واشنطن توقِّع قانونًا يحظر استيراد منتجات صينية مصنوعة بالسُّخرة.. وبكِّين تتوعد

حلقة جديدة من مسلسل الصراع الأمريكي الصيني

  • 79
صورة أرشيفية معبرة

منذ سنوات والعالم أجمع يتابع مسلسل صراع قوتين عظميين هما أمريكا والصين، وكل يوم يأتي بجديد؛ فمنذ يومين وقعت جو بايدن الرئيس الأمريكي قانونًا يحظر المنتجات الصينية المصنع في إقليم شينجيانغ على خلفية اضطهاد أقلية الأويغور المسلمة.

 هذا القانون يعاقب الشركات الصينية المتورطة في العمل القسري ضد أقلية الأويغور من خلال حظر استيراد مجموعة كبيرة من منتجاتها المصنوعة في الإقليم وجلبها للبلاد. القانون ينص على حظر المنتجات المصنوعة كليا أو جزئيا في الإقليم، ما لم تقدم الشركات لمسؤولي الجمارك أدلة على تؤكد أن المنتجات لم تصنع من خلال عمل قسري. إضافة إلى أن النص الموقع أيضًا "يفرض عقوبات على الأجانب المسؤولين عن العمل القسري في المنطقة".

يهدف القانون إلى الحد من العمل القسري ضد أقلية الأوريغور، وهي المرة الأولى التي تتخذ دولة مثل هذا الإجراء.

من جهته، قال أنتوني بلينكن وزير الخارجية في بيان إعلامي: "إن القانون يمنح الحكومة "أدوات جديدة لمنع دخول المنتجات المصنوعة من خلال العمل القسري في شينجيانغ، ومحاسبة الأشخاص والكيانات التي تقف وراء هذه الانتهاكات". داعيا الحكومة الصينية إلى إنهاء "الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية".

الصين تتوعد

من جهتها، غضبت بكين التي اتهمت واشنطن "بانتهاك القانون الدولي" وتعمد تشويه سمعتها. وانتقدت وزارة الخارجية الصينية في بيان إعلامي لها منذ يومين نص القانون، ودعت أمريكا إلى تصحيح أخطائها فورًا، وهددت بالرد على هذا القانون.

الاتحاد الأوروبي يتراجع

وعلى الجانب الآخر، حث فالديس دومبروفسكيس، مفوض الشؤون التجارية في الاتحاد الأوروبي، الدول الأعضاء على توخي الحذر بشأن خطط الاتحاد لحظر المنتجات المصنوعة عبر استخدام العمالة القسرية؛ بذريعة أن هذا الإجراء الحساس "قد يخاطر بردّ فعل تجاري عنيف" من جانب الصين.

وحذر دومبروفسكيس في رسالة إلى أعضاء البرلمان الأوروبي، من أن المفوضية لن تتسرع في اقتراح قانون بشأن العمل الجبري. وقال: "إن إعداده سيتطلب أكثر من عام". متسائلًا عما إذا كان حظر دخول المنتجات إلى سوق الاتحاد الأوروبي وسيلة فاعلة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان أم لا؟

وتابع أن "حظر الواردات من دخول الاتحاد الأوروبي لن يمنع تلقائيًّا إنتاج هذه المنتجات بالسخرة؛ لذا فإن المشكلة بعينها لن تختفي". 

وأعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، في شهر سبتمبر الماضي، خططاً لإصدار قانون من يفرض "حظرًا على المنتجات في السوق الأوروبية التي صُنِّعت عن طريق العمل الجبري". وتمت قراءة الإجراء على أنه يهدف مباشرة إلى معالجة قضية أقلية الإويغور المضطهدة في الصين.

لكن يبدو هنا تعليقات "دومبروفسكيس" ترمي إلى أن بروكسل تتخلى عن التصريح بحظر الاستيراد خوفًا من النظر إليه على أنه إجراءات تجارية تمييزية. وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن "الحظر سيتطلب من الاتحاد تعديل قانون الجمارك جذريًّا، وسيكون من الصعب تنفيذه في تكتل تمتلك فيه جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 سلطات جمركية خاصة بها".

لا يمكن تكراره في أوروبا

وأردف مفوض الشؤون التجارية في الاتحاد الأوروبي أن "الإجراء الأمريكي لا يمكن تكراره تلقائيًّا في الاتحاد الأوروبي"، وحذر من أن الحظر المفروض على الواردات من خارج الاتحاد "يمكن أن يطعن فيه شركاؤنا التجاريون؛ فمن الممكن أن يُنظر إليه على أنه تمييزي إذا لم يستهدف أيضًا العمل الجبري داخل الاتحاد الأوروبي".  

وشدد في رسالة إعلامية على إنه "إذا كان لا بد من متابعة الحظر، فيجب أن يكون على جميع السلع المنتجة باستخدام السخرة، بغض النظر عن مكان حدوث العمل الجبري". 

وتضع بروكسل، بدلًا من حظر الاستيراد، تشريعات شاملة بشأن العناية الواجبة هدفها إجبار الشركات على اتخاذ إجراءات ضد الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان في سلاسل التوريد الخاصة بها.

تشريع مرتقب لحوكمة الشركات

وقال دومبروفسكيس: "ما يُسمّى بتشريع حوكمة الشركات المستدامة- من المقرر إجراؤه في النصف الأول من العام المقبل، وكان وسيلة فاعلة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في سلاسل القيمة، بما في ذلك العمل الجبري". ولم يستبعد الإقدام على خطوة إجبار الشركات على سحب منتجاتها من السوق اتباعًا لهذا التشريع. 

ويطالب أنصار القانون الأمريكي الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف أقوى ضد احتجاز الصين لأكثر من مليون من الإيغور وأقليات مسلمة أخرى في معسكرات العمل بمنطقة شينجيانغ الغنية بالقطن، وإجبارهم على العمل بالسخرة. وفرض الاتحاد الأوروبي وأمريكا وبريطانيا عقوبات على بعض المسؤولين الصينيين، لكن حظر الاستيراد سيكون أقوى إجراء يتخذه الاتحاد حتى وقتنا هذا. 

يُذكر مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع، بدعم من الديموقراطيين والجمهوريين، صوت على نص هذا القانون في يوم 16 من شهر ديسمبر الجاري؛ انتصارًا لمؤيدي سياسة محاربة انتهاك حقوق الإنسان. وجاء التصويت في ظل حملة ضغط من الشركات التي اعترضت وقالت إن القانون سيعطل شبكات التموين العالمية التي تخضع 

الابلاغ عن خطأ