• الرئيسية
  • تقارير وتحقيقات
  • تخوفات من الانفلات الأمني في السودان عقب استقالة حمدوك.. خبير سياسي يضع سيناريو الخروج من الأزمة والمسار الآمن

تخوفات من الانفلات الأمني في السودان عقب استقالة حمدوك.. خبير سياسي يضع سيناريو الخروج من الأزمة والمسار الآمن

خبير سياسي يضع سيناريو الخروج من للأزمة والمخرج الآمن

  • 183
صورة أرشيفية معبرة

يعيش السودان الشقيق فترة صعبة على مختلف الأصعدة منذ أكتوبر الماضي عقب إعلان الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي، حل مجلسي السيادة والوزراء، وإعلان حالة الطوارئ، وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية، وزاد الأمر صعوبة بعد إعلان عبد الله حمدوك -أول رئيس للوزراء بعد الإطاحة بنظام البشير- استقالته فجر أمس الاثنين.

يتخوف الخبراء من استمرار حالة من الانفلات الأمني، لا سيما بعد شن السلطات الأمنية حملة أمنية موسعة في ولاية شمال دارفور لتطبيق حظر التجوال الليلي؛ كي تتعقب مجموعات إجرامية سطت بالسلاح على مخازن الغذاء العالمي ووزارة التربية وديوان الزكاة بالولاية؛ وأسفرت هذه الحملة عن ضبط عدد من الشاحنات والمخزونات المسروقة، وتقديم 80 بلاغًا ضد المتهمين، وضبط بعض المواد المنهوبة داخل شاحنات وأخرى موجودة في مخازن بالمدينة، كالزيوت والدقيق وغيرها.

على إثر ذلك علق برنامج الغذاء العالمي أنشطته في ولاية شمال دارفور بسبب عمليات النهب التي تعرض لها مقره في مدينة الفاشر، وأعلنت وزارة الخارجية السودانية القبض على 15 متهمًا، وفتح تحقيق بشأن تلك الحادثة الشائنة والمؤسفة.

هدوء وترقُّب

من جهته، قال حافظ بخيت، الأمين العام لحكومة ولاية شمال دارفور: "إن مدينة الفاشر استعادت الهدوء منذ مساء الجمعة وسط طواف ليلي مستمر لقوات تأمين المدينة"، وذلك بعدما نشرت السلطات الأمنية تعزيزات إضافية على جميع المواقع التي تعرضت للتعدي، وكذلك كل المرافق المهمة بعاصمة الولاية، بدعم من طلائع القوات المشتركة التي وصلت إلى الإقليم، تحسبًا لتكوين القوات المشتركة لحفظ الأمن والسلام.

وأضاف "بخيت" في تصريحات إعلامية: أن اللجنة الأمنية في الولاية اتخذت كل الترتيبات اللازمة لتعقب المتهمين، والتصدي لكل العناصر الإجرامية التي دخلت المدينة. مشددًا على أهمية حصر وتصنيف المجموعات المتعددة التي تنتشر في المدينة بصفتها أطراف موقعة على اتفاقية السلام؛ ما يؤدي إلى تنظيم وضبط الوجود العسكري المنظم لتلك الحركات ومنسوبيها؛ كي لا يختلط بهم المتفلتون ويتستروا تحت أزياء عسكرية مختلفة، منوهًا إلى أن الإعلان المفاجئ لإخلاء قوات "يوناميد" هو الذي أدى إلى دخول عدة خلايا إجرامية مدينة الفاشر.

مسلحون مجهولون

بدوره، قال محمداي عبد الله آدم، المدير التنفيذي في محلية مدينة الفاشر: تعرضت مخازن برنامج الأمم المتحدة للغذاء لعمليات نهب ممنهج من مسلحين بأسلحة خفيفة وثقيلة على عربات دفع رباعي وأخرى تجارية، واشتعلت النيران في المخازن. مشيرًا إلى اشتباك المسلحين مع قوة الحراسة المكونة من ثلاث عربات، وأنه عقب الحادث تدافع عدد من المواطنين –مع كل أسف- وشاركوا في نهب ما تبقى.

وأشار "آدم" في تصريحات إعلامية إلى أنه لا يُعرف حتى الآن هوية المسلحين، وتسعى السلطات الأمنية جاهدة لتحديدهم وضبطهم. مؤكدًا أن إعلان حظر التجوال في الفاشر هدفه تمكين الأجهزة الأمنية من السيطرة على الموقف. ومن جانبهم طالب سكان المدينة من والي شمال دارفور السيطرة على المشهد وإيقاف كل الخروقات الأمنية وضبط العناصر الخارجة عن القانون، ومنع حمل السلاح.

