية: «ولأن أمشي مع أخٍ لي في حاجة أحب إلى مِن
أن أعتكف في مسجدي هذا شهرًا»، بكل ما يعنيه قضاء حوائج الناس: «تكشف عنه كربة، أو
تقضى عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا» وعلى رأس ذلك تأتي الصدقة للمحتاج: «ما نقص مال
عبد مِن صدقة»، وهي للأقرب فالأقرب: «الأقربون أَوْلى بالمعروف»، هذا بالطبع بجانب
الإحسان في القول المجموع في قوله تعالى: ?وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا?، وتشمل تشميت
العاطس، ورد السلام والابتداء بإلقائه، والنصح برفق ولين، وأداء الشهادة بالحق، وترك
انتقاص الناس بالسخرية أو الغيبة أو السب واللعن.
ويتكرر الحث على (إطعام الطعام) كصورة مِن صور الإحسان في نهاية الشهر الكريم، لكن بصورة التكافل الاجتماعي الإلزامى هذه المرة، وذلك حين فرضت الشريعة على المسلمين إخراج (زكاة الفطر) تطهيرًا لصيامهم مما قد شابه، ولا ريب مِن أوجه التقصير والتفريط، وهي في هذا قد عمدت أن تشير إلى الإحسان للفقراء تحديدًا، وقبل مناسبة يتهيَّأ فيها الجميع للاحتفال والابتهاج بيوم فطرهم، لعل ذلك أن يحدث الأثر المطلوب في ترابط المجتمع وتماسك بنيانه، بغرس الإحسان إلى الفقراء في نفس كل ميسور الحال.