"الكوتا" حق يراد به باطل

  • 113
الكوتا

كانوا يعاملون معاملة العبيد، يحظر جلوسهم على كراسي "الباصات" وأسيادهم واقفون، يرفع على بعض المحال التجارية لافتات تمنع دخولهم ودخول الكلاب وبعض الحيوانات، كان هذا جحيم البشر الملونون بالأسود القابعون على الأراضي الأمريكية، وذلك حتى مطلع حكم الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة جون فيتزجيرالد كيندي والذي أطلق في عام 1961 مبدأ "التمييز الإيجابي" لإعطاء الأقلية "الأثنية" - السوداء - حصة في دخول المدارس وغيرها، ثم خرج نظام "الكوتا الانتخابية" فكان ابن شرعي لمبدأ "التمييز الإيجابي"، ثم انطلق قطار "الكوتا" واضعا رحاله في كثير من بلدان العالم وكان منها محطات عربية كالأدرن والعراق وفلسطين، وفي مصر تم تطبيق "الكوتا" أواخر سبعينيات القرن الماض بالتحديد في العام 1979 بواقع 30 مقعد للمرأة والذي خولها الحصول على 35 مقعد، زادت بواقع مقعد واحد في الدورة التالية عام 1984 ليصبح للمرأة 36 مقعد.

اليوم خرجت علينا السلطة الحالية بقانون راع القوى السياسية فزعا كالذي رأى ماردا فجأة من دهاليز الظلام، إذ خصصت اللجنة التي أعدت القانون 120 مقعدا للقوائم الحزبية وفرضت على الأحزاب 4 "كوتا" للمرأة والمسيحيين وذوي الإعاقة والمصريين بالخارج، وبتجاوز أن هذا مخالف للدستور الذي نص صراحة على حظر التمييز بين المواطنيين في الجنس أو اللون أو العرق، وبعيدا عن حصة المرأة والمسيحين الكبيرة على حساب الفئات الأخرى، فإنه يجب السؤال: "لمصلحة من هذا التمييز وهذه المحاصصة؟".

لا ننكر أن أصحاب الحصص الأربع لهم حقوق يستحقون الحصول عليه، لكن أن يتم تخصيص 120 مقعد للقوائم وأن يخصص للفردي 480، هل هذا يصب في برلمان متوازن يستبعد رموز الفساد الوطني ويفتح الباب لممارسة سياسية حقيقية تنشئ كوادر شبابية وأحزاب ليست كرتونية، كما كنا نأمل بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ولم نحصل علىمبتغانا، أم أنه يعيدنا إلى زمن مبارك والذين جاءوا بعده ففصوا قوانين على لأشخاص بعينهم وإبعادا لفئات مخصوصة مقصودة، لمصلحة من تكون هذه النسب وتكون هذه الحصص، هل يراد بحق الأربع فئات أصحاب "الكوتا" إقصاء للأحزاب السياسية وتهميش ادور السياسي المعارض في المرحلة المقبلة، لمصلحة من؟.

وإذا كنا نؤمن أن الحياة السياسية المصرية إذا تطورت وازدهرت فإن ذلك يصب في الصالح العام، وأن لا استقرار بدون تداول سلمي للسلطة، ثم إذا ظل دور الأحزاب في الحياة السياسية "كرتوني" فمتى نبني أحزاب حقيقية؟، أليست الممارسة هي التي تبني دور حزبي قوي تخرج كوادر شبابية، تبني عقول ذات رؤية شمولية وإدراك عميق بحال البلد ولا يكون ذلك بغير ممارسة برلمانية، وهل السلطة الجديدة تواجه مشاكلنا التي من أهمها "المشاركة السياسية السلحفاء" بواقعية وبحلول موضوعية دون نوايا "ليست سليمة" أم أنها ستسلك مبدأ "اللا مبارك" حيث تزيد الأزمات وتتسع الفجوات "وأنا عاملة نفسي نايمة".