عَلّق الإمام الذهبي على خطورة مسار أهل البدع -حين لخص كارثة انخداع وتقريب أبي جعفر المنصور لمؤسس منهج المعتزلة عمرو بن عبيد- بقوله: "اغتر بزهده وإخلاصه، وغفل عن بدعته"، وبعد هذا التقريب للمعتزلة واختراقهم للدولة بسنوات، شهدت الأمة إرهاب المعتزلة بإلزام المسلمين كافة بعقيدتهم الباطلة (خلق القرآن) بالبطش والعدوان، وفي سبيل ذلك قتلوا العلماء وسجنوهم حتى سجنوا الإمام أحمد بعد ضربه وتعذيبه".
وهذا يلزم معرفة قادة العمل الإسلامي لحقيقة الأفكار المحرِّكة للطوائف والتجمعات، وأبعاد آلياتهم وأساليبهم في التغلغل والتسرب بيننا لإيذائنا والسيطرة علينا، والسبيل لذلك اعتماد العلم والمعرفة ومطالعة التاريخ والواقع في بناء القناعات والمواقف والاعتماد على أهل التخصص الثقات، وعدم الاغترار بالقناعات العاطفية والشعارات الجذابة والتفرد بالقرارات.
لقد عانت أمتنا في السنوات الأخيرة من بروز
وتلميع ودعم بعض الشخصيات بسبب طلاوة لسانها وبريق شعاراتها وجاذبية أطروحاتها،
وبرغم تحذير بعض العلماء والعقلاء من هذه الشخصيات مبكراً إلا أن الغفلة وحسن الظن
ونقص الحزم ساهمت في تصاعد شعبيتها، ولما تعرضت الأمة للمحنة وجدنا هذه الشخصيات
في صفوف الأعداء! ومن هذه الأمثلة أبو القعقاع محمود قولا غاصي في حلب، وعلي
الجفري في اليمن، وعدنان إبراهيم من المهجر والفلسطيني الأصل، وغيرهم كثير.
على عاتق نخب أهل السنة اليوم مسؤولية قيادة
الأمة، فهل يكونون على قدر المسؤولية ويأخذوها بحقها، ويتبعوا فيها السنة النبوية
بتوسيد الأمر لأهله، ولذلك كان سيف الله هو خالد، وليس الصديق.