عاجل

ماذا وراء مصادرة أمريكا لسفينة محملة بالسلاح متجهة إلى الحوثيين؟

خبير في الشأن الإيراني: طهران تحاول تحسين شروط التفاوض.. ولا بد من استراتيجية وتنسيق عربي مصري لمواجهة تمددها الشيعي

  • 59
الأسلحة المضبوطة المصادرة

يبدو أن إيران لا تكل ولا تمل من سياساتها في المنطقة، وأنها عازمة على ما بدأت فيه منذ عقود بخصوص المنطقة العربية؛ فبالأمس صادرت الولايات المتحدة الأمريكية سفينة محملة بالسلاح في شمال بحر العرب، كانت تحمل نحو 1400 بندقية هجومية طراز"AK-47"، وأكثر من 260 ألف طلقة ذخيرة، وكانت تلك السفينة متجهة إلى الحوثيين في اليمن ولا تحمل أي علم لكنها شُوهدت تخرج من إيران!

وعلى الفور أصدرت البحرية الأمريكية بيانًا أمس الأربعاء قالت فيه إن السفن الساحلية لدوريات البحرية عثرت على الأسلحة خلال دورية بحث لأفراد من خفر السواحل الأمريكي، ونُقلت على إثرها الأسلحة والذخيرة غير المشروعة لفحصها.

منشأ القارب

وبخصوص التقييم المبدئي عن منشأ القارب، اتضح أنه يعود إلى إيران، وعبر المياه الدولية على طول طريق يستخدم تاريخيًّا في تهريب الأسلحة غير القانونية إلى الحوثيين باليمن، وعلى متنه 5 أفراد اعترفوا أنهم من اليمن. وشددت البحرية الأمريكية في بيانها على "أن التوريد المباشر أو غير المباشر للأسلحة، أو بيعها، أو نقلها إلى الحوثيين، ينتهك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والعقوبات الأمريكية"، وأن قواتها أغرقت السفينة بعد نقل الشحنة غير القانونية، وسيُعاد طاقم القارب إلى اليمن.

دوريات منتظمة

بطبيعة الحال وحسب نظام عملها، تؤدي القوات البحرية الأمريكية عمليات أمنية في الشرق الأوسط كي تضمن التدفق الحر للتجارة المشروعة، والتصدي لنقل البضائع غير المشروعة التي غالبًا ما تذهب أموالها لخزائن الجماعات والميلشيات المتطرفة والأنشطة غير القانونية الأخرى.

لماذا تُتهم إيران؟

تتجه أصابع الاتهام ناحية إيران بسبب تكرار مثل تلك الحوادث؛ فقد كشف تقرير صدر عن لجنة خبراء في الأمم المتحدة في أواخر شهر يناير الماضي، عن أن إيران لا تزال ترسل أسلحة وصواريخ لدعم الحوثيين في اليمن الذي يشهد حربًا أهلية مزقت نسيج الشعب الواحد، وأتت على الأخضر واليابس. وحذر التقرير آنذاك من استمرار تدهور الأوضاع اليمنية التي ستؤدي إلى عواقب وخيمة على أبناء الشعب.

أضف إلى ذلك أن هناك أدلة للجنة خبراء قدموا تقريرهم إلى مجلس الأمن، مفاده أن أفرادًا وجهات من داخل إيران متورطون في إرسال أسلحة للحوثيين؛ وهو ما تعده هيئة الأمم المتحدة انتهاكًا لقراراتها، وتشمل الأدلة التي حصلت عليها لجنة الخبراء: (صواريخ موجهة مضادة للدبابات، وقاذفات)، وغيرها من الأسلحة التي تحمل علامات تصنيع في إيران.

رد طهران

على الجهة الأخرى، نفت طهران في وقت سابق تهريب السلاح إلى اليمن، وذلك رغم تزايد الاتهامات الموجهة إليها بتسليح الحوثيين وتدريبهم وتعمد توسيع دائرة الحرب اليمنية.

بدوره، علق معمر الإرياني، وزير الإعلام اليمني، على إعلان البحرية الأمريكية بأن هذا يمثل "تحديًا إيرانيًّا سافرًا لإرادة المجتمع الدولي". مؤكدًا أن استمرار النظام الإيراني في تهريب الأسلحة لميليشيا الحوثي امتداد لعدوانه المتواصل على اليمن منذ لحظة الانقلاب على السلطة الشرعية، وأنها ماضية في تنفيذ أجندتها التدميرية ومشروعها التوسعي في المنطقة‏.

