سوريا .. طعنة في قلوب الأحرار

  • 111

«سوريا» .. كلمة كلما ذُكِرَت أمامي، أو لاحت في خاطري؛ أحس بالخزي والعار .. أتذكر يوم أن قرأت أول مرة عند دخول التتار لبغداد، وكنت طفلًا صغيرًا حينها، كنت أتساءل: أين باقي المسلمين؟!‏ كيف كانوا يعيشون وهذه الأخبار تصل إليهم؟!

كيف لم يهبُّوا على قلب رجل واحد لنصرة إخوانهم؟!

تملَّكني شعور غامض .. أحسست به مرة أخرى عندما قرأت عن خروج المسلمين من الأندلس .. ثم عاودني مرة أخرى عندما قرأت كتاب قادة الغرب يقولون: «دمروا الإسلام، أبيدوا أهله»، لم أكن أتخيَّل أن هذا الذي حدث وقرأته في الكتب يمكن أن يتكرر!لكني كنت ساذجًا .. تكرَّر عشرات المرات، وعشته واقعًا أراه بعينيْ رأسي في البوسنة والهرسك .. في كشمير .. في بورما .. في داغستان .. في الشيشان .. في العراق .. في غزة .. واليوم في سوريا يحدث أسوأ مما قرأت؛ فالهاربين مِن جحيم بشار الفاجر إلى إخوانهم مِن المسلمين قد لا يجدون ما يؤويهم .. إلى هذا الحد؟!

ما أصعب الوهن .. لقد كنت أظن أن الوهن الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه حب الدنيا ‏وكراهية الموت أنه مجرد القدر المؤدي إلى ترك الجهاد .. لكنني مرة أخرى كنت مخطئًا!

لم أكن أتصور أن يصل الوهن إلى مثل ما نحن فيه اليوم! نرى ونسمع أخبار القتلى، ثم مِنَّا مَن ينصرف إلى ملهاه كأنه لم يسمع شيئًا، وكأن شيئًا لم يكن!يمَّم الهاربون مِن جحيم القتل وجوههم نحو الغرب لعلهم يجدون فيه ملاذًا، ويخرج الغربيون في مظاهرات لمطالبة الحكومات باستقبال اللاجئين .. ونحن في سكرتنا لا نفيق! ..أي سخف هذا؟!

وأي هوانٍ وضياع ومذلة تلك التي وصلنا إليها؟!ليت أمي لم تلدني .. ليتني كنت نسيًا منسيًّا .. لقد صار الذي قرأت عنه وهالني ضئيلًا أمام ما أراه اليوم، وصرت اليوم أتمنى أني كنت في الزمن الذي مقتُّه صغيرًا؛ فلقد صرت أتمناه كبيرًا .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .. صار الوهن اليوم ضاربًا بجذوره في مجتمعات المسلمين، ولن يكون للمسلمين قائمة وهذا الوهن فيهم، إنما تقوم قائمة المسلمين كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «سلَّط الله عليكم ذُلًّا لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا أمر دينكم»، تقوم قائمة المسلمين مرة أخرى بمعاودة أمر الدين .. أمر الدين في كل شيء .. في أخلاقنا .. في عباداتنا .. في معاملاتنا .. في سلوكياتنا .. في خاصة أنفسنا .. في نزاعاتنا وخلافاتنا.عندها .. وعندها فقط: يرفع الله عنَّا ذلك الذل والهوان.
والله المستعان.