تبعات استقالة حمدوك

في السياق ذاته، قال د. أبو بكر فضل محمد، الباحث في الدراسات الاستراتيجية بمعهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بالخرطوم، إن استقالة دكتور عبد الله حمدوك أربكت المشهد السياسي في السودان، وجاءت في وقت البلاد في أشد حوجة له بصفته شخصية محورية طوال الفترة الماضية منذ سقوط نظام الإنقاذ بقيادة الرئيس السابق عمر البشير.

وأضاف "محمد" في تصريح خاص لـ"الفتح": أن المشهد في السودان عمومًا يزداد تعقيدًا نتيجة للفراغ الكبير الذي تركه حمدوك، والفجوة الكبيرة الموجودة بين فرقاء الفترة الانتقالية، وانعدام الثقة فيما بينهم، وتعارض الأجندات السياسية، والتوجه نحو الخيارات الصفرية، وكثافة التدخلات الخارجية في الشؤون السودانية.

وتابع: كما يزداد الشارع الثائر توهجًا وغضبًا بسبب استعمال سياسة العنف المفرط تجاه المحتجين من جانب القوى الأمنية والعسكرية، ومن المتوقع في غياب "حمدوك" زيادة استعمال القوة المفرطة تجاه الثائرين، وربما نشهد اعتقالات جديدة للقادة السياسيين والنشطاء من شباب الثورة.

وأردف الباحث والخبير في الشأن السوداني: المشهد الحالي يتلخص في أن "قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي" ترى ضرورة إبعاد المكون العسكري من المشهد لتأسيس رافعةً شعارات "لا شرعية، لا شراكة، لا تفاوض"، وكذلك تعمل هذه القوى لمعاداة أطراف السلام والوقوف في وجه مكتسبات السلام. في الجانب الآخر يعمل المكون العسكري على إضعاف روح الثوار وأهدافهم، علاوة على حماية رموز نظام البشير وأموالهم، والسعي للإتيان برئيس وزراء جديد خاضع لنفوذهم، وعرقلة تنفيذ الترتيبات الأمنية ودمج الجيوش وهيكلتها.

ولفت إلى أنه في المقابل توجد "قوى الكفاح المسلح" الموقعين على اتفاقية "جوبا للسلام" في السودان، وركيزتهم الأساسية هي استمرار الشراكة مع توسعة المشاركة السياسية؛ حتى يتسنى لهم تنفيذ اتفاقية السلام وإكمال عملية السلام بإلحاق عبد العزيز الحلو وعبد الواحد النور.

مخرج آمن

وشدد أبو بكر محمد على أن هذه معادلة ثلاثية الأبعاد للقوى السياسية والعسكرية في الأزمة السياسية الحالية ولكل حلفائها داخلًّيا وخارجيًّا، (المخرج الآمن، والأقل كلفة، والأقصر طريقًا) هو استمرار الشراكة فيما بينها لتجنيب البلاد الفوضى الأمنية والاحتقان السياسي والانزلاق نحو الهاوية.

واستطرد: قد يتم اختيار شخصية جديدة لتولي المنصب لكن في الغالب يشترط للعسكريين وجود توافق سياسي بين مكونات الثورة المختلفة كحد أدنى لضمان نجاحه، وقد يعود حمدوك للمنصب إذا توافق الفرقاء على ميثاق جديد.

وختم حديثه بأنه لتجنيب البلاد الفوضى الأمنية والتشرذم السياسي لا بد من بدء حوار سياسي دون شروط مسبقة بين فرقاء الفترة الانتقالية؛ بغرض الوصول إلى صيغة سياسية جديدة تعيد الشراكة إلى مضمارها، وتأسيس مؤسسات الفترة الانتقالية على ضوئها، وتنفيذ اتفاقية السلام، وإلحاق الآخرين بقطارها، وتنفيذ استحقاقات الانتخابات بتعديل القوانين، وإجراء الإحصاء السكاني، وإعادة اللاجئين والنازحين إلى قراهم؛ وحينها يمكن التوجه نحو الانتخابات.

يُذكر أن منظمات إنسانية أشارت إلى  رصد أكثر من 200 حادثة عنف في مناطق من ولاية شمال دارفور المختلفة خلال العام الماضي؛ نتج عنها مزيد من عمليات النزوح الجديدة. وقالت الوكالات الأممية إن "الوضع يزداد سوءًا، وسيحتاج نحو 6.2 مليون شخص يشكلون نصف سكان الإقليم إلى مساعدات إنسانية خلال 2022م".