وأشار "الإرياني" في بيان إعلامي، إلى أن النظام الإيراني أدى دورًا أساسيًّا في تقويض جهود التهدئة وإحلال السلام في اليمن، ودفع بذراعه الحوثية لإشعال لهيب الحرب في جبهات مأرب؛ لكي يستمر نزيف الدم والمعاناة الإنسانية لليمنيين؛ حتى تضمن سياساتها نشر الفوضى والإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وتهديد المصالح الدولية‏.

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمعَ الدولي والدولَ دائمة العضوية في مجلس الأمن بالقيام بمسؤولياتهم والضغط على نظام طهران لوقف تهريب الأسلحة للحوثيين، التي هي بمثابة خرق لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية ذات الصلة بالأزمة اليمنية، وعلى رأسها القرار 2216، والعمل على تصنيف الميليشيا جماعةً إرهابية.

التحالف يكثف عملياته

وعلى الجانب الآخر، تزامنت عملية ضبط الأسلحة الأخيرة مع تكثيف "تحالف دعم الشرعية" الذي تقوده السعودية عملياته العسكرية ضد ميليشيات الحوثي، وأعلن التحالف العربي أول أمس إسقاط الحماية عن بعض المواقع داخل مطار صنعاء الدولي، عقب تحويل الحوثيين المطار إلى "معمل لصناعة المتفجرات ومنصة لإطلاق الطائرات المسيَّرة المفخخة والصواريخ الباليستية.

إيران عينها على التفاوض

في هذا السياق، قال د. سعيد الصباغ، أستاذ الدراسات الإيرانية بكلية الآداب جامعة عين شمس، والخبير في الشأن الإيراني، إن إيران تفعل ذلك لإثارة القلاقل في المنطقة العربية وصبِّ مزيد من الزيت على النار المشتعلة؛ كي تلوح بها كورقة ضغط أمام أمريكا لتحاول تسحين شروط التفاوض معها.

وأضاف "الصباغ" في تصريح خاص  لـ"الفتح" أن اليمن اليوم حصيلة خطايا مجلس التعاون الخليجي مع كل أسف؛ لأنهم رفضوا انضمامه إلى المجلس، وعاملوه من منطق العداء؛ فاستغلت إيران الفرصة واحتضنت جزءًا كبيرًا منه؛ وهم الحوثيون.

وتابع: طهران تتحرك وفق أيديولوجية تخدم مذهبها الطائفي وخططها التوسعية، وأنها لن تكف عن قلقلة أمن واستقرار المنطقة العربية. مشيرًا إلى أن شعبها قَبَلي مفكك من الداخل يُعلي شأن القبيلة فوق انتمائه للدولة، لكن لديها مؤسسات استراتيجية تخطط على أعلى مستوى من الكفاءة، ولا تتحرك خطوة إلا بعد دراسة متأنية، إضافة إلى أنها ضاعفت الميزانية المخصصة لتلك المؤسسات في العام المالي الجديد 2022/2023.

وتابع: أن إيران ما زالت تشعر في داخلها بالإمبراطورية الفارسية المستعلية، وأن المذهب الشيعي ما هو إلا قراءة إيرانية للقرآن الكريم، كنوع من الرفض النفسي لقرآن العرب –حسب زعمهم- فكيف يأتي هؤلاء الرعاع ساكنوا الصحراوات ويعلمونهم دينهم؟! لذلك عمدت إلى الإتيان بقراءة خاصة بها بثتها خزعبلاتها وخرافاتها.

واختتم تصريحه بأن إيران تحيط بها الآن كِيانات عربية ضعيفة لا سيما بعد إضعاف وتدمير العراق القوي الذي كان يقابلها ويقف لها بالمرصاد، ولم تستطع التغلب عليه. مؤكدًا أن مصر القوية وحدها الآن هي التي تستطيع الوقوف في وجه الطمع الشيعي الإيراني في المنطقة، لكن لا بد من وجود دور عربي مشترك يتمثل في وجود مؤسسات استراتيجية تتبنى خططًا محددة تتحرك من خلالها، وإن لم يكن على سبيل الإدارة العربية الموحدة فليكن من منطلق التنسيق والتوافق.

يُذكر أن وزارة العدل الأمريكية أعلنت بداية الشهر الجاري تنفيذ عملية ناجحة لمصادرة كميات كبيرة من الأسلحة الإيرانية، من بينها 171 صاروخ أرض - جو، و8 صواريخ مضادة للدبابات، وحوالي 1.1 مليون برميل من المنتجات النفطية الإيرانية. وذكر بيان للوزارة أن البحرية الأمريكية صادرت الأسلحة من سفينتين في بحر العرب أثناء قيامها بعمليات أمنية بحرية روتينية، وأن قوات "الحرس الثوري الإيراني" المصنف منظمة إرهابية هو الذي نسق عملية شحن الأسلحة التي كانت متجهة إلى الحوثيين.