عاجل

لا تخافوا ولا تقلقوا

  • 328

ينتاب المصريين في هذه الأيام حالة غير عادية من الخوف والقلق على أنفسهم وذويهم من ناحية، وعلى أرزاقهم من ناحية أخرى متأثرين بإشاعات أولئك الذين نذروا أنفسهم لبث الخوف والرعب في قلوب الناس مرددين مقالات مثل: إن مصر عرضة للتقسيم بواسطة أعدائها، وبأن مصر ستتعرض لمجاعات، وأن المستقبل يحمل لمصر ضيقًا في الرزق وقلة في العيش. وبغض النظر عمن يقف وراء هذه الإشاعات فإن الكثير من أبناء مصر ينسون قول الحق تبارك وتعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) وينسون أن الأرواح والأرزاق بيد مدبرٍ واحد هو المولى عز وجل.
 
والخوف من الفقر لا شك أنه من ألاعيب الشيطان، قال الله عز وجل: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْر) كما أكد ذلك عز وجل بقوله: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ)؛ أي: يخوفكم بأوليائه (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين).
 
وحتى يتم التغلب على ذلك الخوف وجب علينا أن نلتزم بالعلاج الناجع، ومن أعظمه:
 
قوة الإيمان بالله الذي لا يخالطه شرك، وذلك يورث حالة من الأمن والطمأنينة بيَّنَها ربنا عز وجل في قوله: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
 
كذلك فإن من أعظم العلاج لذلك الخوف الالتزام بالصلاة وشدة التوكل على الله عز وجل وحسن الظن به واليقين بأنه بالغ أمره قد جعل لكل شيء قدرًا كما قال سبحانه: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، فكل ما يحدث للعب في حياته إنما هي أمور يُبديها الله عز وجل ولا يبتديها، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما حدث للعبد إنما هي أمور قد قدرها الله عليه قبل أن يخلقه.
 
كما أن من أعظم الأدوية الناجعة لمواجهة ذلك الخوف أن يداوم العبد على ذلك الله ومن بينه أن يقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل» يقولها بلسانه ويعتقدها بقلبه ويعيش معها، قال الله عز وجل: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
 
ومعنى قوله: (نِعْمَ الْوَكِيلُ)؛ أي: نعم الموكول، أي: نعم نكل إليه أمورنا ونتيقن أن النصر من عنده وحده، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته هذه الكلمة المباركة عندما توعدهم أبو سفيان بالرجوع إليه للفتك بهم (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)، والفضل هنا هو زيادة في الأرزاق كما يقول المفسرون، ورجع أبو سفيان ومن معه خائفين وجلين قد ألقى الله في قلوبهم الرعب.
 
وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حادث الإفك قالت لها امرأة من المؤمنات: ماذا قلتِ ‏عندما ركبتِ دابة صفوان بن المعطل؟ قالت: قلتُ: «حسبي الله ونعم الوكيل»، فبرَّأها ربُّها ‏عز وجل من فوق سبع سنوات.‏
 
وبعد تمام التوكل على الله وصدق اللجوء إليه يتعين علينا العمل الدءوب على مستوى الحكومة وعلى مستوى الشعب. وقد أشرت إلى شيء منه في مقالة الأسبوع الماضي.
والله وحده المستعان.
 
 
 
 

الابلاغ عن خطأ