عاجل

ما هي أكبر تحديات الاقتصاد الأمريكي في ظل متحورات كورونا خلال 2022؟

  • 41
صورة أرشيفية معبرة

بعد مرور عامين ماضيين و وسط عالم المتحورات الجديدة لفيروس "كورونا"، يواجه الاقتصاد الأمريكي تحديات متعددة وكبيرة، لكن في ظل المتحور الجديد سريع الانتشار "أوميكرون" قد تتحول تلك التحديات إلى تهديدات تقلقل الاقتصاد الأمريكي برمته خلال العام أو الفترة المقبلة.

وتشير توقعات الخبراء الاقتصاديين حتى هذه اللحظة إلى إمكانية عودة سوق العمل إلى التوظيف الكامل بحلول نهاية العام الجاري، يصاحبه هدوء التضخم، والاتجاه نحو مستويات أفضل. ورغم ذلك أثبتت الأحداث المفاجئة خلال العامين الماضيين كيف يمكنها تغيير التوقعات كثيرًا في بعض الأحيان.

يواجه تعافي الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية مخاطر كثيرة، بداية من جائحة "كورونا" التي لا تزال مهيمنة على عجلة القيادة، لا سيما في ظل سرعة انتشار المتحور "أوميكرون"؛ مما يعقد الأزمات الاقتصادية خصوصًا التضخم وسلاسل الإمداد والتوريد.

سيطرة "كورونا"

يلوح الأمل في الأفق من خلال انتشار "أوميكرون" بسرعة كبيرة؛ حتى يحرق نفسه ويجعل تأثيره قصير الأمد. لكن إذا استمرت هذه الموجة الأخيرة طويلًا بما يكفي لتحد من طلب المستهلكين، سيما في القطاعات الحساسة مثل السفر والمطاعم والترفيه والطيران.. فما هو الحل حينئذ؟

في هذا الصدد قال جو بروسولاس، كبير الاقتصاديين في "آر أس أم" (وهي سابع أكبر منظومة شركات للتدقيق وحسابات الضرائب والاستشارات على مستوى العالم): إن الوباء لا يزال أكبر عامل اضطراب منفرد محتمل للاقتصاد المحلي والعالمي، مشيرًا إلى أن الخطر الأكبر هو ظهور متغيرة أكثر خطورة وأعراض أكثر حدة، مع احتمالبية خطورة عدم تأثره باللقاحات والجرعات المعززة.

في حين يرى خبراء آخرون أنه ليس هناك خطورة حتى الآن؛ فالمؤشرات الاقتصادية تشير إلى ارتفاعات قياسية في سوق الأسهم، والمستثمرون لا يراهنون على أن "أوميكرون" أو أي متحور آخر سيشكل معضلة؛ وهذا يعني أن العلام امتص صدمة الجائحة وفي طريقه لتخطيها.

ومن جهته، يأمل ديفيد كوتوك، رئيس مؤسسة "كمبرلاند أدفايزرز" لاستثمار الأموال بأن يكون هؤلاء الخبراء على حق بخصوص تفاؤلهم من تأثيرات متحور كورونا الجديد، لافتًا إلى أنه أصبح لدينا عامان من الخبرة  في التعامل مع تلك الجائح، لكنه تساءل في الوقت ذاته: ما الذي يجعلنا نعتقد أن "أوميكرون" هو المتحور الأخير؟

مأزق صعب

وصل "أوميكرون" في الوقت الذي بدأت فيه سلاسل التوريد المجهد وأحد أكبر العوامل المواجهة للتضخم، في إظهار بصيص نور من أمل؛ فالمتحور السابق "دلتا" سبب في العام الماضي ضغوطًا جديدة وكبيرة على سلاسل التوريد عبر إصابة العمال به؛ وهذا أدى إلى رفضهم الذهاب للعمل، تزامنًا مع فرض الحكومات قيودًا وإجراءات صحية من أجل السلامة والوقاية.

ومن السابق لأوانه القول إن الشيء نفسه سيحدث حاليًّا في المصانع والموانئ وشركات النقل بالشاحنات، وهي التي تحافظ على ازدهار الاقتصاد؛ لذلك يرى فينسينت راينهارت، مسؤول سابق في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ويشغل الآن منصب كبير الاقتصاديين في الشركة القابضة للخدمات المصرفية الاستثمارية الأمريكية متعددة الجنسيات في نيويورك "بي أن واي ميلون"، أنه ربما يتسبب "أوميكرون" في تعطيل سلاسل التوريد وسيكون عبئًا على النمو والاستثمار".

وأضاف "راينهارت" في تصريحات إعلامية أن هناك خبرًا سارًّ وهو أن موجة "أوميكرون" تضرب البلاد في وقت هدوء الطلب عادة؛ مما يمنح سلاسل التوريد مساحة تنفس إضافية للتعامل مع الظروف المستجدة.

التضخم الأزمة الأصعب

تشير بيانات اقتصادية إلى ارتفاع أسعار المستهلك في شهر نوفمبر الماضي بأسرع وتيرة منذ 39 عامًا؛ ما نتج عنه زيادة تكاليف المعيشة. ويتوقع بنك "جولدمان ساكس" زيادة التضخم نسبيًّا خلال الأشهر القادمة قبل هدوئه بنسبة كبيرة لاحقًا خلال العام الجاري.

لكن إحدى المخاطر تتمثل في أن الاختناقات الجديدة المرتبطة بالجائحة تقلص من حجم العرض؛ ما يدفع إلى مزيد من ارتفاعات الأسعار، إضافة إلى أن التضخم يواصل انتشاره، ويتأصل بالتدريج في نفوس المستهلكين وأصحاب الأعمال؛ وهذا ينتج عنه ردود فعل سلبية تؤدي إلى ارتفاع التضخم. هذا إضافة إلى أن أسعار مواد الطاقة والمحروقات مرتفعة في ذروة موجة زيادة التضخم، لا سيما الأسعار في المضخات، وأي ارتفاع آخر في أسعار النفط يزيد صورة التضخم قتامة.

بنك الاحتياطي الفيدرالي

بعد نحو عامين من الدعم غير المسبوق وخطط التحفيز الضخمة، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مؤخرًا كنوع من المحاولة لمكافحة التضخم،التخطيطي لإنهاء برنامجه التحفيزي لشراء السندات في شهر مارس المقبل، وأعلن عن استعداده لرفع أسعار الفائدة 3 مرات خلال العام الجاري.

ونظرًا لقوة الانتعاش يجب أن يكون اقتصاد أمريكا قادرًا على امتصاص تلك الارتفاعات دون وجود نتائج سلبية، لكن ستظل تكاليف الاقتراض منخفضة تاريخيًّا. وفي الوقت نفسه تشير حركة الأسواق المالية إلى الثقة في أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخرج بمهارة من حالة الطوارئ دون حدوث أضرار، لكن هناك احتمالية مبالغة بنك الاحتياطي الفيدرالي في تجاوز تلك الأزمة عبر رفع أسعار الفائدة بصورة أسرع مما يستطيع الاقتصاد أو الأسواق المالية تحملها.