عاجل

ها هنا تسكب العبرات

  • 126

بيوت الله في الارض المساجد فيها تسكب العبرات وتغفر الزلات، فيها تستر العيوب وتفرج الكروب وهى متنزل رحمة الله عز وجل، فيها يناجى العبد ربه فى صلاته وهى مجمع الحسنات فكم من تائب تاب الله عليه فى المسجد وكم من داع اجيبت دعوته فى المسجد وكم من كسير قلب جبر الله كسر قلبه فى المسجد وكم من عزب زوجه الله عز وجل بدعائه فى المسجد وكم من محروم أعطاه الله ما يطلبه بسؤاله فى المسجد، وهى ملاذ قلوب المؤمنين الموحدين وهى بيوت المؤمنين الموحدين قال الله تعالى :- { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } ( التوبة 17 - 18 ) وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: ( المسجد بيت كل تقي ، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالرَوْحِ والرحمة ، والجواز على الصراط إلى رضوان الله ، إلى الجنة ) (صحيح ) و هى أفضل بقاع الأرض، كما ورد فى الحديث الصحيح عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - : " أنَ رجلا قال : يا رسول الله ! أي البلدان أحب إلى الله ؟ وأي البلدان أبغض إلى الله ؟ " قال : لا أدري , حتى أسأل جبريل - عليه اليلام , فأتاه جبريل , فأخبره : أن أحسن البقاع إلى الله المساجد , وأبغض البقاع إلى الله الأسواق ".
فيها يرفع الآذان كل يوم بكلمة التوحيد ونداء الخير والفلاح ، والسعى الى المساجد والتزام صلاة الجماعة فيها من أهم اسباب تكثير الحسنات ومغفرة الذنوب فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( إذا توضا أحدكم فأحسن وضوءه ، ثم خرج إلى المسجد لاينزعه إلا الصلاة ، لم تزل رجله اليسرى تمحو عنه سيئة ، وتكتب له اليمنى حسنة ، حتى يدخل المسجد ، ولو يعلم الناس ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبْواً )
ومن تعلق قلبه بالمسجد كان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله , يوم لا ظل إلا ظله : فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول : ( سبعة يظلهم الله في ظله , يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل , وشاب نشاْ في عبادة الله - عز وجل - , ورجل قلبه معلق بالمساجد , ورجلان تحابا في الله , اجتمعا على ذلك , وتفرقا عليه , ورجل دعته امراة ذات منصب وجمال , فقال : إني أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة فأخفاها فلا تعلم شماله ما تنفق يمينه , ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) (متفق عليه) ورواد المساجد هم ضيوف الرحمن فعن سلمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: ( من توضأ وجاء إلى المسجد فهو زائر الله - عز وجل - ، وحقٌ على المَزورِ أن يُكرم الزائر ) (صحيح) و عن بريدة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد ، بالنور التام يوم القيامة ) صحيح وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( إن الله ليضيء للذين يتخللون إلى المساجد في الظلم ، بنور ساطع يوم القيامة ) حديث حسن

والمساجد لا يهجرها الا منافق فكان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يُعَدّون من يتخلف عن الصلاة في المسجد في عهد رسول الله - صلى الله عليه منافقا معلوم النفاق : فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقدم ، ثم أمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) (متفق عليه) .
وكذلك تكفل الله لعٌمَارها وأهلها ومن يساهم فى بنايتها والانفاق عليها بالاجر الجزيل والثواب العظيم عنده تعالى وعمارتها عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله لينادي يوم القيامة : أين جيراني ؟ أين جيراني ؟ قال : فتقول الملائكة : ربنا ومن ينبغي أن يجاورك ؟ فيقول : أين عمار المساجد ) وعن أبي ذر - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة ) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته : علماً علمه ونشره ، وولدا صالحا تركه ، ومصحفا ورثه ، أو مسجدا بناه ، أو بيتا لابن السبيل بناه ، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته )
وقد ضرب سلفنا الصالح اروع الامثلة فى تعلق قلوبهم بالمساجد: فها هو عطاء رحمه الله يقول عنه ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس صلاة. ويقول سعيد بن المسيب عن نفسه: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد. وقال ربيعة بن زيد: ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضا أو مسافرا. وقال يحيى بن معين: لم يفت الزوال في المسجد يحيى بن سعيد أربعين سنة.
فالله الله فى مساجدكم لا تتركوها دعوةً ونشراً للخير، لا تتركوها صلاةً وقرآناً وذكراً، لا تتركوها تسبيحا وتكبيراً وتحميدا وتهليلا، لا تتركوها عمارة وبناية وانشاءً، والله الهادى الى سواء السبيل.